أشاوس جيش التحرير الوطني لقنوا المستعمر درسا في الإقدام

معركة الجرف الثانية.. ملحمـة الانتصار..(2)

طارق عزيز فرحاني المركز الجامعي - بريكة

 

 

 

 

  تعد الكمائن من بين الأساليب القتالية الناجحة التي اعتمد عليها مجاهدو جيش التحرير الوطني بناحية تبسة، خلال مواجهتهم لوحدات الجيش الاستعماري الفرنسي، حيث أتاحت لهم الفرصة لتحقيق نتائج ميدانية باهرة وإلحاق خسائر فادحة في صفوف القوات الفرنسية، وَيُعَدُّ كمين المعرقب بضواحي جبل الجرف الذي نصبه المجاهدون في يوم 04 أفريل 1956 لأفراد قافلة عسكرية فرنسية، واحدا من بين هذه الكمائن الناجحة، جاء كرد رد فعل من القيادة الثورية على الانتهاكات والاعتداء التي كان جنود الجيش الاستعماري الفرنسي يقومون بها في حق المدنيين من ساكنة الجهة، وقد أدت النتائج التي حققها المجاهدون خلاله إلى نشوب معركة الجرف الثانية في الفترة ما بين 05 إلى 10 أفريل 1956.

 قبل المضي في تناول موضوع كمين المعرقب، يجب الإشارة إلى أن ثلاثة أسباب عامة دفعت بالقيادة الثورية لناحية تبسة إلى اتخاذ قرار يقضي بنصب هذا الكمين منها، المضايقات والتحرشات التي كان يقترفها الجنود الفرنسيون في حق المدنيين بالأراضي المتاخمة والمحيطة بالمركز العسكري الفرنسي بجبل الجرف، والذين استغلوا القوة المتوفرة لديهم للقيام بعمليات تفتيش لبيوت المدنيين والاستيلاء على ممتلكاتهم وحيواناتهم، ولم يكتفوا بهذه الانتهاكات، بل وصل الحد بهم إلى اقتحامها والاستيلاء على ما فيها من مؤونة، خاصة زبدة الحليب والتي تسمى محليا بـ»الدهان».
أما السبب الثاني فكان قيام الجنود الفرنسيين باستفزاز وقمع والاعتداء على العائلات العائدة من رحلة الانتجاع السنوية التي اعتادوا على القيام بها في منتصف فصل الخريف من أجل البحث عن المواقع الدافئة، والمراعي لقطعانهم في صحراء نقرين، جارش، الدخلة وغيرها، وإنهائها في مع بدايات شهر مارس من كل سنة، أين كانوا يعودون إلى أراضيهم، وكانت بعض هذه العائلات تمر خلال ذلك بقرب جبل الجرف والتخوم القريبة منه، فوجد الجنود الفرنسيون التابعون للمركز العسكري في ذلك العبور فرصة مناسبة لهم لمضاعفة اعتداءاتهم مستغلين التصريحات العدائية التي أطلقها الجنرال الفرنسي فانكسيم قبل أسبوعين من بداية المعركة، ضد ساكنة المنطقة، والتي أعلن فيها بأنه سيجد نفسه في مواجهة صعوبات بسبب صعود الرعاة الرحل من قبيلة النمامشة (حوالي 120 ألف الذين يستوطنون خلال فترة الشتاء على الحدود الشمالية للصحراء، ثم يصعدون في الربيع إلى جبال النمامشة) مضيفا أن منعهم من الحركة لا يمكن اعتباره إلا خطوة خطرة.
أما السبب الثالث، فهو أن الكمين جاء ليثبت لقيادة الجيش الاستعماري الفرنسي أن مجاهدي جيش التحرير الوطني، مستعدون في كل وقت لحماية المدنيين الجزائريين، ووضع حد للممارسات القمعية التي كان الجنود الفرنسيون يقترفونها في حقهم، بعد تصاعد العمليات التي كان الجيش الاستعماري الفرنسي يشنها في أنحاء متفرقة من التراب الجزائري.
بعد تفاقم الأمور وخروجها عن السيطرة، سارع المدنيون إلى تقديم عدة شكاوى بخصوص ما يتعرضون له إلى المجاهد القائد لزهر شريطو الذي استمع إليهم ووعدهم بالأثر والانتقام من الجنود الفرنسيين، وبناء على هذا الوعد، استدعى المجاهد القائد لزهر شريط قادة الفروع والأفواج المتواجدين بأرقو للاجتماع، وأطلعهم على شكاوى المدنيين ومطالبتهم بالثأرو والانتقام من جنود الجيش الاستعماري الفرنسي الذين دأبوا على الاعتداء عليهمو ونهبهم وسلب أموالهم وممتلكاتهم. وبعد دراسة الموقف من جميع جوانبه، قرر المجتمعون القيام بعمل عسكري حتمي رادع لهذه القوة المعتدية التي تعودت على استفزاز الموطنين ومضايقتهم.
ويؤكد المجاهد الطيب بن سلطان علوان في تصريحاته، بأن القيادة الثورية لناحية تبسة اتخذت هذا القرار عملا بمبدإ الشورى والاتفاق الجماعي مع القادة الميدانيين والمجاهدين، حيث يشير إلى ذلك بقوله: «اتفقنا على تنظيم هجوم على المركز العسكري بالجرف، ووقع الاختيار على مهاجمة وحدة تابعة للفوج الثاني للمشاة الاستعماريين، يتمركز أفرادها في جبل الجرف. وتسمى في المصطلحات العسكرية المستخدمة من طرف قيادة الجيش الاستعماري الفرنسي بالوحدة القطاعية، أي الوحدة المسؤولة عن مراقبة الجهة، وتشير جريدة «المجاهد» إلى أنّ أفرادها شبان ينحدرون من مدينة نانت الفرنسية.

التّحضير للعملية القتالية

 بعد اختيار الهدف المراد مهاجمته، تمّ تفعيل عنصر الاستطلاع باعتباره عنصرا مهما لتنفيذ مختلف العمليات القتالية، يساهم في جمع المعلومات الدقيقة عن تحركات العدو واكتشاف مواقعه المتقدمة والخلفية بغية مساعدة القائد على اتخاذ قرار سليم بناء على معلومات دقيقة ما أمكن، وتعريض القوات الصديقة للحد الأدنى من المفاجأة، حيث كلّف عدد من المجاهدين بتنفيذ مهمة استطلاع ورصد ومتابعة دقيقة لتحركات العدو، وضبط مواعيد خروجه ومعرفة عدد أفراده وآلياته، ولقد تمكّن أشاوس جيش التحرير الوطني من جمع معلومات دقيقة سمحت للقيادة بمعرفة المسالك التي تمر بها الفرقة المذكورة، وكذلك أوقات حلولها وحتى عدد جنودها ونوع أسلحتها وأسماء ضباطها. فلم يبق للمجاهدين سوى التهيؤ لها والاستعداد للقضاء عليها.
بعد التشاور والاتفاق، أسندت العملية العسكرية إلى الفوج الأول من الفرع الثاني الذي يقوده المجاهد جدي مقداد بن الحفناوي، وأسندت مهمة التغطية إلى فوج من الفرع الأول يقوده المجاهد بلحسين محمد بن علي، وقد قررا أن يقوما بنصب كمين محكم يستهدف القوات الفرنسية، وتمّ تبليغ هذا القرار إلى مجاهدي الأفواج التي كلفت بتنفيذ المهمة وفقا لتأكيد المجاهد بلقاسم بن محمد جدي الذي جاء فيه: «كنت أنشط في فوج المجاهد القائد مقداد جدي، أين علمت باتخاذ القيادة لقرار يقضي بنصب كمين للقوات الفرنسية، وتكلفينا بتنفيذ هذه المهمة».نشير هنا إلى أنّ المصادر التاريخية المتوفرة لدينا لم تسعفنا لمعرفة التعداد الكامل للمجاهدين الذين كلفوا بالمشاركة في نصب الكمين، لكننا وبالرغم من ذلك وصلنا إلى ضبط قائمة تحتوي على 25 اسما للمجاهدين الذين شاركوا فيه.
من المناسب - في هذا السياق - الإشارة إلى أن القيادة الثورية لناحية تبسة، اتخذت قرارها بإسناد قيادة الكمين إلى المجاهد مقداد بن الحفناوي جدي، بالنظر إلى توفر مجموعة من المعطيات في شخصه ولدى المجاهدين الذين كان يقودهم، خاصة أنه كان قائدا متمرسا، يمتلك في رصيده تجربة ثورية مميزة، من خلال انضمامه المبكر إلى صفوف المجاهدين في بداية شهر جانفي 1955، إضافة إلى أنه كان معروفا بشجاعته وحنكته وهذا ما أكسبه احتراما القائد لزهر شريط، حيث إنه ناداه في إحدى المعارك قائلا: «عمي مقداد اليوم عرس كبير فهات برهانك، ثم علق على نفسه بقوله: قلت لك عمي مقداد ليس لسنك وإنما لشجاعتك وإقدامك».
معرفة المجاهد القائد مقداد جدي الجيدة بتضاريس وجغرافية الموقع الذي اختارته القيادة ليتم نصب الكمين فيه، باعتبار أنه نشط فيه لمدة من الزمن، إضافة إلى ثقل المسؤوليات التي تقلدها، ولعل أبرزها تعيينه نائبا للقائد الشهيد حمة لخضر السوفي، التي سمحت له بالمشاركة الفعالة في معركة غوط هود شيكة بصحراء واد سوف أيام 09-10-11 أوت 1955، والتي عاد منها سالما مع مجموعة من المجاهدين المشاركين فيها، هذا ما سيمنح أفضلية للمجاهدين لاختيار المواقع المناسبة لتمركزهم، وكذلك ستمنح للمجاهدين المكلفين بالاستطلاع وجمع المعلومات فرصة لرصد تحركات الوحدة المستهدفة، واختيار المواقع الآمنة للانسحاب من خلالها بعد نهاية الكمين.
بعد هذه المرحلة انتقلت القيادة الثورية إلى اختيار الموقع الذي سيتم فيه استهداف أفراد الوحدة الفرنسية، وبعد دراسة للأرض التي سينفذ فيها الكمين، وقع الاختيار على المكان المسمى المعرقب والذي يقع بين جبلي أرقو والجرف، أين تتوفر به المنعرجات والسواتر التي تساعد على الإخفاء والتمويه وعلى الانقضاض المفاجئ على العدو، إضافة إلى أنه يتوفر على عدة خصائص استراتيجية تساعد المجاهدين على تنفيذ مهمتهم بطريقة مثلى، ويتضح ذلك من خلال تواجده في موقع يتوسط جبلي الجرف وأرقو، وقربه من المركز العسكري الفرنسي بجبل الجرف، والاستفادة من هذا العامل لصالح المجاهدين، باعتبار أن الجنود الفرنسيين لم يسبق لهم في الأشهر التي تلت بناء المركز أن وقعوا في كمين بالضواحي القريبة من المركز، بالرغم من تعرضهم لهجومات عديدة من طرف المجاهدين الذين طبقوا في هذا الكمين قاعدة مغايرة تعتمد على الضرب في عقر الدار.
وتسمح جغرافية جبل أرقو بالانسحاب والخروج من دائرة الكمين بشكل آمن، وتفادي الهجومات المضادة من طرف وحدات الدعم والإسناد الفرنسية في حال قدومها لفك الحصار على الوحدة المحاصرة.

تنفيذ كمين المعرقب

 بعد ضبط كل الترتيبات، تمّ عرض خطة الكمين على القائد لزهر شريط الذي وافق عليها وحدد تاريخ تنفيذها، وتمت إحاطة المجاهدين الذين وقع الاختيار عليهم بالمشاركة في الكمين بجميع التفاصيل، وهذا ما عبّرت عنه جريدة «المجاهد» بالقول: كان جميع رجالنا محاطين علما بتفاصيل العملية التي عزمنا على القيام بها، إذ إن من مبادئ جيشنا الفتي أن يعرف دائما المكافحون مقصدهم، وماذا ينتظر منهم رؤساؤهم، وكثيرا ما تدرس تصاميم الوقائع وتهيأ مراحلها بمحضرهم ومشاركتهم الفعلية. وبعدما زود الضباط والمندوبون السياسيون المجاهدون بتعليماتهم الأخيرة التحق كل رجل بمركزه.
انقسم المجاهدون على مجموعتين عبر جهات وادي اهلال بمياهه المتدفقة، فتمركز أفراد المجموعة الأولى في شرق الوادي، أما أفراد المجموعة الثانية فتمركزوا في غرب الوادي، ما يضع الوحدة العسكرية الفرنسية المراد مهاجمتها بين طوقي كماشة، ثم نصبوا الرشاشات والبندقيات الرشاشة والمدافع الصغيرة بعدما احتل رماتنا المهرة أنسب المواقع بأعلى الجبال والصخور ليزرعوا - كما هي عادتهم - الفزع في صفوف مرتزقة الاستعمار، فلم يبق علينا إلا انتظار العدو الذي كنا نتوقع وصوله من حين إلى آخر، وقد واصل المجاهدون تمركزهم في موقع الكمين لمدة ثلاثة أيام كاملة، تحلوا خلالها بالصبر وانتظروا مرور القوات الفرنسية، التي تأخرت في القدوم ولم تأت إلا في اليوم الرابع.
على الساعة العاشرة من صبيحة يوم 04 أفريل 1956، أبلغ أفراد مجموعة الرصد الذين كانوا على مقربة من موقع المجاهدين، بأن قافلة يقدر عددها بفصيلة مشاة محمولة على ثلاث شاحنات (G.M.C)، تتقدمهم عربة مصفحة وسيارة جيب، قد خرجت من المركز العسكري بالجرف، وهي تتقدم في اتجاه منطقة الكمين وعلى نفس الطريق الذي تعودت أن تسلكه في كل مرة عندما تخرج للاعتداء على المدنيين العزل من سكان الجهة، فأصدر قائد الكمين أوامره للمجاهدين في الحال للتهيؤ والاستعداد لبدء إطلاق النار، فأمسك كل مجاهد سلاحه، ووضع يده على الزناد في انتظار دخول القافلة الفرنسية إلى الموقع.
وعن الظروف التي وقع فيها الكمين كتب الجنرال فرانسوا كان ما يلي: في يوم 04 أفريل 1956، كانت قافلة تابعة للفوج الثاني للمشاة الاستعماريين 2RIC متوجهة إلى مركز الجرف، فوقعت في كمين في وادي اهلال المخيف.
أما المجاهد محمد العربي براهمي، فقد كتب واصفا اللحظات التي سبقت بداية الكمين:..»وشيئا فشيئا، بدأنا نسمع دوي المحركات يقترب منا، ولم يطل انتظارنا حتى ظهرت في الأفق أمامنا سيارة جيب، وخلفها عربة الاستطلاع المصفحة ثم شاحنات (G.M.C) الثلاثة تتقدم بسرعة بطيئة وبفواصل متقاربة في اتجاهنا وعند وصولهم وتغلغلهم في وسط الكمين، علت صيحة الله أكبر، أضرب..فتكلم البارود ورميت القنابل اليدوية على الأعداء، فسقطت داخل عربتهم المدرعة وشاحناتهم وانفجرت في وسط ركابها فكثر صراخهم، وعلا صياحهم.
من جانبها، وصفت جريدة «المجاهد» هذه البداية بالقول: «..فما هي إلا برهة، توالت فيها نظراتنا على ساعاتنا حتى طرق أسماعنا دوي المحركات، وقد ردّدته أصداء ذلك الوادي العميق العاري من كل نبات. نعم لقد تحققنا أن العدو على وشك الوصول وكان رجالنا إذ ذاك متربصون له في صمت..ولم يلبثوا أن سمعوا صوتا استرعى انتباههم ووجه أبصارهم نحو العدو وقد بدت طلائعه، نعم الكل انتظر آذاناً طلع من أعلى ربوة وأخذوا ينتظرون آذانا آخر ليطلقوا نيرانهم فما هي إلا لحظة حتى سمع الآذان ودوت الجبال الطلقات الرماة الأحرار، فانصب الرصاص على الأعداء فتطلعت سياراتهم وشبت بها النيران من كل جانب واختلط الحابل منهم بالنابل».
تسبّب عنصر المباغتة والمفاجأة الذي اعتمد عليه المجاهدون في تشتيت تركيز الجنود الفرنسيين، حيث لم يطلقوا رصاصة واحدة من طرفهم لصد الهجوم بسبب ارتباكهم وعجزهم عن فهم ما وقع لهم، أين وجه لهم المجاهدون ضربات حاسمة وقاتلة، فخرج إذ ذاك رجالنا من مكامنهم واستولوا على كمية عظيمة من الأسلحة، وأظهروا بطولاتهم الفردية وفي هذا الشأن، نجح المجاهد بلقاسم بن الخضر بناني من استرجاع سبع بنادق من بنادق الجنود الفرنسيين القتلى من بينها: بندقية فيزي ماص بندقية ماص 49 التي كان المجاهدون يسمونها عشاري أتوماتيكي، بندقية موسكوتون رباعي بندقية تسوعي، إضافة إلى المجاهد بلقاسم جدي الذي تمكن بدوره من استرجاع بندقية ماص 36، وعن الكيفية التي استطاع من خلالها أن يسترجع هذه البندقية بها يقول: توقفت شاحنة عسكرية فرنسية في موقع قريب من الموقع الذي تمركزت فيه، فشاهدت بندقية معلقة بها، فتركت رفاقي وغادرت موقعي ركضا حتى استرجعها، وقطعت مياه الوادي المتدفقة، وصعدت فوق كهف ترابي، ولما هممت بالصعود إلى الشاحنة شاهدت جنديا فرنسيا كانت متمركزا أسفل الشاحنة وهو يوجه لي بندقية من نوع ماص 36، فنظرت إليه ونظر إلي، في أثناء ذلك انهار الكهف الذي كنت أقف أعلاه، وبسرعة خطفت البندقية من يديه لكنه احتفظ بالجزئي الخشبي منها. في حين ترك رفاقي مواقعهم وتقدموا من المواقع التي يتواجد بها الجنود الفرنسيون، وسقطنا جميعا في مياه الوادي، ولما نهضت من موقع سقوطي قمت بفتح البندقية التي وجدتها فارغة من الذخيرة الحية، وقمت بتسليمها للمجاهد أحمد العشي.
أسفر كمين المعرقب الذي لم تتجاوز مدته عن 25 دقيقة، عن تحقيق مجاهدي جيش التحرير الوطني لنصر جديد على حساب وحدات الجيش الاستعماري الفرنسي التي منيت بهزيمة ساحقة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024