قدوة في الدفاع عن الوطن.. مقاومة الشيخ بوعمامة

مسار بطولي ضـد احتلال فرنسا للصحراء لربع قرن

تمكنت المقاومة الشعبية للشيخ بوعمامة بالجنوب الغربي للوطن من ضد احتلال المستعمر الفرنسي للصحراء الجزائرية لمدة ربع قرن وكبدته خسائر كبيرة عبر مسار أحداثها الحافل بالبطولات والمواقف الباسلة.
أبرز الأستاذ والباحث الجامعي في تاريخ الجزائر برشان محمد أن مقاومة الشيخ بوعمامة، التي يحيي يوم 27  أبريل الذكرى 141 لاندلاعها هي فخر واعتزاز لكل الجزائريين وقدوة للأجيال في الدفاع عن الوطن والنهوض بمقوماته الحضارية والثقافية والدينية.
مثلت ثورة الشيخ بوعمامة تحدّيا كبيرا لسياسة الجمهورية الفرنسية الثالثة التي كانت ترمي إلى إتمام عمليات الاحتلال الشامل للجزائر، بعد أن نجحت هذه المقاومة الباسلة في الوقوف في وجه المشاريع الاستعمارية الفرنسية في الجنوب الغربي الجزائري، يضيف نفس المتحدث.
وبلغت مقاومة هذه الشخصية التاريخية الفذة واسمه محمد بن العربي بن الشيخ بن الحرمة بن محمد بن إبراهيم بن التاج (1830ـ 1908) أصيل منطقة مغرار التحتاني (ولاية النعامة) مستوى التنظيم إلى حد تشكيل قوة عسكرية وهيكلة جيش كبد المستعمر بجنرالاته المتوالين من طومسون إلى ليوتي هزائم مريرة ودروسا تاريخية.
وقد أحدثت معركة تازينة الكبرى والمعارك التي قادها الشيخ بوعمامة خلال المسيرة الكبرى نحو التل وحرب السكة الحديدية صدى شعبيا وإعلاميا كبيرا.
وقد ذاع صيت مقاومة الشيخ بوعمامة، التي توصف من أقوى المقاومات الشعبية ضد المستعمر الفرنسي، خلال القرن التاسع عشر، بعد تلك التي قادها الأمير عبد القادر، وانضمت إليه عشرات القبائل، مما جعل السلطات الاستعمارية الفرنسية تركز اهتمامها لتخمدها.

مجازر مروّعة ارتكبها الاحتلال الفرنسي

ولجأ المحتل إلى استقطاب قوى هامة تحت لواء كبار الضباط والعمداء، ومنهم الكولونيل اينوسونتي والجنرال دوتري من أجل كبح الانتصارات والانتشار والصدى الكبير الذي حققته المقاومة الشعبية واتساع رقعتها.
وقد ارتكب جيش الاحتلال الفرنسي مجازر مروعة من أجل إخماد لهيب هذه المقاومة على غرار ما اقترفه ضد سكان الشلالة الظهرانية (ولاية البيض)، وفق ذات المصادر.
ومن جهته، ذكر أستاذ التاريخ بالمركز الجامعي للنعامة رميثة عبد الغني أن مسار مقاومة الشيخ بوعمامة تميز بتنظيم عسكري محكم ووضعه لخطط حربية مدروسة، انطلاقا من قلعته التي شيّدها بمغرار التحتاني وأحاطها بـ 32 برجا مع بناءه لساعة شمسية لتنظيم الحراسة ومعمل لتحضير البنادق وصناعة الذخيرة، وكذا شرائه لأسلحة من صنع ألماني وإسباني.
وفي أولى مواجهاته الحربية ضد المستعمر في 27 أبريل 1881 في معركة «تاغوت» بصفيصيفة والتي تلتها المعركة الكبرى «تازينة» في 19 ماي 1881 بمنطقة الشلالة حقق الشيخ بوعمامة انتصارات باهرة وخاض معارك أخرى منها تاغيت وجنان الدار والمنقار وخلف الله وشط تقري وفندي والتي تكبد خلالها جيش المستعمر الفرنسي خسائر بشرية ومادية كبيرة.
في هذا الصدد، قال الرائد مارني قائد الجيش الفرنسي آنذاك «كان الشيخ بوعمامة يحارب بشجاعة خارقة للعادة وكان عساكرنا ينظرون إليه وهو يحارب كبطل أسطورة... وكان الرصاص يصب حوله ولكنه لم يصبه».
وتشير شهادة سالم فرجي أحد مجاهدي مقاومة الشيخ بوعمامة الذي كان يبلغ من العمر 114 سنة في عام 1981 والذي سجلت شهادته بمناسبة الذكرى المئوية لمقاومة الشيخ بوعمامة إلى حدوث 12 معركة كبرى و22 اشتباكا، وذلك طول مدة هذه المقاومة.
خلصت البحوث والدراسات التاريخية التي تناولت مقاومة الشيخ بوعمامة أنها ثورة، وإن لم تحقق أهدافها في طرد الاستعمار من المنطقة لعدة عقبات فقد أثبتت قدرتها الخارقة على صد التوسع الاستعماري في المنطقة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024