ارتبط إسم الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس بالعلم، عرف بأسماء وصفات كثيرة: المصلح الثوري، الشاعر الصحفي، العالم المفسر، المعلم المربي، الكاتب السياسي، ومناضل من أجل العروبة والإسلام.
كان ابن باديس فقيها ومحبا للشعر، له العديد من الدواوين، زاهدا في الدنيا. عندما توفي ألقى الشيخ العربي التبسي خطابا تأبينيا قال فيه: «لقد كان الشيخ عبد الحميد بن باديس في جهاده وأعماله هو الجزائر كلها.. فلتجتهد الجزائر بعد وفاته أن تكون هي الشيخ عبد الحميد بن باديس».
من أشهر أقواله:
- «إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله إذا كانت لهم قوة، وإذا كانت لهم جماعة منظمة تفكر وتدبر وتتشاور وتتأثر وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة».
- «إقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية مجردة بلا نظر جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة تفنى الأعمار قبل الوصول إليها».
- «شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب.. من قال إنه حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب».
اتخذ العلامة ابن باديس من الجامع الأخضر بقسنطينة مركزا لنشاطه التربوي، وكان أكثر من 300 طالب، يحضر دروسه.
راسل ابن باديس علماء الزيتونة والأزهر للحصول على منح دراسية لطلبته، وأرسل بعثات طلابية إلى القاهرة وتونس ودمشق، ونظم حفلا كل عام لإستقبال المتخرجين بتفوق وتكريمهم، وكان ينشر أسماءهم في مجلة الشهاب تحت عنوان: «نجوم الجزائر» تشجيعا لهم وتعريفا بهم.
اهتم العلامة الفقيد بتعليم الفتيات وكان له مشروع لإرسال مجموعة منهن إلى دمشق، بعدما اتفق مع إحدى الأخوات هناك، لكن الموت أدركه قبل تنفيذ هذا المشروع، بحسبما أكده الباحث سعدي بزيان في تصريح لـ «ذاكرة الشعب».
يقول بزيان: «أنا تلميذ معهد عبد الحميد بن باديس قبل وأثناء الثورة، وبعد استرجاع السيادة الوطنية أصبحت مدرسا بالمعهد».
ويضيف: «ابن باديس كان له مشروع لإرسال مجموعة من الفتيات، واتفق مع إحدى الأخوات في دمشق للقبول بتدريسهن، لكن أدركه الموت قبل تطبيق البرنامج».
ويشير خريج معهد بن باديس إلى أن البرنامج الذي كان يدرس بالمعهد هو نفس برنامج جامع الزيتونة، وكانوا يدرسون أمورا وطنية لا توجد في الكتب وتعرفوا على أفكار العلامة والشيخ البشير الإبراهيمي والرجال الذين صنعوا مجد الجزائر.
ونيسي: أعتز بكوني ثمرة كفاح الشيخ العلامة
أعربت الوزيرة السابقة زهور ونيسي عن إعتزازها بأنها ثمرة من ثمار كفاح العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، وخريجة أول مدرسة للتربية والتعليم بقسنطينة بشهادة ابتدائية، وعضو مؤسس لجمعية عبد الحميد بن باديس. واعتبرت تسليم الأشياء الشخصية للعلامة بن باديس بالمبادرة الجيدة التي لديها بعد مستقبلي تستفيد منه الأجيال.
تقول: «عندما يقرأ التلاميذ عن ابن باديس في المدارس ثم يزورون المتحف ويجدون تراثه، هذا يؤكد وجود هذه الشخصية العظيمة، ورمز الوطنية في الجزائر».
وتضيف: «عنده بعد كبير في تكوين النشء والإنسان الجزائري».
وتشير ونيسي إلى أن أختيها (أكبر منها) درستا بمعهد ابن باديس وعيّنهما معلمتين للغة العربية في قسنطينة، ولم تلتقه السيدة زهور، لأن عمرها آنذاك كان قرابة ثلاث سنوات. تعرف حركته الإصلاحية، لأن العائلات في قسنطينة كلها كانت تنتمي للحركة الإصلاحية لبن باديس.
لم يكن يفاضل بين تلاميذه
يقول شقيق بن باديس، في رد على سؤال «ذاكرة الشعب» حول أهم شيء ميز شخصية بن باديس.
«هو عدم التفضيل بينه وبين الطلبة عندما إلتحق بمدرسة التربية والتعليم، كانوا يعاملون على قدر من المساواة».
ويضيف: «كان يرسل الي كتبا لقراءتها بواسطة الشيخ أحمد بوشمال كي لا أشعر أني مفضل عن الطلبة، الأول حول كليلة ودمنة، والكتاب الثاني حول حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وكتاب آخر حول كمال أتاتورك».
وأعرب عبد الله عثمانية، أحد طلبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عن شعوره بالإعتزاز عندما سلم شقيق بن باديس أغراضه الشخصية للمتحف الوطني للمجاهد، وقال: «شعوري بالشرف والكرامة بالنسبة للجزائريين الذين استطاعوا الاحتفاظ بلباس وأشياء بن باديس».
ويضيف: «هذا ولي الله الصالحين، إنسان خلقه الله من أجل العلم أدى ما عليه وتوفي وهو يقول: أقضي سوادي وبياضي على الجزائر «أي شبابه وشيخوخته».
أطروحات أوروبية
يؤكد البروفيسور علي تابليت أن العلامة شخصية فريدة من نوعها في الجزائر.
قرأ عديد الدراسات الأوروبية والأمريكية التي ألفت، كتب وأطروحات عن الشيخ عبد الحميد بن باديس، منها أطروحة في المستوى بكندا.
إضافة إلى الكثير من المقالات باللغة الإنجليزية حول حياة ابن باديس والتي ترجمها البروفيسور تابليت. كلها إشادة بابن باديس وأعمال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأعضائها وكيف كانت تحاصرهم الإدارة الإستعمارية. يقول: «ترجمت بحث نشر في جامعة كاليفورنيا والدموع تنزل بسبب ما كتب عن دور الجمعية وأعضائها في الثورة». ويشير إلى أن الذين يدعون أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لم تشارك في الثورة، لا وطنية لهم.