ككل سنة تعود ذكرى 19 مارس للاحتفال بها من خلال استرجاع تفاصيلها من أفواه رجال كانوا أحد صناعها، على مدار 60 سنة ومنذ الاستقلال يتم سرد كل أحداثها القبلية والبعدية جعلت منها عيدا للنصر.
اليوم وكما بالأمس هناك تحديات ورهانات متعددة سياسية، اقتصادية واجتماعية لا تنحصر حدودها في تضاريس جغرافية، بل هي سنوات عجاف يمر بها العالم، هي بمثابة مخاض عسير لولادة نظام جيواستراتيجي عالمي جديد تختلف فيه معادلة الهيمنة الأحادية على دول لم تكن موجودة عند تقاسم «كعكة» هيئة الأمم المتحدة.
الجزائر راهنت على إيمانها الراسخ بقوة مطلبها في الحرية والمساواة على كامل ترابها، لم تثنها القوة العسكرية الرابعة عالميا ولا حلف «الناتو» ، ولا حرب باردة استنزفت ما تبقى من الحرب العالمية الثانية من قوة وذخيرة.
أصرت وتحدت وفاوضت بِنِدِية لا يعرفها إلا أحفاد الأمير عبد القادر و»لالا نسومر»، أذهلت غريمها الفرنسي بيقظة المتمرس في السياسة، أفشلت ألاعيب فرنسية حاولت الظفر بالصحراء الجزائرية، لكن من وصفوهم بـ «مبتدئي السياسة» وقفوا في وجه ما بطنوه من دهاء وحيلة في تلاعب مكشوف بين ظاهر مفاوض وباطن يحترف «اللصوصية» التاريخية تجاه جزء لا يتجزأ من الجزائر.
فما «أشبه الليلة بالبارحة» في عمر الدول وما أشبه رهانات الأمس باليوم، مع تزايد الأطماع في الجزائر كموقع استراتيجي ودور إقليمي ودولي محوري، تحاول بكل قوتها استهداف سيادتها واستقلالها دون إطلاق رصاصة واحدة، والكل مطلع على الضغوط التي يمارسها صندوق النقد الدولي لجر الجزائر نحو خيار الاستدانة الخارجية، وهو التخطيط المبطن لتجريدها استقلالية اتخاذ القرار.
تعيش الجزائر ضغوط التموقع في قضايا عالمية بالرغم من أن كل دول العالم تعرف وتعي مبادئها في علاقاتها الدبلوماسية المبنية على الحياد، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومساندتها للقضايا العادلة كالقضيتين الفلسطينية والصحراوية.
الجزائر اليوم أمام رهان أول نوفمبر جديد تخوض فيه خطوات ثابتة في الرقي والتقدم، لتحقيق ما بقي من آمال وأحلام سال من أجل تحقيقها دم أكثر من 5 ملايين شهيد.
ينبغي اليوم تجاوز اللحظة باستشراف المستقبل بعيدا عن النظرة الضيقة بكل موضوعية، لأنها السبيل لبناء جزائر جديدة وضعت أساساتها الأولى، منذ حراك شعبي هب فيه الشعب الجزائري لإعادة الوطن الى السكة الصحيحة.