قدّمت عائلة فنيش المنحدرة من بلدية مفتاح أقصى شرق ولاية البليدة ثلاثة من أبنائها في ريعان شبابهم شهداء للوطن في سبيل استقلال الجزائر.
ضحت عائلة فنيش التي كانت تقطن بقرية سيدي حماد بمفتاح بثلاثة شهداء من أبنائها فداء للوطن، حسب تصريح لمديرية المجاهدين وذوي الحقوق لوكالة الأنباء الجزائرية، تزامنا واليوم الوطني للشهيد، إذ استشهد اثنان منهم، أحمد ومحمد، في سنة واحدة وسنهم لم يتجاوز 26 سنة ليلتحق بهما بعد سنة شقيقهم الأصغر الشهيد رابح في سنّ 19 سنة.
ولد الشهيد أحمد فنيش الأخ البكر ابن محمد وشريفة شرفي، يوم 3 أفريل 1933، بقرية سيدي حماد، والذي حرص والداه في بداية دراسته على تعليمه القرآن الكريم، لينتقل بعدها إلى الجزائر العاصمة لحضور ومجالسة الشيوخ بجمعية العلماء المسلمين.
وكان الشهيد الذي انضم أيضا إلى حزب الشعب ولمنظمة الخاصة، مساهما فعالا في هذه الجمعية التي كانت تعقد بها جلسات التحضير والإعداد للثورة، وكانت مهمته نشر المنشورات ليلا، وكان أيضا الناطق باسم سي عمر (المكلف بتنظيم العمل المسلح على مستوى منطقة مفتاح) لمخاطبة المواطنين بالنظر لفصاحة لسانه، ولاحقته السلطات الفرنسية بعد أن اكتشفت اسمه الثوري “سي بوزيد” سنة 1956 غير أنها لم تمسك به.
ومن أبرز بطولاته، الهجوم على مراكز القوات الفرنسية بالمنطقة ونصب كمين لدورية عسكرية بالطريق الرابط بين مدينة مفتاح ومستشفى المدينة في شتاء 1957، بالإضافة إلى الهجوم على مراكز القوات الفرنسية بقرية زيان بذات البلدية، سنة 1958.
وفي نهاية 1956، تولى مسؤولية القسم الثالث بالناحية الثالثة بالمنطقة الأولى للولاية الرابعة ليسقط شهيدا، يوم 28 جانفي 1959، بمنطقة الحواشين ببلدية الأربعاء (شرق)، حيث كان يعقد اجتماعا سريا دام يومين شارك فيه عدد من المجاهدين بما فيهم الشهيد أحمد فنيش وكذا هاشمي شريف (مسؤول الناحية) وقصار علي وطبيب محمد، فداهمتهم قوات العدو وألقت القبض على عدد منهم وقتلت آخرين.
وكان محمد، الأخ الأصغر لأحمد، المولود بتاريخ 4 جانفي 1935، يساعده في نشاطاته الثورية ضد الاحتلال، علما أنّ الأخوين التحقا بالمدرسة القرآنية لحفظ القرآن وتعلم أصول اللغة العربية.
وفي سنة 1955، استدعت السلطات الفرنسية محمد فنيش لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية، لكن أعفي منها لأسباب صحية وعقب مرور ثلاثة أشهر بدأ في تعلم فنون القتال واستعمال السلاح ليلتحق بعدها بالثوار.
وعلى غرار أخيه، تقلد الشهيد محمد فنيش عدة مسؤوليات طيلة مساره النضالي، بحيث كان مسؤولا سياسيا وعسكريا للناحية الثالثة للمنطقة الأولى للولاية الرابعة بالرغم من صغر سنه، ليسقط هو الآخر في ميدان الشرف بضواحي تابلاط، بالمكان المسمى أولاد عمر سنة 1959، نفس السنة التي استشهد فيها شقيقه الأكبر محمد.
وبالرغم من فقدانها لإبنيها خلال سنة واحدة فقط، لم تتردد عائلة فنيش في تشجيع ابنها الثالث لمواصلة الكفاح وتجنيده للعمل الثوري وهو الشهيد رابح من مواليد يوم 16 جانفي 1941، الذي التحق بالمدرسة الحرة التابعة لجمعية العلماء المسلمين، بحيث كان يكلف ببعض النشاطات النضالية رفقة أخويه البطلين كنقل الأدوية.
واعتقل رابح فنيش سنة 1955 إثر مشاركته في عملية تخريب محاصيل المعمرين، ليواصل نضاله الثوري بعد إطلاق سراحه، أين نفذ العديد من العمليات ليسقط شهيدا سنة 1960 وسنّه لم يتجاوز 19 سنة رفقة الشهيد صاف الصادق وشهيد آخر، وهذا عقب مشاركتهم في اشتباك قويّ ضد قوات العدو بالمكان المسمى الحماميش بضواحي مفتاح.