الباحث في التاريخ، فؤاد سوفي:

دولة الاحتلال كانت عنصرية حتى النخاع

اعتبر الباحث في التاريخ، فؤاد سوفي، أن دولة الاحتلال الفرنسي كانت “عنصرية حتى النخاع” في الجزائر، متأسفا “لنكران هذه الدولة ورفضها” الاعتراف بجرائمها العديدة ومن بينها مجازر 17 أكتوبر 1961 في فرنسا التي راح ضحيتها عشرات المهاجرين الجزائريين.
صرح الأستاذ سوفي لوكالة الأنباء الجزائرية، قائلا: “كفانا سذاجة. لقد كانت دولة الاستعمار الفرنسي عنصرية حتى النخاع في الجزائر، إذ كانت تخدم بصفة أساسية الأقلية الأوروبية”. وأما عن السكان المحتلين، يضيف الباحث، “فقد كان مصيرهم - مثلما ذكر أوليفيي لو كور غراندميزون - الاحتلال والإبادة”.
وبالتطرق للسياق الذي جاءت فيه المظاهرات السلمية، “على عكس المناخ العام” الذي كان يسود العاصمة باريس ومناطق أخرى من فرنسا، ذكر الأستاذ سوفي أن “عناصر الشرطة الباريسية كانوا قد تلقوا تعليمات من مسؤوليهم”، خاصة وأنهم كانوا هدفا في الأسابيع التي سبقت المجازر لهجومات تبنتها المنظمة الخاصة بسبب المعاملة العنصرية للجزائريين.
وأدت هذه الهجومات إلى تشديد المراقبة وشن حملة من التوقيفات والضرب، حسب سوفي، الذي قال إنه “ليس عدد القتلى ما يحدد ما إذا كان حدث ما مأساويا أكثر من غيره ويجعله مجزرة”.
واستشهد الباحث في هذا السياق، بما اقترفته، شهر أبريل 1962، منظمة الجيش السري التي اغتالت 17 شخصا بوهران كانوا يختبئون بأحد المرائب، إضافة الى النساء (10) اللواتي تم اغتيالهن في منطقة الأوراس من طرف الجيش الفرنسي ورُميْـن بعدها في البئر، مؤكدا ان “هذه الأحداث تعتبر أيضا مجازر ولكنها اختفت تماما من تاريخنا”.
واستطرد الباحث قائلا، “أعتقد انه لمعرفة تاريخنا جيدا، لا يجب ان نكتفي بعدّ ضحايانا، بل يجب علينا معرفة أسمائهم”.
ويتعلق الأمر، حسب ذات المتحدث، بطرح التساؤلات حول الظروف والمرتكبين والخوض في الأحداث المتعلقة بتواجد الاستعمار الفرنسي في الجزائر، متأسفا لكون “فرنسا - وبالأخص فرنسا الاستعمارية وفرنسا التي يلازمها الحنين لا تزال، من بعد 60 سنة أو بالأحرى 191 سنة لأن أولى المجازر حدثت سنة 1830 - رافضة الاعتراف بجرائمها وناكرة لها”.
وأشار إلى أن “مبدأ المصلحة العليا للدولة كثيرا ما يسود في فرنسا”، مبرزا ثقل الرأي العام والمنتخبين الفرنسيين، معتبرا أن نزاع الذاكرة بين البلدين إنما هو “تعبير عن نزاع بين ذاكرتين وطنيتين”، ضاربا في ذات الصدد مثل النزاع بين تركيا واليونان من جهة، والنزاع بين اليابان والصين وكوريا الجنوبية من جهة أخرى.
وفي تعليقه على الخرجة الإعلامية الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال الباحث إن “الفرصة مناسبة للتذكير بأن علبا كاملة من أرشيف الدولة الجزائرية أنتج قبل 1830 هي متواجدة إلى حد الساعة في فرنسا. وقد أشار إلى هذا الموضوع أحد مديري الأرشيف الوطني منذ أكثر من عشرين سنة، قبل أن يؤكد ذلك بنجامين ستورا في تقريره للسيد ماكرون”.
واسترسل المؤرخ الحديث حول إشكالية الأرشيف، مشيرا إلى “الفرق الشاسع” القائم بين الأعمال التي تمت حول الذاكرة والتاريخ في الجزائر، مقارنة بتلك المكتسبة خلال الاستعمار، داعيا بالتالي إلى منح هذه المسائل “مكانتها الحقيقية” من أجل “تطويق الهوية الوطنية التي تبقى تبرز كلما فتحت مثل هذه النقاشات”.
واستطرد صوفي بالقول، إنه “بفضل الشهادات والدراسات المقدمة من طرف الفاعلين ومسؤولين في فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، وبفضل الأعمال الجديدة للمؤرخين، أصبح بإمكاننا المواصلة على نفس المنوال”، متمنيا في الأخير “إمكانية اطلاع الجميع” على هذا الأرشيف.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024