مذكرات اللواء بن معلم

شاهـد عيان لثورة عظيمة

جمال أوكيلي

استحضر اللواء حسين بن معلم في الجزء الأول من مذكراته  “ حرب  التحرير الوطنية” ،الوقائع والأحداث التاريخية” كماعايشها عن قرب ،واصفا ذلك في الصفحة التاسعة بواجب الادلاء بشهادة موضوعية” وهو عنوان التوطئة التي مهدت فيما بعد لتناول محطات حاسمة لسيرورة الثورة  وصانعيها،
انطلاقا من المهام التي كانت مخولة لهذا المجاهد كونه لم يستعمل  أسلوب التلميح بقدر ما اعتمد على التشخيص لتنوير كل من يرغب في الاطلاع على هذا المرجع وهذا في حد ذاته دليل قاطع على أن التعامل مع الحادثة أو المعلومة التاريخية، يستند إلى شهادات حية ومثيرة أيحانا لم نتعود عليها في أدبياتنا لاتسيء إلى أحد بقدرما تصنف ماجرى في خانة معينة يعود فيها الحكم إلى القارئ، لذلك لم يعتدم بن معلم على كثرة الأرشيف أو المبالغة في أقوال الآخرين تفاديا لما يعرف بالمرجع الأكاديمي ،الذي يعتمد على المنهجية العلمية في سرد الأحداث ـ أو هو بصدد إعداد بحث معين ـ وإنما استعان في ذكر مسائل معينة بالعودة إلى “ نصوص” مقتبسة من مذكرات أخرى رأى فيها بأنها تستحق الوقوف عندها لتدعيم وتعزيز أبعادها.
لذلك كان الشغل الشاغل لمعد هذه المذكرات “إجبارية تأسيس الذاكرة “ ،والأكثر من هذا فإن بن معلم يكون قد تأثر لما قرأه في كتب أخرى عن أشياء أراد تصحيحها، لأنه عاشها خلافا لما أورده البعض في اجتهاداتهم،  وفي هذا الصدد يقول ـ  بأن التاريخ ليس ملكا لشخص معين والحقيقة التاريخية لايمكن أن تكون حكرا على حفنة من الفاعلين..
موضحا في هذا الشأن بأن الحقيقة في متناول كافة الذين يساهمون في إثرائها بشهاداتهم سواء كانوا فاعلين أومجرد شاهدين في القسم الثالث المعنون في الجبل مع عميروش ١٩٥٦ - ١٩٥٧ ، والقسم الرابع المعنون مهمة في تونس والقسم السادس المعنون مع جيش التحرير الوطني في الحدو د ١٩٥٩ - ١٩٦٢، والقسم السابع المعنون الاستقلال بين الغبطة والحيرة ١٩٦٢ - ١٩٦١ ، هذه الأحداث التاريخية والمفصلية في مسيرة الثورة ترجمت بالفعل ما اعتبره بن معلم بـ« الفاعل والشاهد بامتياز” معتمدا على عناصر قوية في التفريق وإحداث الفواصل بين مقاربتي الموضوعية والذاتية التي  فعلا  تؤرق كل من ينكب على التعامل مع مادة تاريخية، وهنا استعمل بن معلم مصطلحي “ الموضوعية وعدم التحيز” وهذاما نسجله في هذا الكتاب بكل اهتمام من قبل صاحبه ،عندما احتكم إلى ذاكرته في تدوين الأحداث التي كان شاهداعليها وهذا سواء بذكر الأسماء أوالتواريخ ،وهي بذلك من جهة اعتراف للأشخاص أو عكس ذلك، بالإضافة إلى ذلك فإن بن معلم كشف بإخلاص الشخصية الثورية للعقيد عميروش في أحلك الظروف التي عاشتها الثورة، وقدراته العالية في تسيير الرجال  وكفاءاته الفائقة في إحباط المؤامرات والدسائس التي كانت تدبرها فرنسا.. لإفشال وضرب الثورة.
وتضاف مذكرات بن معلم إلى سلسلة المذكرات التي صدرت عن مجاهدين وشخصيات تاريخية ،تسمح لكل من ينشط في هذا الحقل أن يستعين بها في نقاط معينة لرفع كل لبس وإزالة كل غموض، لأن ماتم كتابته يعتمد على ذاكرة مجاهد التحق بالجبل وعمره ١٧ سنة ، تم تلقى تكوينا عسكريا حديثا ليرتقي  إلى ضابط في انتظار الجزء الثاني حول الجزائر مابعد إعلان الاستقلال.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024