مغالطات في التدوين نفرت الشباب عن الاهتمام بمراجع ثورة التحرير
لا تسير أمة بخطة ثابتة وازدهار ورقي نحو المستقبل دون أن تلم جيدا بتاريخها وتتعلم من ماضيها وتكرم الرجال والنساء من أجل عطاءاتهم وتضحياتهم وبطولاتهم. أو يبقى التدوين والأرشفة والإصدار من الطرق الأفضل والأسمى لفعل ذلك. وهي المهمة التي أحدثتها على عاتقها سميرة بن دريس أولبسير مسؤولة دار النشر ابريز، في محاولة منها لإبراز ولو القليل من مرجعيات وأحداث حقبة مفصلية في تاريخ الجزائر، أي فترة التواجد الاستعماري بها عامة وثورة نوفمبر المجيدة بصفة خاصة.
عديدة هي الكتب التاريخية والخاصة بالمقاومة الشعبية وحرب التحرير الوطني التي أصدرتها دار ابريز للنشر تحاول صاحبتها سميرة بن دريس أولبسير تقديمها من خلال المشاركة في المعارض الوطنية والدولية، حاملة من خلال ذلك رسالة طيبة في حق الوطن، حسب تصريحاتها لـ»الشعب» وحريصة كل الحرص على « تسليط الضوء على وقائع وإنجازات شخصيات قد تكون قدوة حسنة للأجيال الصاعدة».
قالت بن دريس اولبسير أن هناك بعض الإصدارات في التاريخ التي تحاول دار ابريز للنشر «تسليط الضوء عليها وتشجيع الشباب والأجيال الجديدة على قراءته».
يوجد « كتاب حول مجازر 8 ماي 1945 بعنوان «سطيف الحفرة الجماعية « وهو بحث ميداني قام به -كاتب إعلامي جزائري- قام بتحقيق هام جدا حيث زار المداشر والقرى التي شهدت المجزرة وعرفت للأسف القضاء الكلي على عائلات بأكملها وذهب للبحث عنها وعاد بشهادات لأحفاد الشهداء.»
وكشفت المتحدثة عن «عمل رائع آخر قام به نائب فرنسي من منطقة نيم بارنارد دي شان الكتاب والبرلماني يحمل عنوان « الملف زاد» ويعرف من خلاله ببعض من أعضاء فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، غير المعروفين في الجزائر لأنهم كانوا يناضلون في الضفة الأخرى وفي الخفاء. واستند الكاتب الذي يعد من أصدقاء ثورة نوفمبر المجيدة في مؤلفه على أرشيف شرطة مدينة نيم حيث أن منصبه ومكانته السياسية مكناه من الولوج إلى الملفات الهامة واستطاع من خلال ذالك تسليط الضوء على عمال المناجم الجزائريين بمنطقة « ليسلفن» الذين كانوا مغتربين بفرنسا ومنخرطين في صفوف جبهة التحرير الوطني .... الكتاب يحمل الكثير من المفاجآت للأحفاد هؤلاء المناضلين الذين كانوا يعملون في الظل.
وتعرض صاحبة الدار رواية « صيف استعماري في قسنطبنة» الدبلوماسي الأسبق عبد القادر جميل رشيد الذي حمل كتابه أحداث وذكريات شخصية عن طفولته في منطقة قسنطينة إبان فترة الاستعمار ونضال أسرته والتحاقها بصفوف جيش التحرير الوطني وحرب والدته على أعماله هو لدراسته وغيرها من الأحداث التي طبعت ذاكرته.
وتقدم سميرة بن دريس اولبسير بفخر واعتزاز كتاب «الجزائر وجه استعمار لا يقول اسمه» وهو تقول :»عبارة عن تركيب لمجموعة من الصور النادرة أخذها مصور الحرب «جان مارتي» خلال الثورة بمنطقة قسنطينة، تصحبها قصائد واقتباسات من بعض الكتب.
وتفسر اولبسير حرصها واهتمامها بالإصدارات التاريخية « بأدائها مسؤولية كبيرة على الجميع التشارك في أدائها لأنه واجب ذاكرة وأمانة في الأعناق اتجاه كل من ضحوا بالغالي والنفيس من أجل استقلال الوطن».
وعبرت صاحبة دار ابريز عن «أسفها الشديد لعزوف الشباب والناشئة عن الاهتمام بمثل هذه الكتب القيمة بسبب افتقادهم لثقافة المطالعة أولا والفضول لمعرفة تاريخهم ثانيا».
وأرجعت السبب في ذلك «إلى تخلي الأسرة والمدرسة عن مسؤولياتهم في حق الأطفال على التعرف على التاريخ والمراجعات وأيضا إلى عديد المفارقات والمغالطات التي شوهت الأحداث والمسيرات»
«فكيف ننتظر من شاب اليوم أن يؤمن ويفتخر بتاريخه ونحن نقدم اليوم الشخص بطلا مغوارا وغدا خائنا لقضيته؟» تتساءل، مضيفة» أنه لابد من تدارك الأمور وطريقة الكتابة عن مرجعياتنا وأبطالنا وتقديمهم للشباب والأجيال القادمة بصورة الإنسان بعيدا عن التجميد والتعظيم».
للإشارة لقد كان آخر تظاهرة شاركت فيها دار ابريز للنشر والترجمة والتوزيع مؤخرا معرض « الكتاب حياة « الذي نظمته الوكالة الوطنية للإشعاع الفكري بمناسبة إحياء عيد الاستقلال والشباب، شهر جويلية المنصرم. المعرض الذي شكل حسبها مناسبة لإعطاء بعض الرؤية للعناوين فنحن دار نشر عامة لكن نهتم كثيرا بالتاريخ.
وأضافت في الختام « نريد، اليوم، أن تصل هاته الإصدارات إلى الشباب ليعرفوا أنّ لهم الكثير من المرجعية الثورية والوطنية وهناك محطات وبطولات لابد من الاطلاع عليها والافتخار بها».