تألّم لمعاناة شعبه من بطش الاستعمار الفرنسي، إنه الشهيد علي معاشي وكما يسميه الباحث والصحفي عمار بلخوجة «النشيد المغتال»، خلّد اسمه في سجل العظماء، ضحى بمساره الفني من أجل الوطن لإسماع صوت الثورة التحريرية عبر تأسيس فرقة فنية سميت «سفير الطرب» التي اختار الألوان الوطنية لجوقه، هذا الأخير الذي طاف بعدة مناطق من مسقط رأسه بتيارت إلى تونس ومصر رغم صغر سنه الذي لم يتجاوز الـ18 سنة .
تأثر صغيرا بالقصيدة الشهيرة «مولاة الحايك» للشاعر الملحون محمد بلطرش، تغنى بقصائد متنوّعة فغنى للمرأة والجزائر ومناطقها، من أشهر أغانيه «يا بابور»، « أعتبني الصيف»، «الولف صعيب»، «يا سلام على بنات البنات»، «تحت سماء الجزائر»، «طريق وهران»، والأغنية المشهورة «أنغام الجزائر» ومطلعها: «يا ناس أما هو حبي الأكبر...»، والتي جمع فيها مختلف الطبوع الجزائرية.
ولد معاشي بتاريخ الـ 27 أوت 1927 بتيارت وتحديدا في حي بناصر في منزل والده قدور بمدينة تيارت، كان والده من أعيان المدينة وكان مترشحا في السلك الثاني، وصار مستشارا بلديا ما بين 1929 و1932، كان علي معاشي يتمتّع بصفات عديدة، الموهبة، الأناقة، اللياقة، الثقافة، البعد الإنساني والعطاء كان مغنيا لطيفا، كان مثابرا وصارما في التمرينات الموسيقية، منضبطا، تخلى موسيقيو سفير الطرب عن أدواتهم التي كانوا يستعملونها في الكفاح الثقافي.
قام سفير الطرب بإنجاز مآثر كثيرة، كما تصاحب الراقصات المجموعة الموسيقية كلثوم، علي معاشي وأصدقائه كانوا يقومون بالتمثيل في المسرح والغناء كأدوات لتحرير الشباب المحلي، وذلك بأن يسمح له في نفس الوقت لتقوية مشاعره الوطنية.
تنبّه المستعمر الفرنسي لتأثير أغاني علي معاشي، فاختطفه في 8 جوان 1958 مع اثنين من رفقائه، واقتادهم إلى «ساحة كارنو» (ساحة الشهداء حاليا) بمدينة تيارت، حيث قتلهم ونكّل بجثثهم. ولم يكتف بذلك، فجمع الجزائريين لمشاهدة مصير الثلاثة المشنوقين في الساحة لبث الرعب في نفوسهم، استشهد علي معاشي وعمره يناهز 31 سنة.