دعا المشاركون في أشغال الملتقى الوطني حول «الأدباء الشهداء أوجدلية الحبر والدم» الذي احتضنته، أمس الأربعاء، جامعة 20 أوت 1955 بسكيكدة، إلى ضرورة اهتمام الباحثين والمؤرخين بتاريخ ثورة التحرير الوطنية والأدباء الشهداء.
وقد ركز المشاركون في هذا الملتقى الذي جرى بقاعة المحاضرات الكبرى لذات الجامعة، على ضرورة اهتمام الباحثين والمؤرخين بالأدباء الشهداء الذين وظفوا أقلامهم للكتابة عن الثورة المجيدة والذين استشهدوا في ميدان الشرف دفاعا عن قضيتهم.
كما طالب المشاركون في هذا اللقاء الذي حضره أساتذة قدموا من 17 جامعة وطنية، بأنّ الجامعة تولي أهمية لهذا الموضوع، معتبرين أنّ «غالبية المؤرخين قد اهتموا بالجانب القتالي للشهداء وبالمقاومات المسلحة ولم يهتموا بالمقاومات الثقافية».
وفي هذا الصدد، أبرز عبد الله حمادي، أستاذ سابق بكلية الآداب واللغات بجامعة قسنطينة والرئيس السابق أيضا لاتحاد الكتاب الجزائريين، أنّ الساحة الثقافية الجزائرية «لا تتعرف اليوم إلا على حوالي 15 أديبا شهيدا»، على غرار أحمد رضا حوحو والربيع بوشامة والأمين العمودي والحبيب بناسي ومولود فرعون وعبد الكريم العقون والعربي التبسي وغيرهم من الكتاب والأدباء الجزائريين شهداء الحرية والاستقلال.
وقدم حمادي في مداخلته شخصية جديدة كانت مجهولة والذي قام بالبحث عنها انطلاقا من ملاحظته للافتة بمدرسة بحي رحبة الصوف العتيق بمدينة قسنطينة وهوالشهيد محمد الزاهي الميلي (1904-1960) الذي لم يكن، كما قال، معروفا بأنّه أديب.
وأضاف حمادي أنّه من خلال بحثه تبيّن أنّ الشهيد الزاهي الذي كان عضوا بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كتب رحلته المشهورة والتي نشرها عام 1938 بجريدة البصائر بعنوان «من باريس إلى قسنطينة « والتي كتبها في طريق عودته من مهمة أوكلتها له جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لتأطير الجالية الجزائرية بفرنسا.
وحسب ذات الأديب، فإنّ الشهيد الزاهي الميلي «يعدّ الوحيد من بين أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذين تحدثوا عن باريس ومظاهرها الثقافية والجمالية»، واصفا إياه بـ»المثقف الواعي».
كما تحدّث عبد الله حمادي عن الحياة النضالية للشهيد الزاهي الذي أسّس رفقة الشهيد صالح بودراع سنة 1943 حزبا يسمى الحزب الثوري، حيث كانت مخططاتهما لإعلان الثورة آنذاك «غير أنّ الحرب العالمية الثانية حالت دون تجسيد خطتهم ليظهر مجدّدا سنة 1956 ويلتحق بالثورة التحريرية بجبال بني خطاب بمسقط رأسه بالعنصر بولاية جيجل».
واستشهد الأديب محمد الزاهي الميلي في غارة جوية شنّتها قوات الاحتلال الفرنسي على جبال بني خطاب رفقة 12 شهيدا آخر، عام 1960 حيث لم توجد جثثهم ولم يعرف لهم قبور، وفق ما ذكره السيد حمادي.