حصل على دبلوم في الفلسفة من الجامعة الجزائرية بدرجة ماجستير وامتهن التدريس بمختلف الأطوار قبل أن يركن للتقاعد في سن مبكرة لاعتبارات عديدة، إلا أنّ نشاطه الميداني في البحث والمطالعة وتنظيم المعارض وإلقاء المحاضرات في تاريخ الجزائر المعاصر لا يوحي بأنّه متقاعد أصلا ولا يوحي بأنّه بلغ سنا متقدمة من عمره ولا يزال في الواقع يتوهج عطاء وفكرا، هكذا يقضي الأستاذ والباحث في التاريخ ميلود عمامرة يومياته التي كرّسها منذ شبابه لخدمة الجزائر.
تأتي هواية جمع الصحف وأرشفتها من بين أولى اهتمامات ميلود عمامرة معتبرا اياها جزء مهما من المراجع التاريخية التي يمكن الرجوع إليها ذات يوم، وهو يحوز حاليا بمكتبته المتواضعة أكثر من 20 ألف عدد من مختلف الصحف الوطنية باللغتين العربية والفرنسية، إلا أنّ جريدة الشعب تحتفظ بنكهة خاصة لدى هذا الباحث لاعتبارات عديدة تأتي في مقدمتها توافق خطها الافتتاحي مع قناعاته الفكرية والتي تصّب في مجملها في الدفاع عن الوحدة الوطنية والثوابت الوطنية، كما أنّه ساهم في نشر مقالات مطولة بالجريدة عالجت قضايا ساعة ساخنة خلال الفترة الممتدة بين 1988 و2020 حين أتيحت له الفرصة لذلك ولا يزال يحتفظ بنماذج عديدة من الأعداد التي تحوي مقالاته والتي جلبت انتباه مسؤولين كبار في الدولة حينذاك لارتباطها بالواقعية والموضوعية والخط الوطني الأصيل وهو الخط ذاته الذي التزمت به جريدة الشعب منذ نشأتها.
وعن الدوافع التي جعلته يتعلق أكثر بجريدة الشعب دون غيرها من الصحف، يقول الأستاذ ميلود عمامرة «الشعب جريدة وطنية بكل ما تعنيه هذه الكلمة وتواظب على معالجة القضايا بكل موضوعية، إضافة الى الانتصار للقضايا الوطنية والدفاع عنها، كما أنّها تتناول مختلف مجالات التنمية وبمختلف الولايات بشكل موضوعي دون أن ننسى بأنّ معظم الذين أنشأوا صحفا أخرى هم خريجو جريدة الشعب بالأساس والتي تعتبر عميدة الجرائد الوطنية».
ويعترف الأستاذ ميلود عمامرة بأنّه كان يعتمد في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي على الملحق الثقافي لجريدة الشعب لاستكمال التكوين العصامي له كممرن وأستاذ بمختلف الأطوار الدراسية، بمعية زملائه، الأمر الذي ولّد في نفسيته منذ فترة شبابه علاقة أزلية مع الجريدة ليس من السهل التخلي عنها بين عشية وضحاها.
أما عن خلفيات هذا التوّجه في جمع الصحف ومجمل النشريات ذات الصلة بتاريخ الجزائر فيؤكّد ميلود عمامرة على أنّه كان عنصرا نشيطا في مجال السياسة في فترة الحزب الواحد وبحكم كونه مختصا في تدريس التاريخ فقد أتاح له منصبه تكليفه بإلقاء محاضرات ذات صلة بالتاريخ على مستوى مختلف المؤسسات والهيئات الوطنية، وهو النشاط الذي امتد وزاد توّهجا على مدار فترة التعددية الحزبية باعتباره يرتبط أكثر بالبعد الوطني بعيدا كل البعد عن الانحياز والانتصار لهذا دون ذاك، بحيث أتاح له ذات النشاط التواصل مع العديد من الصحف من جهة وأجبره على التقيّد بالمزيد من المراجع التاريخية والتي تندرج الصحف من ضمنها كأدلة شاهدة على التاريخ، وامتد جمع المراجع الى مختلف الوثائق والكتب والدراسات العلمية المنشورة بالجزائر وذات الصلة بالشأن التاريخي.