المجاهـد روابحي بوعـلام: كافح وعاش بسيطـا ورحل في صمت

سعيد بن عياد

المجاهد روابحي بوعلام من مواليد جندل بعين الدفلى، رأى النور سنة 1927 والجزائر تحت نير الاستعمار الفرنسي، عانى من ويلات الاستغلال والاضطهاد كباقي أبناء جلدته، بينما كانت شرارة الثورة ما أن تكاد تنطفئ في منطقة حتى تلتهب في أخرى، بفضل حرص رواد الحركة النضالية الوطنية بكافة تياراتها على حمل مشعل المقاومة ونقله للأجيال على امتداد ربوع الوطن الشامخ، شموخ شعبه على ما تعرض له من تنكيل واحتقار وحرمان.
 عمي بوعلام الذي انتقل في صمت إلى رحمة الله في 2 ديسمبر الماضي بمليانة، آخدا معه جزءا من الذاكرة التاريخية لبطولات جيش التحرير الوطني في خوض الثورة، المشهود لها من العدو قبل الصديق والتي اقتلعت الوجود الاستعماري الاستدماري من جذوره، لم يتأخر عن الالتحاق بصفوف أولئك الشجعان من حملة الحلم في الانعتاق والتحرر، ليؤدي ما عليه من واجب تجاه الوطن والشعب الجزائري، كما صرح به احد رفاقه كشيدة صحراوي مسؤول منظمة المجاهدين بسطاوالي، الذي لا يتأخر لحظة عن نقل مناقب الرجال والنساء من أبطال الثورة التحريرية، ولو من باب الإنصاف وصون الذاكرة.
في هذا الإطار يشير في شهادته أن الرجل التحق بصفوف جيش التحرير الباسل سنة 1958، حيث ناضل بالمنطقة الخامسة للناحية الثالثة بالولاية الرابعة التاريخية.، بلا شك مثل باقي إخوانه انضم إلى صفوف الثورة بقرار حاسم مبديا إرادة في التضحية. كان التحاقه بالجبال الشامخة عملية شجاعة، حيث لما كان يشتغل في تلك السنة سائقا لشاحنة تنقل المجاهدين المعتقلين بمحتشد كامورا بقصر البخاري، يقتادهم الاحتلال للأشغال الشاقة.
اتصل به عناصر من المجاهدين لإقناعه بتهريب إخوانه المعتقلين، لم يكن ساذجا وأدرك أهمية الفرصة مستفيدا من تجربته العسكرية مجندا من الاحتلال للعمل في الهند الصينية وفيتنام. بعد أن تم الاتفاق والعزم على تغيير مجرى حياته فيستعيد عزته، وذات يوم، بينما كان يقود الشاحنة  مغادرا المحتشد الشهير بالتعذيب والقهر بمرافقة عسكري فرنسي مسلح يحرس خمسة مجاهدين، نفذ روابحي بوعلام المهمة، بالقضاء على العسكري والفرار مع إخوانه إلى وجهة الجبل.
 لكن لم تكن رحلة الفرار سهلة لثلاثة من المجاهدين الذين ظلوا الطريق لعدم معرفتهم للمسالك، فألقي عليهم القبض، قبل أن يقوم غلاة الاحتلال باغتيالهم، فيما تمكن هو ورفيقه من الإفلات والوصول إلى حضن الثورة بناحية الكاف الأخضر، حيث واصلا القيام بالواجب إلى أن استرجع الشعب الجزائري السيادة وتخلص إلى الأبد من وضع بئيس طال قرنا واثنتين وثلاثين سنة، كلها ظلم ونهب واهانة واستعباد.
عمي بوعلام واصل حياته مواطنا بسيطا بمليانة حيث عاش واشتغل سائق سيارة أجرة إلى سن التقاعد، قبل أن ينهكه الكبر إلى أن رحل إلى جوار الله والشهداء الأبرار، تاركا وراءه صورة رجل صاحب خصال رجال نوفمبر كما ختم كشيدة صحراوي شهادته، معلقا أمله على وزير المجاهدين الجديد ليميط اللثام عن بطولات وإقدام وتضحيات مثل هذا الرجل الذي عاش وناضل ورحل بسيطا.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024