أصبح بإمكان الباحثين المختصين في التاريخ وكذا الطلبة، الإلمام بالعديد من الأحداث التاريخية التي شهدتها منطقة الأوراس خلال الثورة التحريرية المجيدة وإلى غاية الاستقلال، والتي وثّقها السجّل الذّهبي للشّهداء الذين استشهدوا في معارك الوغى بكل مناطق ولاية باتنة، وذلك في الفترة الممتدة من 1954 إلى 1962، والذي أصدرته مديرية المجاهدين لولاية باتنة بالتعاون مع المكتب الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين، في مجلّد كبير موشّح بألوان العلم الوطني.
الإصدار التاريخي الجديد ينقل العديد من الحقائق التاريخية للمعارك التي خاضها المجاهدون إبان الثورة التحريرية بمناطق الأوراس الأشم القلب النابض للثورة، وبقيادة مجموعة من الرموز الوطنية على غرار البطل الشهيد أب الثورة التحريرية مصطفى بن بوالعيد.
وقد جاء المؤلف الأول من نوعه وطنيا، حسبما أفادت به مصادر من مديرية المجاهدين على شكل مجلّد من الحجم الكبير في 819 صفحة، وفي طبعة ذهبية فخمة ومميّزة تليق بعظمة الثورة وصنّاع مجدها التليد، وهو إصدار تاريخي على شكل سجل تدويني يجمع أغلب أسماء شهداء باتنة، ويتناول بين صفحاته الذهبية العديد من التفاصيل التاريخية النادرة والحقائق الكبرى عن الثورة بالأوراس التي تعتبر مهدا لها، وشهدت إعطاء إشارة انطلاق الكفاح بها ضد المستعمر الفرنسي الغاشم من دشرة أولاد موسى بمنطقة أريسن قبل أن تنتقل شرارتها لتحرق جميع الأماكن التي يتواجد بها الفرنسيون.
يتضمّن السجل أيضا التعريف بباتنة عبر مراحلها التاريخية وسير ذاتية مختصرة لأهم رموزها الثورية من تاريخ الميلاد، إلى الاستشهاد والمعارك الضارية التي خاضها كل بطل ومساهمته القوية في الثورة، بداية بالشهيد مصطفى بن بولعيد مفجّر الثّورة المباركة.
ولأول مرة يجمع قاموس الشهداء وثائق أسماء شهداء الثورة بالأوراس، حيث يجد متصفح الكتاب قائمة إسمية كاملة لشهداء الولاية، والذين قدّر عددهم بـ 8.910 شهيد، قدّمت معلوماتهم لمديرية المجاهدين والمنظمة الوطنية للمجاهدين بباتنة، والتي تتوفر مكتبتها على هذا الإرث التاريخي لأسماء شهداء نوفمبر ومجاهديها.
ومن بين الشّهداء نجد 5.369 شهيد منهم ينتمون للمنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني و3.541 شهيد من جيش التحرير الوطني في الفترة الممتدة بين 1954 إلى غاية 1962، حيث تمّ جمع هذه المادة التاريخية بصعوبة بالغة نظرا لقلة العمال الذي اشتغلوا على إصدار هذا المجلد، حيث واجهتهم عدة عراقيل تتعلق أساسا بضبط القائمة النهائية لشهداء المنطقة بالتنسيق مع منظمة المجاهدين، خاصة وأنّ باتنة كبيرة جغرافيا وديمغرافيا وكانت مهدا للثورة المجيدة، وعاشت أراضيها أكبر وأضخم المعارك ضد الاستعمار الفرنسي إلى غاية تحقيق النصر.
ويهدف إصدار المجلد إلى الحفاظ على الذاكرة التاريخية وصونها، وتخليد أسماء صناع مجد الثورة، بالأرقام والصور، وكذا الخرائط والمخطوطات التي تتناول بعض مراكز التموين والمحتشدات والمستشفيات والمعتقلات ومراكز التعذيب التي أنشأها الفرنسيون وحتى المعارك إلى غاية الاستقلال، كما يعد العمل سيرة مباركة ارتبطت فيها الأرض بالتاريخ والمجد بالحرية، وهو بصمة في كتاب الوطن شاهدا على ما تحقق ودافعا بحماس يصنع طموحات كبرى لأجيال للمستقبل.
وسيكون السجل الذهبي فرصة ثمينة للباحثين والطلبة ليكون دليلهم العملي، وشاهدا حيّا على أعظم ثورة في القرن العشرين تميّزت بتضحيات الجزائريين الذين أثبتوا للعالم أن الحرية تؤخذ ولا تعطى لتستحق أن تكون تقليدا يحتذى به في التحرر، ومحورا تدرسه أغلب مدارس العالم لتلاميذها وطلبتها في مختلف برامجهم الدراسية والجامعية.