توماس روبير بيجو دولا بيكونيري أشهر سفّاحي فرنسا، لمن لا يعرفه من الذين يحنّون إلى العهد الإستعماري، ارتكب أبشع الجرائم في حق الجزائريين، رقي إلى رتبة ماريشال فرنسا في 31 جويلية 1843، حارب قبل مجيئه إلى الجزائر واشتهر هناك بالعنف، تولّى الحكم في الجزائر في 29 ديسمبر 1840 إلى 29 جوان 1847، وسلك خلال سنوات حكمه سياسة القهر والعنف والإبادة، والتدمير والتهجير والنفي في إطار الحرب الشاملة التي مارسها تجاه الجزائريين.
ارتكزت سياسته على ضرورة توطيد الإستعمار الفرنسي في الجزائر، ترسيخ الإندماج من خلال القضاء على مقوّمات المجتمع الجزائري بإحلال المقوّمات الفرنسية. ولتطبيق هذه المفاهيم أصدر عدة قوانين قمعية جائرة منها قانون مصادرة أراضي وأملاك الثوار، إجبارية عقد الأسواق للتبادل التجاري بين الجزائريين والأوروبيين، كما انتهج أسلوب جمع الجزائريين في محتشدات لمنعهم عن أي نوع من المساعدة للثوار، زيادة على تجريد القبائل من محاصيلها الزراعية وأملاكها، وتوسيع صلاحيات المؤسسة المعروفة باسم المكاتب العربية وجعلها أداة لتنفيذ سياسته مع الأهالي.
أصدر أوامره بإباحة الحرائق وإتلاف المحاصيل، وطرد ونفي قادة الرأي والمشتبه فيهم خارج حدود الجزائر مع ارتكاب المجازر الفظيعة وتسليط العقوبات الجماعية بما في ذلك التغريم الجماعي، ما قام به بيجو في الجزائر هي أكثر الحلقات دموية خاصة المجزرة التي أطلق عليها المؤرخّون إسم المدخنة، ففي ماي 2011 اكتشف باحثون جزائريون بقايا عظام بشرية وأقمشة نسائية، في مغارة نقمارية بدائرة عشعاشة 80 كيلومتر شرقي عاصمة ولاية مستغانم في منطقة الفراشيح، ويرجح الباحثون أن الإكتشاف هو لقبيلة أولاد رياح التي أبيدت عن بكرة أبيها في 19 جوان 1845، وهي أحد الطرق البشعة المستعملة فيما يسمى بتهدئة الجزائر.
المجرم بيجو أمر العقيد المجرم «بيليسيه»، بتنفيذ أمر الحرق داخل المغارة التي لجأ إليها أهالي أولاد رياح هروبا من جحيم الإستعمار، وحسب بعض الرّوايات التاريخية، فإنّ عدد الشّهداء بها تعدّى 1200 شهيد رجالا، نساء، أطفالا وشبابا، ولم تسلم حتى الحيوانات من الحرق.
هلك هذا المجرم في باريس بمرض الكوليرا، وتعفّنت جثّته لأيام في مزرعته الذي كان يعيش فيها وحيدا حتى هجمت الكلاب الضالة على بيته ونهشت جثّته، وتمّ دفنه في باريس في 10 جوان 1849 ودفن في مقابر العظماء، وكرّمته الكنيسة وأعطته لقب قديس نظير ما قتل وحرق واغتصب المسلمين في الجزائر والمغرب، وصنعوا منه بطلا.