تحل علينا الأسبوع القادم الذكرى 62 للاعتداء الوحشي للقوات الجوية الفرنسية، على بلدة ساقية سيدي يوسف على الطريق المؤدي من مدينة سوق أهراس إلى مدينة الكاف بتونس كرد فعل للدعم التونسي للثورة الجزائرية، ما خلف العديد من الشهداء المقدر عددهم بـ 79 شهيدا منهم عشرون طفلا و11 إمرأة و130 جريح وتدمير 43 دكانا و97 مسكنا، وكذا تحطيم المباني العمومية ومركز الحرس الوطني، حيث لا تزال هذه الذكرى المؤلمة حية في قلوب الشعبين الشقيقين الجزائري والتونسي. ممارسات الاستعمار الفرنسي هي نفسها ممارسات الكيان الصهيوني اليوم في حق الفلسطينيين فالإحتلال واحد.
شكلت بلدة ساقية سيدي يوسف التي أصبح يطلق عليها اليوم أرض الأخوة، منطقة إستراتيجية لوحدات جيش التحرير الوطني المتواجد على الحدود الشرقية كقاعدة خلفية للعلاج واستقبال المعطوبين ما جعل فرنسا تلجأ لأسلوب العقاب الجماعي بضرب القرية الحدودية الصغيرة، علما أن القصف سبقته عدة تحرشات فرنسية على القرية، لكونها نقطة استقبال الجرحى ومعطوبي الثورة.
كان أول اعتداء سنة 1957 إذ تعرضت الساقية يومي 1 و2 أكتوبر 1957 إلى اعتداء فرنسي بعد أن أصدرت فرنسا قرارا يقضي بملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي في 1 سبتمبر 1957، ثم تعرضت الساقية لاعتداء ثان في 30 يناير 1958 بعد تعرض طائرة فرنسية لنيران جيش التحرير الوطني ليختتم بالغارة الوحشية في 8 فبراير 1958 بعد يوم واحد من زيارة روبر لاكوست للشرق الجزائري.
الإعتداء صادف يوم السبت وهو يوم سوق أسبوعي لقرية ساقية سيدي يوسف، ولم يكن المستعمر يجهل ذلك عندما اختار هذا اليوم وقد صادف حضور عدد هام من اللاجئين الجزائريين الذين جاؤوا لتسلم بعض المساعدات من الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي، وقد كانت المفاجأة عندما داهمت القرية حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا أسراب من الطائرات القاذفة والمطاردة، واستهدف القصف دار المندوبية والمدرسة الإبتدائية وغيرها من المباني الحكومية ومئات المنازل فيما كانت الطائرات تلاحق المدنيين.
تواصل القصف نحو ساعة من الزمن مما حول القرية إلى خراب، بسقوط قتلى وتدمير خمس سيارات مدنية منها شاحنات تابعة للصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر التونسي، وقد كان مندوب الصليب الأحمر هوفمان متواجدا بساقية سيدي يوسف أثناء القصف، فقد وصل ومعاونوه حوالي الساعة العاشرة صباحا قصد توزيع الإعانات الغذائية وغيرها للاجئين الجزائريين، وقد نددت الصحف في مختلف أرجاء العالم بهذا العدوان وأدانه المجتمع الدولي.