«الشهداء أكرم منا جميعا» هكذا يتداول هذا القول المأثور في أدبيات الشعوب المناضلة التي قدّمت تضحيات جساما من أجل استرجاع سيادتها السليبة منها بالأخص الثورة الجزائرية النموذج الفريد في مقارعة الاستعمار إلى جانب الثورات الكوبية، الفيتنامية، والافريقية.
نقول هذا من باب واجب احترام الشهداء وعدم التطاول عليهم باختلاق قصص وهمية، وروايات كاذبة لا أساس لها من الصحة، بل تريد التشويش على عقول الناس للأسف هذا ما وقع مؤخرا عندما أدعى أناس أن علي لابوانت توفي في نهاية الثمانينات وتفاصيل أخرى محيّرة حقا، أثارت دهشة الرأي العام. ولم يصدق أحد ما قالته تلك العائلة عن الشهيد.
وكل من طلبنا منه رأيه في الموضوع ينفي نفيا قاطعا ما صدر من إدعاءات ومن أقاويل هي من صنع الخيال لا أكثر ولا أقل لا ترتقي أبدا إلى مستوى هذا الرجل الذي دوّخ جنرالات فرنسا في حي القصبة وتعهّد أمام كل الأحرار بأنه لن يكون لقمة سائغة لمظليي بيجار وماسو.
وظل على هذا العهد يقاوم قوات الاستعمار دون هوادة إلى غاية استشهاده في ٨ اكتوبر ١٩٥٧ رفقة حسيبة، بوحميدي، وعمر الصغير في حي «ليزابديرام» بتفجير البناية بكاملها لم ينج منها أحد وقد عثر على جثة علي.. وتم التعرف عليه من خلال كتابات «الوشم» على أعضاء جيدة منها «زبيدة»، «الشدة في الله» والثانية «سر أومت» والثالثة «اسكت» هذا دليل قاطع على وجود الرجل ما بين إخوانه وأخواته خلال جريمة تفخيخ الدويرة ثم تفجيرها، خلافا لما ادعاه أولئك الذين قالوا بأنه مات خلال نهاية الثمانينات.
وهناك تفاصيل أخرى دقيقة لا مجال للغوص فيها كوننا نسقط في مطّب خطير ألا وهو تبرير ما لا يبرر والتأسيس لجبهات التشكيك في المجاهدين، والشهداء الذين ضحوا من أجل استقلال الجزائر، وهذا ما أراده من يقف وراء هذه اللعبة البائسة واليائسة، في نفس الوقت حدثت من قبل في نبش قبور الشهداء وتمجيد أعمال الحركى ورفض تجريم الاستعمار وعدم مطالبة فرنسا بالاعتراف بإبادة الشعب الجزائري وتقليص الحجم الساعي للثورة في المقرر المدرسي وغيره من الأفخاخ والألغام.
نأسف اليوم لما يلحق من أذى معنوي بالشهداء الأبرار ويحوّلها البعض إلى مادة منشورة في «الفضاء الأزرق» يبحث أصحابها عن نسبة المشاهدة ليتلقوا مقابل ذلك ما يستحقونه عند تجاوز سقف معين، كفانا من المتاجرة بـ «أحياء عند ربهم يرزقون» وكفانا من تشويه تاريخ أخيار وأطهار هذا الوطن علينا أن لا نخلط ما بين الدسم والسم.
لا توجد أي جهة مخوّل لها قانونا الدفاع عن ذاكرة الشهيد ما عدا وزارة المجاهدين عندما تلاحظ بأن هناك فعلا خطرا محدقا بسمعة الشهداء ومن حقها متابعة كل من يقدم على مثل هذا العمل المناوئ لهؤلاء، أين هي الوصاية ؟
وأين هي المنظمة الوطنية للمجاهدين التي غرقت في ملاحقة رمز «الأفلان» بإدخاله المتحف ونسيت مهمتها، أين هي المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء وأبناء المجاهدين ؟ والقائمة طويلة لا تنتهي نريد جوابا واضحا وموقفا صريحا يحمي ذاكرة الشهداء والمجاهدين.