تولى ضمن مجموعة من الثوار تأمين مؤتمر الصومام @«الحرية تؤخذ ولا تعطى».. عبارة ردّدها حتى الاستشهاد
الشهيد سعيد كريم عينة من الأبطال الأفذاذ الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل إسترجاع السيادة الوطنية، سقط فداء للوطن في ساحة الشرف يوم 18 أوت 1959، بمنطقة إمزغرين الواقعة على مرتفعات بلدية فريكات. كيف ومتى نجيب عنه في صفحة التاريخ استنادا إلى الأستاذة بكوش مليكة.
من مواليد 25 جويلية 1931 ببلدية ذراع الميزان المختلطة وبشكل أكثر تحديدا في تيزرا عيسى، حسب ما أوضحته الأستاذة بكوش مليكة، لـ «الشعب»، على هامش الندوة التي نظمتها مديرية الثقافة لتيزي وزو بالتنسيق مع مديرية المجاهدين ومتحف المجاهد.
أضافت أنه كان بعد معركة استمرت عدة ساعات بين مجموعة الشهيد سعيد كريم والجنود الفرنسيين، حيث في ذلك اليوم، تمّ عقد اجتماع مهم ضمّ بعض القادة في منزل بقرية إمزغرين، وللأسف تم إخطار العدو الفرنسي بالأمر والذي قام عساكره بتطويق المكان، لتبدأ بذلك معركة طاحنة بين الجانبين بالرغم من التفوق في العدد والعدة للعدو.
تمكّن المجتمعون وكان عددهم تسعة أفراد، حسب ذات المتحدثة، «الخروج من البيت بعد إلقاء قنبلة يدوية على الباب، وفي تلك اللحظة حدث الارتباك التام وسط الفرنسيين، وقام رفاق الشهيد بالصمود إيمانا منهم بأن الحرية تؤخذ ولا تعطى.
ومن جانب آخر، تمت تعزيزات من قبل الفرنسيين، من ذراع الميزان، بوغني، ومعاتقة، وحتى تيزي وزو، كما أن المجاهدين بدورهم قدّموا يد المساعدة لرفقائهم ولم يتركوهم، وفي المجموع، سقط ثمانية شهداء بجانب زعيمهم سعيد كريم.
أما من جانب الفرنسي، كان هناك العديد من الضحايا وقبل مغادرتهم، صاح عساكر الاحتلال بالنصر، لأنهم قضوا على الشهيد سعيد كريم، الذي زرع في أوساطهم الرعب وانهوا بذلك مسيرته، لكن الجزائر التي ولدته قد أنجبت بدله الآلاف من الأبطال الأفذاذ».
وأشارت الأستاذة بكوش في شهادتها الى أن الشهيد في سن مبكرة كان يعمل مع والده في المقهى، وأحيانا يذهب للصيد، وبين عامي 1947 و1954، حضر اجتماعات مع المجاهدين في المنطقة بما في ذلك كريم بلقاسم، عمار أوعمران، عمار أودني المسمى سي موح نشيد، محمد طلاح، شرشار، محمد موساوي، والعديد من المجاهدين الآخرين، حيث كان يقدم لهم الشاي والقهوة مجانا، ومن ثمّ تولدت لديه فكرة الانضمام إلى صفوف الجيش التحرير الوطني، حيث عرض ابن عمه رابح كريم الذهاب معه ولبى النداء دون تردد.
في عام 1955، وبدون استشارة والده أخذ بندقيته والتحق بإخوانه في الجبل، وشارك من خلال الهجمات والكمائن في منطقة تسمى الجسر الأسود، وتوالت الانتصارات إلى أن لاحظ القادة شجاعة هذا الشاب وبسالته، وعينه العقيد عمار عمران، قبل عشرة أيام من مؤتمر الصومام لتشكيل مجموعة عشرة عناصر لضمان تأمين المكان وتأمينه بإفري أوزلاقن.
عند عودته من هذه المهمة الناجحة، تم تعيينه رئيسا لمنطقة (مساعد) بمنطقة معاتقة، وفي أفريل 1957، بينما كان يهم بتنظيم كمين، في حوالي الساعة الثامنة صباحًا، على الممر الذي يربط قريته الأصلية تيزرا عيسى بمعاتقة، أصيب بجروح في الكتف وتم تحويله على نقالة إلى عين الزاوية للعلاج، وخلال نفس العام، قام كل من سعيد كريم ورابح كريم، باستقبال قادة الثورة عمر أوصديق بوقرة، وموح والي، الذين نوّهوا بشجاعتهم وصمودهم بالمنطقة أمام الآلة العسكرية المدمرة.
في سبتمبر 1958، في اجتماع لرؤساء القطاعات والمناطق، عقد بمنطقة ترمنتين ببوغني، بحضور الرائد إدير، الرائد علي بنور، والنقيب رابح كريم، طمأن سعيد كريم بأن حوالي ثلاثين رجلاً المتمركزة في منطقة قنتيجة، مستعدون للتدخل وشنّ هجومات على حلوان الواقعة بمرتفعات بونوح، ومن سنة إلى أخرى حظي سعيد كريم بمكانة مهمة في الثورة المظفرة.
في فيفري 1959 حصل على رتبة ضابط، في الاجتماع الذي عقد بمنطقة معاتقة من قبل الرائد إدير، موح وعلي، وعلي بنور، تمّ تكليفه بالتمركز في المنطقة الجنوبية من تيزي وزو، من منطقة ذراع الميزان، فريكات، عين الزاوية إلى غاية منطقة بونوح.
وفي أبريل 1959، قبل أيام قليلة من تدمير قرية أيت معمر، شارك الشهيد في اجتماع مع رئيس القطاع محمد سليماني، ونوابه، حيث رسموا مخططا للكمائن في منطقة تيغيلت لعبيد، وكبدوا القوات الفرنسية الكثير من الخسائر البشرية والمادية، بما فيهم القضاء على النقيب مورو، وأيضًا العديد من الشاحنات العسكرية التي تمّ تدميرها كليّا.
استشهد سعيد كريم وترك وصيته الشهيرة حافظوا على الجزائر أمانة وبلغوا رسالتنا إلى الأجيال لمواصلة مسيرة بناء الوطن وإعلاء شأنه بين الأمم.