تحل اليوم الذكرى 64 لإستشهاد البطل رمضان بن عبد المالك، المولود في شهر مارس سنة 1928 بمدينة قسنطينة في أسرة هو ثالث أطفالها، دخل المدرسة الإبتدائية الفرنسية ( أرقو سابقا) في العام الدراسي 1934-1935، وفي نفس الوقت إلتحق بالمدرسة بجمعية السلام لتعليم اللغة العربية، وأنهى المرحلة الإبتدائية بنجاح ، حيث تحصل على الشهادة الإبتدائية باللغة الفرنسية في بداية الأربعينيات، ثم إنقطع عن التمدرس بسبب ظروف الإستعمار، عندئذ طرق باب العمل واشتغل فترة في التجارة.
إنخرط رمضان بن عبد المالك بحركة أحباب البيان والحرية عام 1944، وفي عام 1945 إهتز كيانه بعد المجزرة الرهيبة التي إرتكبها الإستعمار، وهنا تحددت قناعته بحتمية الكفاح المسلح، فأنضم عام 1946 لصفوف حركة الإنتصار للحريات الديمقراطية بعد أن تأكد أن ما تدعو إليه يستجيب لأماله . ولما تأسست المنظمة الخاصة في شهر فيفري 1947 كان من الشباب الأوائل الذين شملتهم صفوفها، ومن بين الكوكبة الأولى التي نشطت التنظيم السري في قسنطينة، وبالتدريج أصبح من الأقطاب البارزة بشرق البلاد.
في عام 1948 عاد إلى التجارة ، لكنه لم يخصص لها جل إمكانياته نظرا لسيطرة العمل السياسي عليه وتعلقه به إذ اتخذ من ذلك ستارا فقط يخفي ورائه عمله الحقيقي. وفي بداية 1949 سافر إلى فرنسا وقضى فترة تفتحت فيها عيناه أكثر وبصورة شاملة على الأوضاع المأسوية التي يعيشها العمال الجزائريون، فإزدادت قناعته بالكفاح المسلح لتحرير الجزائر. وقد إستغل الشهيد هذه الفرصة ودخل ميدان الرياضة البدنية وتخصص في رياضة الكاراتيه، وتحصل على الحزام الأسود في فترة قياسية، ثم عاد إلى الجزائر في بداية سنة 1950، ليواصل عمله السري، وقد نجا من الإعتقال إثر حادثة تبسة، ونظرا لنشاطاته العديدة، فقد إعتقل مرتين عام 1952 وتمكن من الفرار في المرتين أيضا، إحداهما من سجن سوق أهراس، والثانية من عيون بوزيان الواقعة بين زيغود يوسف والحروش (بقسنطينة).
بعد المداهمة التي وقعت في 29 أكتوبر 1952 نقل من شرق البلاد إلى غربها، نتيجة لإكتشاف العدو أماكن التدريب ومخازن الأسلحة، واستقر أمره بنواحي مستغانم وبالخصوص بسيدي علي، حيث عرف فيهما بإسم سي عبد الله. لقد ظهر بالناحية بشكل تدريجي، ثم تطور إلى أن أصبح شبه دائم بحلول صيف عام 1954، وكان الشهيد من بين جماعة الإثنين والعشرين، وبعد تحديد الأهداف وتوزيع المهام، قام الشهيد بجمع السلاح قصد الإستعداد للثورة. وهكذا تم تسجيل وقوع سبع عمليات في ليلة أول نوفمبر بمنطقة و»يليس» بلدية رمضان بن عبد المالك حاليا.
في مطلع نهار اليوم الرابع من شهر نوفمبر 1954 وصلت مجموعة رمضان بن عبد المالك إلى مشارف دوار أولاد سي العربي، وفي الغابة الموجودة عند أطرافه تمركزت لأخذ قسط من الراحة، وبعد فترة شوهد العدو يتقدم نحو مواقع المجاهدين، فقام هؤلاء بترك مواقعهم والتنقل غربا لتجنب الإصطدام معه لقلة عددهم ، بيد أنهم لما شرعوا في تنفيذ خطة الإنسحاب تبين لهم أن العدو، قد أحكم حصاره على المنطقة، فوقع الإشتباك، وتفرقوا في الغابة وإنفصل عنهم القائد بسبب عدم معرفته المكان. وإستعدادا لمجابهة الوضع، تحصن الشهيد مع المجاهد دوار الميلود بموقعهما، وفي حدود الساعة الرابعة بدأ القتال مع العدو، وبعد أن كثف هذا الأخير من قوته أصيب الميلود بجروح بليغة، في حين واصل الشهيد وحده القتال إلى أن أصيب بعدة طلقات ، وسقط شهيدا.