غينيا تبرّعت بشحنة كاملة من السلاح للثورة الجزائرية لفتح الجبهة الجنوبية
ودّعت الجزائر بداية الأسبوع الماضي أحد رجالات الثورة التحريرية الجزائرية، الذين قاموا بأدوار هامة خلال فترة حساسة من تاريخ الثورة المظفرة ، بعد أن تجاوزت الثورة العديد من عقبات المرحلة الأولى الممتدة من تاريخ تفجير العمل المسلح ضد قوات ومصالح الاحتلال الفرنسي في الجزائر في الفاتح نوفمبر 1954 إلى غاية عقد مؤتمر الصومام في ٢٠ أوت 1956، المجاهد الراحل أحمد بن سبقاق الملقب بـ «بوضراعة» عن عمر يناهز 91 سنة بمدينة جانت ولاية إيليزي .
يعدّ المجاهد بوضراعة من مواليد سنة 1927 بورقلة، وهو أحد ضباط الثورة التحريرية بالجنوب الجزائري، وهذا إبتداء من سنة 1956، تاريخ إلتحاقه بصفوف ثورة نوفمبر المجيدة.
تطرّق أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بالمركز الجامعي الحاج موسى أق أخاموخ بعاصمة الأهقار، مبارك كديدة، في حديثه لـ»الشعب» إلى تاريخ المجاهد الراحل أحمد بن سبقاق الذي تمّ تكليفه من قبل أحد أهم الشخصيات المخططة في الثورة، ومهندس مخابراتها عبد الحفيظ بوصوف بعدة مهام للاتصال سنة 1958، أين تنقل بن سبقاق ما بين سنتي 1958 و1959 بين تونس ومناطق «آجر» وليبيا و»آجر» بهدف ربط الاتصالات ما بين أعيان منطقة «آجر» وقيادات الثورة التي نجح فيها بشكل كبير، كما نجح في نقل شحنات من السلاح سلمها له بوصوف من طرابلس إلى آجر وقام بالتجنيد والتعبئة لصالح الثورة، بالرغم من الصعوبات وظروف الإحتلال البغيض حينها، ما جعل الثورة تعتمد عليه ليكون من بين الركائز التي تعتمد عليهم الثورة، لتجسيد مشروع الجبهة الجنوبية نهاية سنة 1959 وبداية 1960، التيكان أحد الرجال الذين شهدوا مراحل إنشائها، والتي تعتبر ذات الأبعاد الإستراتيجية، أين أخذت بعين الاعتبار كل الصعوبات التي واجهتها في الولايتين الخامسة والسادسة، ووضعت خطة محكمة للعمل عبر ثلاث مراحل وتحقّق عبرها كذلك ثلاثة أهداف دفعة واحدة.
في هذا السياق، أبرز الدكتور كديدة مبارك أن الضابط الراحل أحمد سبقاق كان عنصر اتصال للثورة بـ: «أق أبكدة» في منطقة «أجر»، كما عمل مع العديد من الشخصيات البارزة في تاريخ الثورة كـ»عبد الحفيظ بوصوف» و»فرانس فانون» و»هواري بومدين» و»محمد الشريف مساعدية» و»عبد الله بلهوشات» ورئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة» وغيرهم من الشخصيات المهمة في تاريخ الجزائر.
كلفه الرئيس الراحل بومدين بإنشاء مراكز تدريب بقاو وكيدال
في هذا الشأن دائما، أوضح أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، أنه تمّ تكليف المجاهد الفقيد من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين بالإلتحاق بالمنطقة الجنوبية لإنشاء مراكز تدريب بكل من «قاو» و»كيدال» رفقة «عبد القادر المالي» وباقي المجاهدين، أين تنقل رفقة «الطيب فرحات» من تونس وإيطاليا وصولا إلى آكرا العاصمة الغانية، أين استقبلهما «فرانس فانون» ورافقاه خلال محطات إعداد كل الأمور الخاصة بإنشاء الجبهة الجنوبية وكان شاهدا على جهود هذا المفكر المجاهد في صفوف الثورة الجزائرية من اتصالاته بشخصيات وقيادات على غرار أحمد سيكو توري» و»موديبو كايتا « في سبيل تجسيد الفكرة على الميدان وصولا إلى تنقلاته الشاقة والطويلة في سبيل ذلك، فقد اضطروا للتنقل برا من غينيا وصولا إلى معاينة عدة مناطق على الحدود المالية الجزائرية.
أكد كديدة أن المجاهد الراحل بوضراعة، كان دوره بالأساس في التجنيد والتعبئة والإتصال نظرا لنجاحاته في المهام التي أوكلت له من قبل، وبخصوصيات الشاب الذي كان يتقن لهجات تماهق والهوصا، ومن الجنوب ويعرف الكثير من خصوصيات السكان والمجتمعات الموجودة في المناطق القريبة من مناطق أقصى الجنوب الجزائري، وهو ما يريده قادة الثورة الذين أدركوا قيمته في الاتصالات الأولى، ومن ثم في عمليات التجنيد والتعبئة والإتصال بعد الشروع في تجسيد مشروع الجبهة الجنوبية.
وأضاف أنه من هنا نستنتج ذكاء وقدرة الثورة على استخدام كافة الطاقات الجزائرية الممكنة في خدمة القضية الجزائرية حينها، حيث كان (فانون) على صداقة وعلاقة مع القادة ويتقن الفرنسية وهذه الأخيرة لم يكن يتقنها بن سبقاق ولكن كان يتقن لهجات أكثر أهمية للاتصال بالنسبة للجبهة الجنوبية ونجاح تجسيد مخططها على أرض الواقع.
وقال أيضا، أن ما ميز هذه الشخصية أنه تحدث عن ما شهده واكتفى تاركا الأمانة للأجيال والمادة الخام للباحثين والمؤرخين، والملاحظ أنه خلال حياته رحمه الله عمل جاهدا على إبراز أحد صفحات تاريخ الجزائر في واحدة من أهم مراحل تاريخها والتي كان من الذين عملوا فيها وشهدوا أحداثها وتطوراتها، والأهم من ذلك أنه لم يكن متحفظا وإنما كان منفتحا على مختلف الشرائح المهتمة بقضايا التاريخ وخاصة أننا بتنا اليوم بأمس الحاجة لتسليط الضوء على مثل هذه المواضيع التي تبرز علاقاتنا المميزة مع بعض الشعوب والشخصيات، أضاف يقول الأستاذ الجامعي.
في هذا الصدد، أشار كديدة إلى أنه في إحدى شهاداته يؤكد على معلومة هامة شهد بها أيضا رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة «، مفادها أن غينيا تبرعت بشحنة كاملة من السلاح للثورة الجزائرية لفتح الجبهة الجنوبية تسلماها معا.