نحن في سباق مع الزمن لتدوين جزء من ذاكرتنا يندثر
في هذا الصدد، أبرز بيطام تضحيات جميع فئات الشعب الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي من أجل استرجاع السيادة الوطنية، فلا يوجد فرد من المجتمع الجزائري ليس له مجاهد أو شهيد سواء قريب أو بعيد قائلا: «الأغلبية الساحقة من هذا المجتمع قد قدم كل غالي ونفيس من أجل استرجاع السيادة الوطنية، ونحن نتألم أنه في كل لحظة يفلت من أيدينا جزء من ذاكراتنا، هذا لا يعني أنني أوجه اللوم لجهة رسمية على أنها قصرت في حق التاريخ الوطني».
وأضاف مدير المتحف أنه لا يعقل بعد مرور 60 سنة، نشاهد مآثر الثورة تندثر في كل لحظة، ويوميا نودع المجاهدين وبذلك نخسر جزء من ذاكرتنا، مشيرا إلى أن المتحف يتوفر على حوالي 5 آلاف شهادة حية، بحجم ساعي يقدر بـ2000 ساعة ما اعتبره بالعدد القليل.
في هذا السياق، ذكر بالمبادرات العديدة التي قام بها المتحف في سبيل صون الذاكرة الوطنية منها إصدار قصص تاريخية، موجهة للأطفال الناشئة تسمى «السلسلة التاريخية الثقافية من أمجاد الجزائر»، ودون تاريخها من 1830 إلى 1962، تتناول كل ما له علاقة بالنضال والجهاد والأحداث ، تشرف عليها لجنة تتكون من مفتشين لهم باع طويل في مجال التربية والجانب البيداغوجي، وحجمها لا يتجاوز 25 صفحة.
وأوضح أن، هذه السلسلة التاريخية عبارة عن قصص حررت بأسلوب سلس سهل مشكولة موجهة لمختلف القطاعات لاسيما الطور الأول والثاني ابتدائي، تم طبع 10 ملايين منها، أي 93 قصة طبعت من أصل 391 قصة أنجزت بحجم 100 ألف قصة لكل شهيد، أي حوالي 9 ملايين قصة وزعت آنذاك على قرابة 24 ألف مؤسسة تربوية. كما كلفت طباعة القصص في الذكرى الستين 12 مليار سنتيم على عاتق وزارة المجاهدين .
حاثا كل فرد جزائري له القدرة على المساهمة في توسيع مجال صدور هذه القصص، من خلال تسليم معلومة أو صورة شهيد أو وثيقة مكتوبة نادرة أو شريط يتعلق بالشهيد أن يتقرب من إدارة المتحف كي تتوسع العملية إلى أكثر عدد ممكن من الشهداء والشهيدات غير المعروفين، قائلا: «ليس بوسعنا كمتحف أن نكتب على مليون ونصف مليون شهيد، قمنا بعملية تحسيس من خلال اللقاءات الأسبوعية لتسليمنا شهادات أو وثائق حول الشهداء، نحن في سباق مع الزمن، جزء من ذاكراتنا يضيع».
وحسب مدير المتحف، فإن جمال عبد الناصر زعيم العروبة كان ينوي أن يكتب سلسلة أمجاد مصر، لكن لم يتحقق ذلك لأن الجانب القصصي أصعب عمل وتوجه للناشئة في مقتبل العمر، والعمل ليس سهلا من جانب الكتابة أما جمع المعلومات فهي مسؤولية كل فرد في المجتمع.
يرى بيطام أنه من واجب مدير كل مؤسسة تعليمية على مستوى الأطوار الثلاثة القيام بمبادرة على مستواه وبمساعدة زملائه من المدرسين في مادة التاريخ، بجمع ما يمكن من المعلومات ويسلم للمتحف ملف بشقيه الإداري والعلمي لكل شهيد وشهيدة أي شهادة ميلادهم واستشهادهم، حتى تدون المعلومات بشكل جيد أو معلومات تتعلق بالشهيد يرويها من مازال على قيد الحياة ،من الأصدقاء والأحباب والأعمام والأخوال والخالات الذين عرفوه.
هبة جماعية لتدوين مسار شهدائنا
وحسبه، فإنه من باب التحسيس والشعور بالمسؤولية علينا القيام بهبة جماعية لكتابة سيرة مليون ونصف شهيد، مع إطلاق أسمائهم على المؤسسات التعليمية، مؤكدا أنه رغم الضائقة المالية التي تمر بها الجزائر، لا يوجد ما يمنعنا من انجاز هذه السلسلة التاريخية وتصب عن طريق الانترنيت، ويمكن تحميلها من طرف المدرسين والمعلمين.
وقال أيضا أن المتحف يريد من خلال «مبادرة أنصار الذاكرة» التي تعتبر أول مبادرة في العالم العربي، القيام باستنطاق كل معلومة، كل محتشد، كل معتقل وكل مغارة، كل جبل، كل شجر، لإثراء بنك المعلومات، بجمع كل ما له علاقة بتاريخنا وجهادنا ونضالنا وأول قطاع الذي يرافقهم في العملية هو قطاع الإعلام. في هذا الإطار وجهت وزارة الثقافة مراسلة رسمية لكل المؤسسات العاملة تحت وصايتها، وكذا وزارات التعليم العالي والتربية الوطنية، الشؤون الدينية، الشباب والرياضة، التكوين والتعليم المهني للمشاركة في مبادرة أنصار الذاكرة لتعمم التجربة باقي الوطن.
علما أن هذه المبادرة انطلقت في 11 نوفمبر 2017، بعقد سلسلة من اللقاءات مع جميع المديريات التنفيذية التابعة للولاية، بأكثر من 30 لقاء مع وزارة التربية الوطنية والعملية متواصلة، للوصول إلى رسم خطة محكمة على مستوى العاصمة باعتبارها مقر لمؤسسات الدولة والتي تتوفر على إمكانيات ثم تعمم بعد ذلك، بحيث أن كل قطاع يجتمع معه تنصب نواة هي التي تحدّد الطريقة المناسبة لإشراك، كل الجزائريين والجزائريات في هذا العمل الذي يحتاج إلى صبر للخروج بمدونة تورث للأجيال.
في هذا الشأن، أكد بيطام أن الجزائر أول بلد في القرن العشرين أنجز ملحمة خالدة، قائلا: «لماذا نترك هذا الفيض من التضحيات الجسام التي قام بها شعبنا تضيع، المعلومات التي بحوزة الأشخاص يجب أن تدون وتسجل وتحفظ في أماكن آمنة مثل المتاحف»، مضيفا أن مهمة المتحف هو جمع المعلومات وتوفير المادة الخام وليس كتابة التاريخ، الذي هو من مسؤولية المؤرخين والباحثين.
موازاة مع ذلك كشف مدير متحف المجاهد عن أنه في الأيام القادمة سيكون لقاء مع قطاع الصناعة والخارجية وكل القطاعات الأخرى، ليختتم بعقد ندوة تجمع فيها كل هذه الهيئات على مستوى العاصمة للخروج بخطة محكمة تسمح بتوسيعه على مستوى 48 ولاية، علما أن هناك مشاورات متواصلة مع قطاع الفلاحة والإعلام لتحديد كيفية الاستمرار في هذا العمل، و فيه نواة على مستوى وزارات التربية، الشباب والرياضة والشؤون الدينية.
محطّات بارزة في الذاكرة الوطنية
19 أوت 1958: اختتمت الجمعية العالمية للشبيبة أشغالها في نيودلهي بالهند بإعلان دعمها لإستقلال الجزائر.
19 أوت 1959: راسلت لجنة الهلال الأحمر الجزائري مراقب التجارة والتموين بميناء طرابلس للموافقة على تخصيص مداخيل الزورق المتحول في إطار الدعم المادي للثورة الجزائرية.
20 أوت 1955: قام جيش التحرير الوطني بهجوم واسع على الشمال القسنطيني بقيادة زيغود يوسف.
20 أوت 1956: انعقد المؤتمر الأول للثورة الجزائرية بمشاركة نخبة من القادة بوادي الصومام بقرية «إيفري» ببجاية.
21 أوت 1956: أجرت جبهة التحرير الوطني تجربة أول قنبلة من اختراع الطالب الكيميائي طالب عبد الرحمان بشاطئ النخيل.
21 أوت 1957: اجتمع المجلس الوطني المنعقد بالقاهرة تمّ فيه إعادة تشكيل لجنة التنسيق والتنفيذ وإلغاء وتعديل المبادئ الأساسية، التي أقرها مؤتمر الصومام لأولوية العمل السياسي على العسكري والداخل على الخارج والتأكيد على المبادئ الإسلامية للدولة الجزائرية.
22 أوت 1960: طالبت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بإجراء استفتاء حول تقرير مصير الشعب الجزائري تحت رقابة هيئة الأمم المتحدة.
22 أوت 1961: صعدت فيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا من عملياتها الفدائية، بتنفيذ 13 هجوما في باريس ردا على سياستها التعسفية إزاء المهاجرين المساندين للقضية الجزائرية.
23 أوت 1955: قررت حكومة «إدغار فور» إبقاء المجندين من دفعة 1954-1955 في الخدمة العسكرية بعد انتهاء المدة القانونية لإقحامهم من جديد في الحرب ضد معاقل الثوار.
23 أوت 1961: واصل المجلس الوطني للثورة الجزائرية دراسة أوضاع الثورة وتطورها في إجتماع القاهرة مع التشكيلة الثانية للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية برئاسة بن يوسف بن خدة خلفا لفرحات عباس.
24 أوت 1955 : طردت السلطات الفرنسية الصحفي «روبير لامبوت» في جريدة «لومانيتي» من الجزائر بسبب نشره مقالات صحفية انتقد فيها السياسة الفرنسية في الجزائر.
24 أوت 1959: عبر أسيران فرنسيان للصحافة الفرنسية على إثر إطلاق جيش التحرير الوطني سراحهما عن حسن معاملتهما، من قبل قادة جيش التحرير الوطني وجنوده.
25 أوت 1957: قررت قيادة الثورة الجزائرية نقل الحرب إلى فرنسا، وتصعيد عملياتها الفدائية على التراب الفرنسي.
25 أوت 1960: دعا الزعيم الإفريقي والوزير الأول الكونغولي «باتريس لومبا» لعقد ندوة إفريقية حول القضية الجزائرية بـ»ليوبولدفيل».
26 أوت 1958: نشرت هيئات رسمية إحصائيات عن عدد الجزائريين في المحتشدات قدر بـ364 ألف في أول جانفي 1958 وارتفع إلى 485452 في أول جويلية من نفس السنة.
26 أوت 1961: حضر الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين أشغال المنتدى العالمي للشباب في موسكو في إطار التعريف بالقضية الجزائرية.
27 أوت 1937: أوقفت سلطات الإحتلال مصالي الحاج ومجموعة من رفقائه منهم محمد خيضر ومفدي زكرياء وغيرهم، بتهمة تحريض الشعب ضد سيادة فرنسا.
27 أوت 1959: قام الرئيس الفرنسي شارل ديغول بزيارة تفقدية لقوات الاحتلال بالجزائر، ليؤكد على عملها في إطار عمليات الجنرال موريس شال العسكرية.
28 أوت 1961: قام فيدائيو جبهة التحرير الوطني بفرنسا بتفجير مخازن للوقود في العديد من المدن الفرنسية، لإشعار الفرنسيين بقدرة الثورة الجزائرية على ضرب فرنسا في عقر دارها وفي منشأتها الإستيراتيجية.
28 أوت 1961: اجتمع أعضاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية بطرابلس، وتقرّر تشكيل ثالث حكومة جزائرية مؤقتة برئاسة بن يوسف بن خدة لمواجهة إستيراتيجية شارل ديغول السياسية خاصة في المحادثات المقبلة.
29 أوت 1937: نظم المناضلون تجمعا كبيرا بمدينة تلمسان تنديدا بعملية اعتقال مسؤولي حزب الشعب الجزائري من طرف السلطات الفرنسية.
29 أوت 1959: انتهت مهمة بعثة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بقيادة محمد يعلى إلى أوروبا الشرقية التي جمعته بشخصيات حكومية وغير حكومية، لتأسيس مكاتب خارجية لجبهة التحرير الوطني بهذه البلدان.
30 أوت 1955: أعلنت السلطات الفرنسية تمديد حالة الطوارئ في كامل التراب الجزائري أمام الضربات القاسية الموجهة للجيش الفرنسي.
30 أوت 1958: عقدت الأمانة الدائمة للمغرب العربي اجتماعها الأول بتونس العاصمة ودعت إلى تنسيق النشاطات النضالية ضد الاستعمار الفرنسي.
31 أوت 1959: شن الجيش الفرنسي هجومات واسعة النطاق شملت كامل التراب الوطني، عرفت باسم عمليات «شال» العسكرية انطلاقا من الغرب الجزائري.
31 أوت 1961: انعقد بمدينة «ريدج فيلد» الأمريكية المؤتمر الثاني لفرع الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين استمر إلى غاية التاسع من سبتمبر، حيث قدم تقارير اقتصادية واجتماعية ومساعدة مالية إلى الهلال الأحمر الجزائري لدعم الثورة التحريرية 2062 دولار.