التربية الإيمانية والأخلاق هي الأساس الأول

كيـف نربـي أبنــاءنا علـى حـب الصـلاة؟

قال الأحنف بن قيس يعظ معاوية في فضل الولد: يا أمير المؤمنين هم ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة وبهم نصول على كل جليلة. فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فأرضهم يمنحوك ودهم ويحبوك جهدهم.
ولأن أبناءنا هم رياحين الحياة وفلذات الأكباد فقد أوصى اللّه تعالى الأبوين بهم خيرا، وأمر النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بحسن رعايتهم وتأديبهم ورحمتهم فقال ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مبينا من هو خير الناس: ''خيركم خيركم لأهله'' وأعظم ألوان الخير لأفراد الأسرة حسن الرعاية والتأديب.
وإن أعظم صور تأديب الأبناء تعليمهم الصلاة وغرس محبتها في قلوبهم ليقوموا بحقوقها خير قيام.
فهي الشعيرة العظيمة التي سماها الرسول ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ نورا وجعلها للدين عمادا وهي الصلة التي تربط بين العبد وخالقه في اليوم الواحد خمس مرات، هي محطات للخلوة بالإله العظيم ومناجاته وذكره وتعظيمه سبحانه...
فيها يقف العبد موليا وجهه نحو ربه. فييمم رب العزة وجهه الكريم نحو عبده ويقول جل من قائل: ''حمدني عبدي...مجدني عبدي...فلعبدي ما سأل'' وهي مفتاح الجنة والحصن الحصين من الذنوب والمعاصي. قال تعالى: ﴾إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴿.
وقد نبّه رسولنا الكريم ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الأبوين إلى ضرورة ربط صلة الأبناء باللّه تعالى في سن الطفولة المبكرة ـ عند سن السابعة ـ لأن ذلك أدعى أن يشب الأولاد على محبة اللّه والحرص على الصلاة. وإدراك أسرارها وفضائلها الكثيرة فقال ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ''مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ''.
وتطبيقا لحديث المصطفى ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أضع بين يدي إخواني الآباء وأخواتي الأمهات هذه الطرق والخطوات العملية التي تساعد على تحبيب الصغار (بنين وبنات) في الصلاة والحرص عليها.
 فلا يتوقع الأبوان التزاما تاما من الأبناء بأداء الصلوات وقلوبهم فارغة من معاني العقيدة؛ لأن الطفل في مراحله المبكرة لا يستطيع إدراك الغيبيات فيكون دور الأبوين هنا تقريب معاني العقيدة كحقيقة اللّه الواحد ومعنى النبوة، وحقيقة اليوم الآخر، ونسبة الدنيا إلى الآخرة.
ولنا في ذلك القدوة الحسنة من رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وقد اعتنى في السنوات الأولى من الدعوة بتثبيت عقيدة الإيمان باللّه الواحد في نفوس أصحابه حتى إذا استقرت، لم يجد أصحابه غضاضة في طاعة أوامر اللّه والعمل بأحكام الشريعة. فيعلم الطفل منذ نعومة أظفاره أن اللّه هو خالق كل الناس والأشياء المحيطة به  .
أن يقدم الأبوان القدوة الصالحة لأبنائهم :في الحرص على الصلاة في أول الوقت، والعناية بالسنن والنوافل بعد الفرائض، لأن الأطفال مولعون في الصغر بتقليد الآباء، إذن فليستغل الآباء هذه الملكة في غرس محبة الصلاة لدى أبنائهم.
فإذا اعتاد الأبناء رؤية الآباء يسارعون إلى ترك أي عمل على أهميته والمسارعة إليها بعد كل أذان فستترسخ في قلوبهم الصغيرة أهمية الصلاة وإدراك فضلها. ويستحب كذلك أن ترتبط مواعيد الأسرة بمواقيت الصلاة كالخروج لسفر، أو زيارة قريب فيقول الأب مثلا سنزور جدتكم بعد صلاة العصر إن شاء اللّه فترتبط حياة الطفل فيما بعد بالصلاة حتى في شقها الدنيوي.
 الاستعانة بالقصص والمواعظ المأثورة عن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وأصحابه أو قصص الصالحين ليدرك الطفل فضل الصلاة وسر تعلق الكبار بها. لأن استغلال الخطاب المباشر قد لا يستوعبه الطفل في المراحل المبكرة فقد يعتبر الصلاة عبأ ثقيلا لأنها تمنعه اللعب.
 مصاحبة الأطفال إلى المسجد لأن بيوت اللّه هي مواطن إنشاء الرجال العظماء المتشبعين بمحبة اللّه والحرص على طاعته حتى تتعلق قلوبهم الصغيرة بمحبة بيوت اللّه، وحيث سيجدون دروس العلم والإرشاد والرفقة الصالحة ويتربون على معاني الإيمان كلما كبرت أعمارهم وازداد وعيهم.
الاعتماد على مكافأة الأبناء كلما حافظوا على صلواتهم :إن كل طفل يكتسب معالم شخصيته وثقته بنفسه أولا من قبل والديه فكل طفل يحتاج إلى التحفيز والمكافأة على كل عمل إيجابي يقوم به ـ وهو أمر أساسي في موضوع التربية عموما ـ فكيف إذا تعلق الأمر بالصلاة.
وطرق مكافأة الطفل تكون: بالثناء عليه أمام أفراد العائلة، أو تخصيص هدية يحبها الطفل لأن قيمة الهدية ستجعله يدرك قيمة الصلاة وأهميتها. علما بأن علماء التربية ينصحون بالتدرج مع الطفل في أداء الصلاة فيكفي في اليوم الأول المحافظة على صلاة واحدة وفي اليوم الثاني على صلاتين...إلى أن يصل إلى مستوى المحافظة على الصلوات الخمس بنجاح.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024