إفشاء السلام يزيل الضغينة من القلوب

كم من الناس لا تراه إلا عابس الوجه، مقطب الجبين، لا يعرف التبسم واللباقة، ولا يوفق للبشر والطلاقة، فتجده فظا غليظا، لا يتراخى، ولا يتآلف، ولا يلذ إلا المهاترة  والإقذاع، ولا يتكلم إلا بالعبارات النابية، التي تحمل في طياتها الخشونة والشدة، والغلظة والقسوة. وذلك كله مدعاة للفرقة والعداوة، ونزغ الشيطان، وعدم قبول الحق.
بل إنه ينظر إلى الناس شزرا، ويرمقهم غيظا وحنقا، لا لذنب ارتكبوه، ولا لخطأ فعلوه، وإنما هكذا يوحي إليه طبعه، وتدعوه إليه نفسه. وهذا الخلق مركب من الكبر، وغلظ الطبع، فإن قلة البشاشة استهانة بالناس، والاستهانة بالناس تكون من الإعجاب والكبر. وقلة التبسم وخاصة عند لقاء الإخوان تكون من غلظ الطبع، وهذا الخلق مستقبح فالعبوس وما يستتبعه من كآبة، واضطراب نفس دليل على صغر النفس، أما النفوس الكبيرة فيكتنفها جو السكينة، والطمأنينة. قيل لحكيم: من أضيق الناس طريقا، وأقلهم صديقا؟ قال: من عاشر الناس بعبوس وجه، واستطال عليهم بنفسه. فأما المسلم الواعي لأحكام دينه فيعلم أن الإسلام الذي دعا إلى المحبة والتواصل والتعاطف، هو الذي حرم التباغض والقطيعة والهجر، المتحابين الصادقين لا تفرق بينهما الهفوات العارضات، ذلك أن عروة الحب في اللّه أوثق من أن تنفصم من أول ذنب يقترفه أحدهما، فالسلام مدعاة للمحبة، ومجلبة للمودة، فإذا ما أفشى الناس السلام توادوا، وتحابوا، وإذا توادوا وتحابوا زكت نفوسهم، وزالت الوحشة فيما بينهم، فتحسن أخلاقهم تبعا لذلك. عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: ''لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم''، رواه مسلم.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024