إذا ما استوقفت الناس تسألهم عن مفهوم الرجولة قائلاً: من هو الرجل الحق؟ فقد يجيبك أحدهم: الرجل هو صاحب الكلمة المسموعة بين قومه، وقد يجيبك ثان: إن الرجل الحق هو الذي يستطيع أن ينفق على أهله وييسر لهم حياة كريمة. وقد ينظر ثالث إلى الرجولة من منظور آخر فيقول: إن الرجل هو الذي لا يرجع عن أمر أبرمه، فإذا عزم على شيء نفذه ولو كان خطأً.
وإنك لتعجب من رأي أحدهم في الرجولة، إذ يقول: إن الرجل هو الذي يستطيع أن يمتع النساء قولاً وفعلاً، مع أن ذكور الحيوانات كرمنا اللّه وإياكم لها باع في هذا ولا تعتبر من الرجال.
والحق أن الآراء تتعدد، فكل ينظر من زاوية رؤية خاصة.
وعلينا في هذه الحال أن نستفتي القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ففيه الصورة كاملة جلية لذوي الألباب، إذ يقول القرآن الكريم في سورة النور، ﴾في بيوت أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال (٣٦) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار (٣٧)﴿، فالرجل هو الذي لا تتحكم فيه شهوة أياً كانت، وليست التجارة ولا البيع في الآية إلا رمزين لكل ما من شأنه أن يكون ملهياً عن عبادة اللّه، فإذا أمسك الإنسان لجام نفسه وصرفها عن الشهوات والملهيات كان رجلاً بحق، حسب المفهوم القرآني للرجولة.
وثم موضع آخر في كتاب ربنا نستبين منه نظرة القرآن إلى الرجولة، هو قوله تعالى في سورة الأحزاب، ﴾من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا﴿، (الأحزاب الآية ٢٣). هؤلاء هم الرجال حقاً، وأيضاً قوله تعالى: ﴾لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه رجال يحبون أن يتطهروا واللّه يحب المطهرين﴿، (التوبة الآية ١٠٨).
من المؤمنين رجال
شوهد:1424 مرة