فيما يعد المجتمع المدني حديث النشأة باليمن

الحـوار المفتـوح بين الشــركاء الخيـار الاستـراتيجي البــديــل

سعيد بن عياد

لا يزال المجتمع المدني حديث النشأة في اليمن وهو حديث العهد بالحياة العامة للبلاد التي تنتظر الانتقال إلى مستوى متقدم في الممارسة الديمقراطية بما يعزز مسعى بناء دولة المؤسسات. وأكد شايف جار الله مستشار وزارة حقوق الإنسان باليمن أمس من جريدة «الشعب» حيث نشط ندوة نقاش ضيف الجريدة رفقة مقبول قايد عبد الكامل قيادي باللقاء المشترك وعلي حسين الخولاني قيادي بحزب المؤتمر الشعبي، أن المجتمع المدني في اليمن لا يزال في طور التشكل ولا يتعدى ١٢ ألف منظمة مدنية، معتبرا مسار بناء المجتمع المدني تجربة متواضعة ولا يزال المجتمع بكافة أطيافه لا يعي جيدا الدور المطلوب من المنظمات المدنية التي يوجد منها جانب نشيط والآخر يبحث عن موقع تحت الشمس.
وأشار إلى أن الوضعية الراهنة تتطلب من أصحاب المنظمات المدنية الحرص على الاستفادة من تجارب المجتمعات الأخرى التي قطعت شوطا كبيرا في هذا الاتجاه ومن المفيد مواكبة تلك التجارب والاستفادة منها مع الحفاظ على الخصوصيات المحلية، وأضاف أنه عاين وجود انفصام بشأن طبيعة المهام المخولة للمجتمع المدني في ظل هيمنة الأحزاب السياسية التي تتحكم في ما يدور حولها ومنه المجتمع المدني مما أفقد المنظمات المدنية معناها.
وبهذا الخصوص أكد وجود وبشكل مستمر خلط بين الحزب كطالب للسلطة والمجتمع المدني كدعامة جوارية ترافق مسار التنمية ومراقبة دواليبها بما يحافظ على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بمفهومها الشامل من إنزلاقات تتمخض عن الحراك السياسي الذي يقفز أحيانا على مصالح المواطنين.
وفي رده على اعتبار أن اليمن ضحية للجوار من جانب، ولطبقة حزبية لئيمة وانتهازية من جانب آخر، أوضح الضيف أنه لا ينبغي تعليق الأخطاء على الخارج لكن المشكل يتعلق بمدى وجود أرضية خصبة للتدخل الخارجي الذي يتوسع كلما وجد فراغا محليا نتيجة التقصير في الأداء أو الضعف في معالجة القضايا المطروحة، ولذلك كلما كانت هناك بيئة موبوءة فاسدة كلما أمكن للخصم التوغل واللعب فيها على طريقته وحسب مصالحه مما يفرض تقوية البناء الداخلي وتعزيز أدوات الديمقراطية والشفافية لمنع ذلك.
وبالفعل ما أسهل أن تقوم ثورات شعبية، لكن ما أصعب بناء دولة قائمة على أسس متينة لا تتأثر بهزات ظرفية محلية أو يحيكها أجانب من دول ذات المصالح الإستراتيجية الإقليمية والعالمية، والتي تستهدف بعضها بلاد اليمن مستثمرة في النزاع الداخلي الناجم عن الصراع بين السلطة السابقة والرغبة الشعبية في التغيير مما أدى بتحول مطالب ذات طابع اجتماعي واقتصادي إلى مطالب سياسية فتمخض عنه حراك دام طويلا وخلف ضحايا كثر إلى سقوط نظام الحكم السابق بأبعاد رموزه الكبار وإقامة نظام حكم انتقالي يحضر للانتخابات الرئاسية المقررة في ٢٤ فيفري ٢٠١٤.
وتتجه الأنظار إلى فعاليات مؤتمر الحوار الوطني المشكل من ٥٦٥ عضو يمثلون كافة الاتجاهات والمشارب اليمنية، مما يجعله على درجة عالية من المسؤولية في الحرص على تقديم البديل السياسي الممكن والقادر على إنتشال اليمن من دوامة أزمة لم تخمد نهائيا إلى رحاب الدولة القائمة على المؤسسات وسيادة القانون بشكل يؤدي إلى التراجع التدريجي لثقل القبيلة التي لا تزال تهيمن على المنظومة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في يمن لم يعد سعيدا منذ أمد طويل، ويستحق وضعا أفضل بكثير مما هو عليه أو مما كان في الماضي، وهو البلد والشعب الحامل لموروث حضاري يضرب جذوره في التاريخ.
وفي ظل الوضع الراهن المفتوح على تطلعات مشروعة للشعب اليمني الذي يواجه صعوبة الجغرافيا وقلة الموارد، يبقى الحوار الداخلي الآلية المثلى للتخلص من إرث الماضي الذي يثقل كاهل المواطن البسيط الذي لا يجد بديلا عن عشبة القات لنسيان أوضاعه التي لا تحتمل أملا في غد أفضل يكون فيه الإنسان في جميع مناطق البلاد مواطنا كامل الحقوق يؤثر في القرار ولا يخضع لمعادلة السلطة القائمة على توازنات خارج الإرادة الشعبية، خاصة وأن هناك نخبة من الكفاءات يمكنها الدفع بالأوضاع إلى الأمام بما يجعل اليمن سعيدا وشريكا إقليميا لا تنال منه تجاذبات المنطقة ومراكز القرار لدى البلدان القوية. ويكون البلوغ إلى  هدف بناء الدولة المؤسساتية وبالمفهوم الصحيح بتوسيع دائرة الحكم واعتماد الإرادة الشعبية مرجعية وإشاعة الحريات والعدالة التي تبقى صمام أمان تفادي النزاعات المناطقية التي تؤدي في حالة تفاقمها إلى حرب أهلية، عرف الشعب اليمني كيف يفلت منها ليفتح صفحة جديدة ينتظر أن يكتبها جميع أبناء اليمن بلا إقصاء ولا تهميش وبعيدا عن الضغائن، خاصة إذا ما تقدم الأكفاء من الصف الثاني غير المتورطين في النزاعات السابقة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024