لم نعد نتفاجأ إطلاقا ونحن نرى أطفالا صغارا من أبناء الجزائر، وهم قابعون بكل تركيز أمام الحواسيب في البيوت وفي محلات الانترنت ، يبحرون ويكتبون ويتواصلون فيما بينهم ،كما أصبح عاديا جدا منظر المراهقين الجزائريين أمام المتوسطات والثانويات وفي الشارع، هم يحملون هواتفهم النقالة يتحادثون بها ،ويستعملون بمهارة خدماتها المتنوعة ،إلى درجة أنهم يتابعون أكثر من الكبار آخر الماركات، وأخر الاختراعات والخدمات التي تقدمها هواتفهم، في منظر يثير استغراب بل وحسد الكبار.إنه بالفعل شيء يثلج صدور الجميع وعلامة بارزة على أن أجيال الجزائر القادمة بذكائها ستتحكم دون شك في عصب الحياة الحديثة، وبمعنى أخر ستتحكم في تكنولوجيا الإعلام والاتصال.
لاينظر لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات اليوم على أنها مجرد أداة لتسهيل وتيسير الأعمال المؤسساتية والفردية ، بل أصبح ينظر إليها على أنها ضرورة قصوى من أجل اللحاق بكل المتغيرات الآنية في العالم ، هذه المتغيرات التي أصبحت تتشكل على أسسها قرارات الدول والأفراد، وأصبحت هذه التكنولوجيا هي عماد الاقتصاد لبعض الدول، إن لم تكن قد أصبحت تشكل جزءا هاما من اقتصاد كل دول العالم، ويمكن القول بأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي مجموعة الأدوات والأجهزة التي توفر عملية تخزين المعلومات ومعالجتها ومن ثم استرجاعها ، وكذلك توصيلها بعد ذلك عبر أجهزة الاتصالات المختلفة إلى أي مكان في العالم ، أو استقبالها من أي مكان في العالم.
ولا يعني مصطلح ڤعصر المعلوماتڤ فقط اعتماد الإنسان على استخدام الحاسب والوسائل الإلكترونية فى جميع أعماله، وإنما يعني أيضا إزدياد حجم المعلومات التي أنتجها البشر خلاله، كما تعني أيضا الاعتماد على المعلومات المتاحة في جميع عمليات التنمية، بجانب حرية تداول المعلومات والبيانات .
لقد ساهمت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بوضوح في رفع مستوى المعيشة في دول العالم المتقدم، وفي توفير المعلومات الداعمة على إتخاذ القرارات الإستراتيجية نحو مجتمع أكثر رخاء، إضافة إلى أنها خلقت ملايين من فرص العمل، ودعمت اقتصاد الدول، ومكنت من تقديم نوع من التعليم أكثر إيجابية، كما ساعدت على حل مشكلات صحية واجتماعية من خلال وسائل الإتصال، ومكنت من المساعدة على الحد من الفقر في بعض دول العالم النامي، في ذات الوقت الذي تمثل فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عصبا رئيسيا في اقتصاد الدول المتقدمة.
وأشارت الدراسات الأخيرة إلى أن عدد مستخدمي الهواتف النّقالة حول العالم سيتجاوز عدد السكان الفعلي للكرة الأرضية، وذلك بحلول عام ٢٠١٥، حيث يرى التقرير الصادر عن البنك الدولي ،أن عدد المشتركين في خدمة الاتصالات الهاتفية النقالة سيصل إلى ٩ مليارات فيما سيكون عدد سكان العالم فعليا آنذاك يساوي ٧,٥مليار شخص فقط.
وحسب تقرير الاتحاد الدولي للاتصالات الذي يقام سنويا لقياس مجتمع المعلومات فإن عدد اشتراكات الهواتف النقالة قد وصل إلى ٦ مليارات مشترك، وللشرق الأوسط وشمال إفريقيا نصيبٌ من هذه الأرقام.
مشروع الجزائر الالكترونية
جاء في البرنامج الإستراتيجي الذي وضعته الدولة تحت عنوان «الجزائر الإلكترونية، سنة ٢٠٠٨» أن الإستراتيجية تندرج ضمن رؤية رامية إلى بروز مجتمع العلم و المعرفة الجزائري مع الأخذ بعين الاعتبار التحولات العميقة والسريعة التي يعيشها العلم ، وتهدف الإستراتيجية التي تتضمن خطة عمل متماسكة وقوية ، إلى تعزيز أداء الاقتصاد الوطني والشركات والإدارة ، كما أنها تسعى إلى تحسين قدرات التعليم والبحث والابتكار، و إنشاء كوكبات صناعية في مجال تكنولوجيات الإعلام و الاتصال ،ورفع جاذبية البلد وتحسين حياة المواطنين من خلال تشجيع نشر واستخدام تكنولوجيات الإعلام
والاتصال ، وتتمحور خطة العمل هذه حول ١٣ محورا رئيسيا أهمها:
تسريع استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال في الإدارة العمومية، تسريع استخدام تكنولوجيات الإعلام و الاتصال في الشركات، تطوير آليات وحوافز تسمح بإستفادة المواطنين من تجهيزات وشبكات تكنولوجيات الإعلام والاتصال ، دفع تطوير الاقتصاد الرقمي، تعزيز البنية الأساسية للاتصالات ذات الدفق السريع والفائق السرعة، تطوير الكفاءات البشرية، تدعيم البحث،التطوير والابتكار.
أشارت أرقام أوردها مركز البحوث في الاقتصاد التطبيقي من اجل التنمية على سبيل المثال ،ان عدد مقاهي الانترنت في الجزائر في ٢٠٠٨ بلغ ٩٣٠٠ و٥١٥٠٤ كشك متعدد الخدمات، في حين بلغ عدد خطوط الهاتف ٣,٥ مليون ، وأكثر من ٧٠٠ ألف حاسوب ، وأكثر من ٣١ مليون تلفاز ، و١٨٣٨٤ حاسوب في المتوسطات، و٢٤٨٤٨ بالثانويات و٤٥٠٠٠ بالجامعات و٢٠٠٠٠ بمراكز التكوين المهني ، وعلى مستوى المؤسسات ٥٨ بالمائة لها عنوان الكتروني ،مقابل ٢٩ لها مواقع ويب، في حين بلغت نسبة الدخول إلى الانترنت ٤١ بالمائة .
وإذا كانت العديد من الإدارات ،ومنها الحالة المدنية في العديد من البلديات،قد أصبحت مرقمنة ،فإن السجل التجاري الإلكتروني سيدخل الخدمة هذه السنة ، وتحصي الجزائر اليوم ما يقارب ٤ ملايين مستخدم على شبكة فيسبوك للتواصل الاجتماعي ، وهي الخدمة التي مكنت الجزائريين من التواصل وإرسال رسائل وتلقي المعلومات ،وأصبح من حق الجزائريين ان يسجلوا أسماء نطاقاتهم باللغة الوطنية لتصفح الموقع على الشبكة العنكبوتية .
وتعتبر بلادنا الـ١٠ عربيا في قائمة الأسواق العربية الأكثر تنافسية في مجال الهاتف النقال ، وتسعى حاليا لتدارك التأخر المسجل في عالم تكنولوجيا الإتصال ،فتم تنظيم صالون دولي بوهران من صلب أهدافه الاستراتيجية الوطنية (الكل رقمي) ،وتوجت المجهودات المبذولة وطنيا في تصنيفها مؤخرا من طرف الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية ضمن البلدان الـ٧ العربية التي أحرزت تقدما في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال،وكل هذا لا يمنع أن نحكم على القطاع في بلادنا بأنه في وضع صعب مقارنة بغيرنا ويتطلب مجهودات إضافية كبيرة .
شبكات تقرب المسافات
ساهمت شبكات الهاتف النقال ،أو ما يعرف بالمتعاملين الثلاثة بقوة وبدور محوري في نشر تكنولوجيا الإعلام والاتصال ببلادنا ،من خلال خدماتها وعروضها التنافسية فيما بينها ، وكانت بالفعل شركات مواطنة لتقربها من الجزائريين برعايتها للرياضة وعملياتها التبرعية ، وهذه الشركات هي:
موبيليس هي أول شبكة للهاتف المحمول في الجزائر تأسست عام ٢٠٠٣ كفرع للمؤسسة العمومية اتصالات الجزائر بلغ عدد مشتركيها تسعة ملايين مشترك سنة ٢٠٠٧.شعار الشركة والكل يتكلم ،ويقدم المتعامل التاريخي عروضا متنوعة وتنافسية ، وتشرف اتصالات الجزائر على خدمة الانترنت بمستوى يتطلب مزيدا من الجهد.
جازي جي إس إم، فرع أوراسكوم للاتصالات ، مشغّل شبكة الجزائر للمحمول وثاني متعامل تاريخيا، بحصّة سوق ٦٥ ٪ (أكثر من ١٣ مليون مشترك ومشتركة ابتداء من ديسمبر ٢٠٠٧) وبتغطية شبكية ٩٣ ٪ من السكان (٤٨ ولاية) أكتسب رخصة جي إس إم الثانية في البلاد في جويلية ٢٠٠١، مع عرض قدره ٧٣٧ مليون دولار، وأطلق رسميا في ١٥ فيفري ٢٠٠٢ شعار الشركة عيش الحياة وقد اكتسب المتعامل ثقة الجزائريين بفضل دخوله بقوة وعروضه التنافسية المتنوعة.
الوطنية للاتصالات الجزائر، أول متعامل للهاتف النقال متعدد الوسائط في الجزائر، تحصل على رخصة استغلال الهاتف النقال في الجزائر في ٢ ديسمبر ٢٠٠٣ بعد عرضها المالي المقدر بـ ٤٢١ مليون دولار، وفي ٢٥ أوت ٢٠٠٤ تم الإطلاق التجاري لعلامتها التجارية المسماة ڤنجمةڤ بتشكيلات من المنتجات والخدمات الفريدة من نوعها بشعار نحبها ونحب اللي يحبها، وهي الان تابعة لشركة كيوتل القطرية، و أدخلت ڤنجمةڤ معايير جديدة لعالم الاتصالات في الجزائر ،كما تقترح عروضا و منتجات وخدمات مبتكرة، ذات جودة بفضل أجهزة من أحدث التكنولوجيا، ومنها الانترنت مؤخرا، و خدمة زبائن بمعايير عالية.
ولقد بلغ عدد المشتركين في شبكة الهاتف النقال خلال ٢٠١١ في الجزائر ٢ر٣٥ مليون مشترك ئمما يمثل ارتفاعا ب ٥ر٢ مليون زبون مقارنة بسنة ٢٠١٠ .
وحسب سلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية الجزائرية فأنه تم تسجيل مجموع ٨٩٣ ٢٢٨ ٣٥ زبون إلى غاية نوفمبر ٢٠١١ مضيفا أن العدد في ارتفاع محسوس مقارنة بسنة ٢٠١٠ حيث تم تسجيل ١٦٥ ٧٨٠ ٣٢ مشترك.
وبهذا بلغت نسبة الاشتراك أكثر من ٩٥ بالمائة من سكان البلاد في خدمات المتعاملين الثلاثة للهاتف النقال.
ويأتي المتعاملان (جيزي) واتصالات الجزائر موبيليس في الصدارة من حيث حصص السوق متبوعين ب (نجمة) من حيث عدد المشتركينئ.وكان المتعامل جيزي يملك ٨١ر٤٦ بالمائة من الحصص خلال ٢٠١١ ب٦٩٠ ٤٩٠ ١٦ مشترك ممائيمثل ارتفاعا مقارنة بسنة ٢٠١٠ (٣٩٣ ٠٨٧ ١٥ مشترك).
كما تم تسجيل ارتفاع في عدد المشتركين في شبكة موبيليس من ٧٧٤ ٤٤٦ ٩ مشترك خلال ٢٠١٠ إلى ٠٩٨ ٢٨٠ ١٠ مشترك خلال ٢٠١١بحيث بلغت حصته في السوق ١٨ر٢٩ بالمائة.
وبلغ عدد مشتركي المتعامل ڤنجمة٨ ٤٥٨ ١٠٥ ڤ مشترك خلال ٢٠١١ مقابل ٩٩٨ ٢٤٥ ٨ مشترك خلال ٢٠١٠ بحيث قدرت حصته في السوق ب٠١ر٢٤ بالمائة.
وهكذا فان الجزائر تحتل المرتبة الثالثة قاريا بعد جنوب افريقيا ومصر.
الجيل الثالث قريبا
قال وزير القطاع موسى بن حمادي، أن إطلاق تكنولوجيا الجيل الثالث في الجزائر سيكون قريبا ،بعد أن تم الانتهاء من وضع دفتر الشروط ، وجاهزية المتعاملين الثلاثة، مؤكدا أن الحكومة انتظرت حل مشكل «جازي» لمنحه نفس الفرص ولكنها لن تنتظر لوقت أطول.
وأن دفتر الشروط المتعلق بالجيل الثالث أصبح جاهزا لتعميم استعمال هذه التكنولوجيا، مشيرا إلى أن المتعاملين الثلاثة للهاتف النقال أصبحوا جاهزين لإطلاق هذه التكنولوجيا، حيث أنهم قاموا بتركيب هوائيات الربط ''بي.تي.أس'' على المستوى الوطني .
وقد عرفت نهاية السنة ربط جميع البلديات بالألياف البصرية، ما عدا تلك المتواجدة في المناطق النائية بالصحراء، وحسب الوزير فإن مشاكل التدفق العالي المنتظم للأنترنت ستنتهي مع نهاية سنة ٢٠١٥، بعد تعميم الألياف البصرية بإيصال جميع السكان بالشبكة.
أما المشاكل المرتبطة بالتذبذب في التزود بالأنترنت، فتعود حسب الوزارة إلى نوعية الشبكة المستعملة والمصنوعة من النحاس، والتي توضع حسب مقاييس تؤمن الكوابل الخاصة بها، إلى جانب عدم مردودية الأجهزة المستعملة، والتي تبقى محدودة القدرة بالرغم من وضع أجهزة إضافية.
قانون جديد يضبط القطاع
يحاول المشرع الجزائري التكيف مع الواقع وآفاقه الرحبة ،من خلال التدخل بوضع القواعد الملائمة ،وهكذا اتخذ مجلس الوزراء، نهاية ديسمبر الماضي ،إجراءات جديدة تهدف إلى دمقرطة الاستفادة من خدمات البريد و المواصلات السلكية و اللاسلكية و من التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال ،من خلال الموافقة على مشروع قانون، يحدد القواعد المطبقة على نشاطات البريد و المواصلات السلكية و اللاسلكية، و تلك المرتبطة بتكنولوجيات الإعلام و الاتصال.
و تتمثل الغاية من الأحكام الجديدة في تكريس دمقرطة الاستفادة من خدمات البريد و المواصلات السلكية و اللاسلكية ، و من التكنولوجيات الجديدة.
وكشف وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، عن أهم النقاط التي يرتكز عليها مشروع قانون البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.
كما سبق له أن أوضح أن القانون الجديد يقدم أيضا إمكانية استخدام الشبكة الثابتة من قبل متعاملين آخرين، ، وهو ما يتيح نشاط متعاملين محليين آخرين ،و''معتبرا أن غياب متعامل ثان في الهاتف الثابت لم يؤد إلى تشجيع النوعية وتشجيع الابتكار والمنافسة'' .
ومن بين البنود الجديدة التي أثرت مشروع القانون الجديد، حرية الانتقال من متعامل إلى آخر، مع المحافظة على نفس الرقم، أي أنه سيحق لمشترك لدى متعامل الانتقال إلى متعامل آخر، دون إلزامية تغيير الرقم.
لا تكفي الإرادة السياسية و المجهودات المبذولة في مجال نشر تكنولوجيات الإعلام و الاتصال في بلادنا ، دون العمل الجدي و الجاد لرفع التحديات المفروضة ، فأي مجهود يبذل، تقابله في الجهة الأخرى تطورات جديدة في هذه التكنولوجيات، من مصادرها الأصلية، ولهذا يجب بذل المزيد من الجهود ومضاعفتها لمسايرة الوضع ،لأن التخلف عنه قد يخلق هوة لا يمكن تداركها .
ولعل من أهم التحديات الآنية التي يجب رفعها في بلادنا التحكم في سرعة تدفق الانترنيت ،إذ صنفت بلادنا في المرتبة ١٧٥ عالميا من حيث سرعة التدفق و الخدمات المقدمة ،و هي بالتالي بعيدة عن أغلب الدول العربية و الإفريقية ،و قدرت السرعة بـ ١,٠٦ ميغابايت في الثانية ، أما في بعض دول الخليج العربي فبلغت ما بين ٥ و ١٠ ميغابايت في الثانية.
و يرتبط بهذا التحدي ، تحدي أخر ، يتمثل في تكلفة الاستفادة من الانترنيت، إذ تبين أن الجزائريين يدفعون، حسب دراسات متخصصة، تكلفة مضاعفة من أجل الحصول على هذا التدفق الضعيف ،و متوسط ذلك هو من ١٠٠٠ إلى ٢٠٠٠ دج شهريا ، بينما تقدر التكلفة في فرنسا مثلا بـ ١٢٨,٩دج لتدفق ١٨ ميغابايت ،و ٤٩,٦ دج في سويسرا بنفس السرعة تقريبا، أما في اليابان فيقدر بـ٢١ دج بتدفق يصل إلى ٦١ ميغابايت، ويرى الخبير علي كحلان رئيس جمعية مزودي الانترنت ، أن التحكم في التكنولوجيا سيساهم في تنمية التدفق على الشبكة ،معتبرا أن الطلب المتزايد و المتسارع ساهم أيضا في هذا البطء.
و من التحديات كذلك ، الإسراع في اعتماد الجيل الثالث للهاتف النقال ببلادنا ،إذ من المقرر أن يتم ذلك في غضون السنة الجارية ،و تعتبر بلادنا متأخرة كثيرا مقارنة بدول مجاورة أضعف مثل موريتانيا، التي اعتمدته منذ عدة سنوات .
و كان الوزير قد أكد أن العملية ستتم قريبا، بعد أن تم الانتهاء من وضع دفتر الشروط و جاهزية المتعاملين الثلاثة، و أكد أن دفتر الشروط المتعلق بالجيل الثالث جاهز لتعميم استعمال هذه التكنولوجيا ،بعد قيام المتعاملين الثلاثة بتركيب هوائيات الربط بي تي أس على المستوى الوطني، و أرجع سبب التأخر لمنح الفرصة للمتعاملين لتجهيز أنفسهم.
ومن التحديات الأخرى، الانقطاعات المتكررة التي تعرفها الشبكة العنكبوتية ، وهي اكبر معاناة خاصة لدى مقاهي الانترنت، التي تقدم خدمات جليلة للمواطنين، في غياب الربط الكثيف بالبيوت لعدة أسباب اجتماعية وحتى اقتصادية ،كما يتعين تخفيف الضغط على أصحابها من البيروقراطية التي تطبع عملية منح السجل التجاري لهذا النشاط الذي اصبح مرهونا بموافقة عديد الإدارات .
كما يتعين هنا حث كل المعنيين، من رجال دين ومثقفين للمساهمة في نشر هذه التكنولوجيا ،ولاسيما الانترنت، الذي مازالت تعتبره العديد من العائلات كعمل محرم تماما، كما كانت تنظر لذلك كثير من العائلات في بداية التسعينات، عند بداية انتشار الهوائيات المقعرة لالتقاط قنوات فضائية قليلة ،وبالمناسبة ستكون السنة الجارية محورية في مجال تفعيل قانون الإعلام الأخير ٠٥١٢ الصادر في ١٢ جانفي ٢٠١٢ في شقه المتعلق بالسمعي البصري ونفس النشاط عبر الانترنت ،حيث من المتوقع دراسة مشروع قانون السمعي البصري هذا العام .
وبشكل عام فان الجزائر مطالبة اليوم بمجهود إضافي، لتحسين رتبتها العربية والقارية والعالمية ،وان تدرك أن القطاع أصبح عصب الحياة ،وأساس اي تقدم، وأثره بالغ الأهمية في كل المجالات، دون اي استثناء، وان اي تخلف ستكون عواقبه وخيمة على البلاد وتطورها في عالم يتغير بسرعة فائقة.
كلمة لا بد منها
ليس من الضروري، إعادة التأكيد على الأهمية القصوى لتكنولوجيا الإعلام و الاتصال في حياة الشعوب و الدول، و منها بلادنا المطالبة من خلال السلطات العمومية بأخذ الموضوع باهتمام أكبر، و الانخراط في العملية بقوة ،و متابعة جديد هذه التكنولوجيا ،و توفير المنظومة القانونية لذلك، ولهذا فان إنشاء مرصد وطني للتحكم فيها ، يبدو أكثر من ضروري .
ولشركات الهاتف النقال ،قاطرة الجزائر في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال، نقول انه يتعين العمل دون هوادة لتقديم أحسن الخدمات ،في جو من المنافسة الشريفة ،وبالمزيد من التحكم في التكنولوجيا،
أما لشبابنا و أطفالنا، فنقول لهم أن عليهم التحكم في هذه التكنولوجيا، لأنها أساس اي تقدم اجتماعي و اقتصادي وثقافي.
وإن منظر أبنائنا، الذي أوردناه في المقدمة يثلج الصدر ،على أن يتحلوا بالأخلاق الفاضلة وأن لا يتخلى الأولياء عن مسؤولياتهم ، نظرا للمخاطر العديدة التي تتهدد أبناءهم في حالة الاستعمال السيئ لهذه التكنولوجيا، و لعل هذا ما دفع الوزارة الوصية إلى رعاية ندوة بعنوان «الجوانب القانونية والتشريعية لحماية الأطفال على الانترنيت في المنطقة العربية»، في جوان الماضي ،نظمها المكتب الإقليمي العربي للإتحاد الدولي للاتصالات،ومن دون شك وقريبا ،سيأتي اليوم الذي يكون فيه في كل بيت جزائري الربط بشبكة الانترنت.
ويبقى الأمل كبيرا ،ويجب أن يكون كذلك في الذكاء الجزائري ، والإرادة في التحكم الإيجابي في هذه التكنولوجيا ، إذا كنا ننشد التطور، وأن يكون لنا موضع قدم في القرية العالمية، التي تزداد في الصغر بفضل هذه التكنولوجيا.