دخلت الكرة الجزائرية الفترة الحالية إلى عالم الإحتراف الذي بلغنا موسمه الثالث ، ويحدث جدال كبير بين أصحاب الإختصاص و المسؤولين عن تقييم المرحلة الفتية التي دخلت فيها كرة القدم الجزائرية ، و التي تم تداولها في في منتدى « الشعب » بمقر الجريدة أمس التي جاءت تحت عنوان : ( ٥٠ سنة لكرة القدم الجزائرية ) ، بحضور شخصيات رياضية كبيرة من اللاعبين القدامى و المدربين .تطرق الوزير السابق ( سيد علي لبيب) في تدخله إلى الحديث عن الإحتراف ، مشيرا إلى أن هذا الأخير مبني على منطق الأعمال ، و الإتحادية الجزائرية لكرة القدم دخلت في هذا المعترك لأنها كانت مجبرة على تطبيقه بقرارات من الهيئة الأولى لكرة القدم الفيفا ، لكنها إصطدمت مع عجز الفرق في تطبيق الإحتراف بسبب المشاكل المالية بإستثناء تجربة إتحاد العاصمة الذين تمكنوا من القضاء على مشكل العجز المالي ، لأن التسيير الحالي مازال يعتمد على قانون ٩٠ / ٣١ ، و الذي يعتمد فيه المسيرين في الفرق على الأخذ و عدم جلب و ضخ أموال جديدة للفريق ، كما شدد على ضرورة فتح القطاع السمعي البصري كي تكون التلفزيونات الخاصة مصادر تمويلية أساسية للفرق الإحترافية .
من جهته « رضا عبدوش » رئيس الإتحادية الجزائرية السابق لكرة القدم أضاف بأنه لا يمكن الحديث عن الإحتراف في ظل عدم توفر ملاعب كرة قدم خاصة بكل فريق ، و لم يخف عبدوش أنه يلزمنا سنوات عدة من أجل الدخول لعالم الإحتراف ، مستشهدا بالفترة التي كان فيها رئيسا للإتحادية حين برمج المنتخب الوطني الجزائري مباراة ودية مع الفريق الفرنسي أوكسير ، الذي كان يشرف عليه آنذاك المدرب القدير « قيرو » ، حين أكد له هذا الأخير بأن المباراة ستجري بملعب آخر غير ملعب « أبي ديشون » الخاص إلا بالمباريات الرسمية ، و الحصة التدريبية ستقام بملعب خاص بالتدريبات ، و هو ما شدد عليه الرئيس السابق لأعلى هيئة كروية في الجزائر سابقا و دعى غلى الغقتداء به ، من أجل بلوغ عالم الإحتراف . كما أفادنا « جعفر يفصح » بأن الجمعيات الرياضية وجدت مشكل كبير لزرع الإحتراف و الخروج من صيغة الفرق الهاوية ، لأن الدخول لعالم الإحتراف في الجزائر كان بطريقة همجية على حد قوله ، حيث أن الفرق في الظرف الحالي لا تعرف إن كانت محترفة أم هاوية ، لأنها لازالت تتعامل مع الأمور بالوسائل الترقيعية ، و ذهب إلى أبعد من ذلك حين إقترح الإستفادة من تجربة الإصلاح الرياضي الذي دام من سنة ١٩٧٦ إلى غاية ١٩٨٩ ، و أعرب عن عدم رضاه عن ما يسمى بالإحتراف حين طرح التساؤل : هل نحن في عالم الإحتراف أم الإنحراف الرياضي ؟ ، بالنظر إلى كل ما يحدث في البطولة الوطنية المحترفة و على سبيل المثال إقالة ١١ مدربا قبل نهاية مرحلة الذهاب .
و أضاف اللاعب الدولي السابق و مدلل أنصار شبيبة القبائل « ميلود عيبود » ، أن اللاعبين القدامى حاولوا حمل المشعل و قيادة الفرق للخروج من الصيغة الكلاسيكية التي يتواجدون فيها حاليا ، إلا أن البعض قرر غير ذلك و في الظرف الراهن ، و هو ما دفعه إلى طرح التساؤل القاضي إلى أن عشاق الكرة في بلادنا لم يوقنوا ، هل هم في الهاوية أم في الإحتراف ؟ .
و لم يخف اللاعب السابق في جبهة التحرير الوطني « محمد معوش » إمتعاضه من الوضعية التي آلت إليها كرة القدم في الجزائر ، مؤكدا أنه لبلوغ عالم الإحتراف يلزمنا على الأقل ١٠ سنوات من أجل جني الثمار الأولية للإحتراف الرياضي في الجزائر ، و ضرورة توفير كل القواعد الرئيسية من أجل إنجاح المشروع ، و في مقدمتها تشييد لكل فريق ملاعب خاصة بالمباريات و التدريبات و أخرى لتكوين الشباب الناشيء. و ذهب مدرب الفريق الوطني العسكري و المحلل الرياضي بالتلفزيون الجزائري «' عبد الرحمن مهداوي » ، إلى أبعد من ذلك حين أكد بأن مشكلة الإحتراف في الجزائر ليست مشكلة تسير الاموال فقط ، بل هي مشكلة تسيير الكفاءات و الذهنيات ، التي تناست الأخلاق و القيم و تبحث عن الأساليب السهلة لخدمة مصالحها الشخصية.
و لم يتوان الحكم الدولي السابق « عبد الرحمن برقي » عن الحديث عن مشكلة التحكيم ، التي أصبحت دائما تطفوا فوق صفحات الجرائد ، هو الذي توجه له دائما أصابع الإتهام بسبب المحيط المتعفن الذي عكر كرة القدم في بلادنا ، و قتل حب هذه الرياضة عند الكثير من محبيها ، و شدد على ضرورة العقاب الصارم و محاسبة كل الذين يتلاعبون بنتائج المباريات ، و إلا التوقف عن تسمية البطولات الوطنية بالرابطة المحترفة الأولى و الثانية .