الخبيـر القانوني.. أحمد بـوران لـ “الشعـب”:

ضبط النشاط الحزبـي بأسـس ديمقراطيـة تخـدم مصالـح المجتمـع

حوار: حبيبة غريب

تحقيـق النزاهــة وفتــح المجــال للشبـــاب لممارسة العمـل السياسي

يوضح المختص في القانون بالمركز الجامعي نور البشير بالبيض، الأستاذ الجامعي د. أحمد بوران، في تصريح خص به “الشعب”، أن المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب، يأتي استكمالا للإصلاحات السياسية التي أقرها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي تصب بالدرجة الأولى في وضع أرضية سليمة للنشاط السياسي للأحزاب في البلاد، خدمة للمواطن والمجتمع وتدعيما لمشروع الجزائر المنتصرة التي تكفل حق الحريات والقانون للجميع.

”الشعب”: لقد عرفت الجزائر إصلاحات سياسية هدفت إلى تثبيت دولة القانون وإرساء الحوكمة الديمقراطية وتدعيم ممارسة الحريات الفردية والجماعية وترسيخ ثقافة التعددية وتيسيرها انطلاقا من مبادئ الديمقراطية، خدمة لمصالح المواطن الجزائري. واليوم، نقف أمام المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، كيف تقيمون هذه الخطوة الجديدة من الإصلاحات؟
 د.أحمد بوران: عرفت الحياة السياسية بالجزائر عدة إصلاحات جذرية منذ تولي السيد عبد المجيد تبون السلطة، في إطار تفعيل الديمقراطية التشاركية ومكافحة الفساد وإضفاء الشفافية، التي تعهد بها في التزاماته التي عرفت تطبيقا في كافة المجالات ومست جميع القطاعات والهياكل، والتي تصب في صلب اهتماماته التي يسعى من خلالها إلى خدمة المواطن وضمان كرامته لتحقيق جودة الحياة بنظرة استشرافية مستقبلية.
بعد إصلاحات سياسية وبناء دولة المؤسسات القائمة على الكفاءات والآليات القانونية التي تضمن السير الحسن للمصالح العامة وفق الدستور، خاصة ما تعلق بالعمل السياسي داخل الأحزاب السياسية والأطر القانونية التي تضبط الأحزاب السياسية انطلاقا من النضال، والتسيير، والتشريع في مؤسسات الدولة، حيث تضمنت مسودة المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، الذي استلمته جميع الأحزاب الجزائرية المعتمدة، عدة تعديلات جوهرية بلغة المنطق القانوني والواقعي والذي تكرس به الشفافية وتضمن به ممثلين للشعب ذوي كفاءات تستطيع من خلالهم مؤسسات الدولة والمواطن تحقيق حياة سياسية نزيهة وتضمن بهم مستقبلا مبني على أسس قاعدية تراعي مصلحة الدولة ومتطلبات المواطن الجزائري، بعيدا عن الرداءة السياسية ولغة المال الفاسد والولاءات والصراعات التي تعيق التنمية وسير مصالح الدولة.
من مقترحات المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، منع كل منتخب يمارس عهدته على مستوى إحدى غرفتي البرلمان، تغيير انتمائه السياسي خلال عهدته الانتخابية تحت طائلة شطبه من عضوية البرلمان، أي وضع حد لظاهرة التجوال السياسي، هل سيؤمّن هذا القرار استقرار النشاط السياسي داخل الأحزاب ويلزم التشكيلات السياسية بحسن اختيار أعضائها ومنتسبيها؟
 لقد شمل المشروع التمهيدي المتعلق بقانون الأحزاب نقطة هامة متعلقة بالتجوال السياسي، الذي كان نافذة للصراعات السياسية وبيع الذمم، والتي تدخل في إطار أخلقة العمل السياسي، لإعطاء المصداقية وجودة للعمل السياسي الديمقراطي، على أساس أن كل عضو في البرلمان بغرفتيه، انتخب عن طريق حزب سياسي يتوجب عليه خلال العهدة الانتخابية التمسك بمبادئه الحزبية والنضالية التي جمعته بهيكله وجوبا، ويترتب عليه الإقصاء والشطب نهائيا من غرفتي البرلمان وفق المادة 21 إن تبرأ من الحزب السياسي المنتمي إليه لضمان منافسة سياسية على أساس المبادئ وتطبيق المشاريع التي وضع من خلالها الشعب الجزائري والمواطن بصفة عامة الثقة في الأشخاص لتفعيلها والمرافعة عليها في أرض الواقع.
تطرق النص التمهيدي إلى إلزامية “اعتماد المبادئ الديمقراطية في تنظيم وسير الحزب السياسي والتي تجعل منه حزبا مشاركا ومندمجا وفعالا في الحياة السياسية”، هل سيمكن هكذا تسيير، أي مع احترام أسس الديمقراطية، من وجود أحزاب فعالة ونشطة فعلا في الميدان ولها بصمة قوية في الحياة السياسية للبلاد؟
 بالفعل، لقد جاء المشروع بتعديلات تصب في إرساء قيم الديمقراطية والمبادئ النضالية، خاصة في تقلد المسؤوليات بالحزب السياسي، والتداول على السلطة فيه، حيث عمل المشرّع على تحديد عهدات رئاسة الأحزاب السياسية بعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، لضمان التداول الديمقراطي على الحزب، وهو الأمر الذي نرى فيه نوعا من تحقيق النزاهة وفتح المجال للشباب لممارسة العمل السياسي النضالي، أساسه الكفاءة والمبادئ والقيم السياسية.
الحديث اليوم عن تحقيق التوازن في النشاط السياسي، كون المشروع التمهيدي ينص في إحدى مواده على “توسيع تمثيل الولايات خلال انعقاد المؤتمر التأسيسي الذي يجب أن يكون ممثلا على الأقل بخمس ولاية مع مطابقة عدد المؤتمرين مع عدد الولايات الممثلة؟
 بالفعل كون هذا الأمر يهدف إلى البلوغ تغطية سياسية على نطاق واسع ونشاط مكثف لأكبر قدر ممكن من الولايات، ومنه يشترط على هيئة الحزب تشكيل مجموعة من اللجان تعمل على ضمان سير الحزب بعيدا عن شخصنة وذاتية رئيس الحزب، بل لخلق بيئة سياسية تنافسية مبدأها التشاور وتحقيق الوحدة داخل الهياكل، باعتبار الحزب السياسي يتكون من مناضلين من كافة مناطق الجزائر للتصدي للجهوية وخطاب الكراهية وتميز منطقة على أخرى وهو ما جاءت به المادة 36.
لقد تطرق المشروع أيضا إلى شروط إنشاء الأحزاب السياسية والى أحكام جديدة بالإجراءات المرتبطة بدراسة ملف طلب تأسيس حزب سياسي واعتماده لسد الثغرات القانونية المسجلة به، فهل يمكن القول إننا نتجه نحو التأسيس لتشكيلات سياسية تقوم أولا وقبل كل شيء على احترام القوانين وعلى ضوابط ترتقي بالنشاط السياسي؟
 من الواضح أن المشرّع عمل على تحديد اللجان وأجهزة محلية ووطنية تابعة للحزب، منتخبة من طرف المناضلين والمنخرطين بصفة ديمقراطية. ومن بين اللجان المقترحة اللجان الاستشارية، لجان الانتخابات، لجان التكوين، لجان المنازعات وهي الحلقة التي أثارت اهتماما كبيرا وقبولا لدى الشارع السياسي والطبقة السياسية بالجزائر، لتفادي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للحزب من طرف الإدارة، والإبقاء على عمل اللجنة في تقدير المنازعات داخل هياكل الحزب السياسي. كما حدد المشرع على أنه يمكن حل الحزب السياسي إذا لم يقدم مرشحين عنه خلال موعدين انتخابيين متتاليين، لتحقيق المنافسة السياسية للوصول إلى الكفاءات وخلق بيئة تكاملية متنوعة سياسيا، وإقصاء الأحزاب الهجينة التي تستمد قوتها من التزكيات الصورية والشكلية والابتزاز السياسي ولغة الأختام وأحيانا أحزاب لا تملك مناضلا داخل الحزب وهو ما يقف عليه المشروع بتنظيم وتسيير العمل داخل الأحزاب السياسية في تشكيلها وتأسيسها والعمل بمبادئها وهو ما سوف يؤدي إلى زوال بعض الأحزاب السياسية ذات الصبغة الوراثية وتجديد قواعد أحزاب أخرى تعدت رئاسة قيادتها ربع قرن من الزمن وهو ما يتنافى وقيم الديمقراطية.
إن المصادقة واعتماد هذا المشروع وامتثال الأحزاب السياسية لبنوده، قد يساهم في تكريس وتدعيم الحريات السياسية، ويحمي حرية اختيارات الشعب ويؤسس للتداول الديمقراطي من خلال انتخابات حرة وشفافة، ما هو رأيكم في هذا الطرح؟
نثمن ونساند المشرّع الجزائري لتفعيل القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية والذي جاء صريحا لعقلنة وأخلقة العمل السياسي وتحقيق الديمقراطية التشاركية وضمان الحريات العامة والفردية والرفع من قيمة الإنتاج لدى الأحزاب السياسية الجزائرية لمؤسسات تشريعية ونيابية ذات كفاءة وحصيلة علمية وعملية من أجل تحقيق الجودة السياسية الشاملة التي تتجاوب مع متطلبات المواطن الجزائري والتي يسعى إليها السيد عبد المجيد تبون من أجل الجزائر المنتصرة بكفاءاتها ومؤسساتها الدستورية تحقيقا للشفافية ومكافحة الفساد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19749

العدد 19749

الثلاثاء 15 أفريل 2025
العدد 19748

العدد 19748

الإثنين 14 أفريل 2025
العدد 19747

العدد 19747

الأحد 13 أفريل 2025
العدد 19746

العدد 19746

السبت 12 أفريل 2025