سيعيد للمدينة العتيقة بريقها.. المهندس زروال لـ“الشعب”:

شراء الدولة لعمارات مملوكـة للخواص بالقصبــة..حلّ صائب

خالدة بن تركي

رؤية الرئيس ستعيد للمدينة العتيقة إرثـها الفني والثقافي والسياحي والحضـاري

 حظي توجيه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بشراء العمارات المملوكة للخواص بالقصبة العتيقة، كواحد من ضمن الحلول العاجلة للحفاظ على الهوية المعمارية والتاريخية لهذه المدينة العتيقة، بإشادة المختصين، كونه سيضعها تحت وصاية الدولة، ويمكّن من استعادة إرثها كاملا على أن يوظّف في مختلف المظاهر الفنية والثقافية والسياحية.

 خلال متابعته للعرض الخاص بمخطط عصرنة العاصمة، أبدى الرئيس تبون اهتماما خاصا بمدينة القصبة، مؤكدا أنها “روح وركيزة عاصمة البلاد ومعالمها ملك لكل الجزائريين”، قبل أن يأمر بإيجاد حلول عاجلة لإعادة ترميمها واستعادة “بريقها ولمعانها”.
وفي هذا الصدد، أشاد عضو الاتحاد الدولي للمعماريين، المهندس لطفي زروال، بالحل المقترح من طرف رئيس الجمهورية والمتعلق بشراء العمارات المملوكة للخواص على مستوى هذا الحي العتيق لتصبح ضمن الأملاك الوطنية، ومن ثم ترميمها وإعادة تهيئتها لاحتضان النشاطات الثقافية الفنية والسياحية والحرف التقليدية.
وأوضح زروال أنّ هذا الإجراء القانوني سيسمح للعائلات الحائزة على عقد ملكية السكنات، والتي يتعذّر عليها ترميم بناياتها ببيعها للدولة لأجل ترميمها تحت ما يسمى “حق الشفعة”.
وأضاف بأن من بين الصعوبات التي واجهت ترميم القصبة العريقة، أيضا ما يسمى بورثة “الدويرات”، والتي يلجأ أصحابها إلى العدالة أثناء النزاعات، ممّا يؤدي إلى انهيارها شيئا فشيئا، دون أن يتم استغلالها من طرف الدولة، ضف إلى ذلك العامل الطبيعي المتمثل في حدوث هزات أرضية، والفيضانات والاحتباس الحراري وغيرها من العوامل التي جعلت بعض دويرات القصبة تحتضر.
وأوضح المهندس في ذات السياق، أنّه ولإعادة بريق القصبة العريقة، قدم المختصون عدة مقترحات لأجل ترميمها والحفاظ على الحياة فيها من خلال الابقاء على سكانها، وتزويدها بمطاعم ومرافق ترفيهية وتثقيفية لبعث الروح فيها، مؤكّدا أن السلطات تفهمت أهمية الأمر، لذلك اقترحت استرجاع الدويرات وإعادة ترميمها لجعلها معالم تاريخية وقطبا سياحيا يحتضن النشاطات الثقافية والفنية، وفقا لما صرح به رئيس الجمهورية.
وأضاف الخبير أنّ مخطط ترميم القصبة يجب أن يصب في هذا التوجه، لأن السياح والزوار يبحثون على المناظر والأماكن الفريدة، لاسيما لدى الحرفيين والمطاعم الذين يتنافسون على الأصالة، كما أن إعادة التأهيل يجب أن تحافظ على الطبيعة المعمارية للبيوت الموجودة بها، مع ضرورة الإسراع في إعادة تأهيل المباني المساكن والدويرات المنهارة أو تلك التي هي بحاجة إلى أشغال تدعيم لعدم التأثير على الأخرى.أما المرحلة الثانية من برنامج الترميم، تتمحور في كيفية تسيير القصبة داخليا، هل يمكن السماح للسيارات بالدخول إلى هذا المعلم، وخلق نهوج كبرى بهذه المدينة وكذا المسالك الضيقة الرئيسية وتحويلها لمسالك سياحية؟ كيفية صرف النفايات قنوات الصرف وغيرها من الأمور التي تحتاج لدراسة معمقة لعدم الوقوع في الأخطاء السابقة.وأكّد عضو الاتحاد الدولي للمعمارين في الختام، أن القصبة العتيقة تندرج ضمن المخطط الشامل لترميم مدينة الجزائر، الذي ينطلق من ساحة الشهداء، باب جديد، الأبواب الخمسة للقصبة، بابا عزون والأحياء التي لديها تاريخ، وتكون لها علاقة ثقافية فيما بينها، تحتاج فقط إلى نهضة حقيقية.
وكانت الحكومة قد شرعت في إعادة تأهيل وترميم بنايات القصبة منذ سنوات، وهذا في إطار مخطط إعادة ترميم البنايات العتيقة الذي قسم على مراحل، وعرفت المرحلة الأولى من عملية الترميم تقدما في الأشغال قبل أن يخضع الملف لإشراف ولاية الجزائر التي تعمل جاهدة على إعادة الاعتبار لهذا المعلم التاريخي المصنف ضمن قائمة التراث العالمي.
وكشف الخبير المعماري، المرحلة الثانية من عملية الترميم التي جرت منذ حوالي ثلاث سنوات، والتي عرفت بعض الصعوبات بسبب هشاشة البنايات وتآكلها وارتباطها ببنايات “دويرات” أخرى مهترئة مهددة بالانهيار، ما استدعي في تلك الفترة تدعيم الأساس والجدران لاستكمال عملية الترميم التي أخذت وقتا.
وفي السياق، قال المهندس زروال إن تعليمات رئيس الجمهورية بإيجاد الحلول المستعجلة لإعادة بريق ولمعان هذه المدينة العتيقة، يكرس تثمينه لجهود حثيثة بذلها مختصون ومهندسون، إلى جانب وزارة الثقافة ومصالح ولاية الجزائر لترميم نسيج القصبة واعادة بريقها.
وصرّح بخصوص إيجاد حلول للهوية المعمارية، أنه تم تقديم مقترحات في هذا الصدد، خاصة وأنّ ترميم القصبة يندرج في إطار مخطط الحفاظ على الهوية المعمارية الذي شرعت فيه السلطات منذ سنوات، ووجد تجسيده صعوبات كبيرة بسبب اللامبالاة من جهة، والوضعية الصعبة للمدينة من جهة أخرى.وأوضح الخبير المعماري، أنه من بين الصعوبات التي واجهت عمليات الترميم التي انطلقت منذ سنوات إلى جانب الاهتداء والتآكل الذي تعرفه البنايات القديمة، اكتشاف العديد من الأثريات والمعالم التي وجب التعامل معها بحذر من أجل ترميمها والحفاظ عليها. وأضاف المهندس لطفي زروال بخصوص هوية القصبة، أنها عثمانية تشبه المتاهة في تداخل أزقتها، وهي كثيرة مقطوعة تنتهي بأبواب المنازل والقصبة تحوي عدة أزقة، غير أن خاصيتها إلى جانب طابعها التراثي، فإنها عبارة عن دويرات يسكنها أشخاص يملكون عقود ملكية، ممّا صعب إعادة تأهيل هذا المعلم التاريخي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024
العدد 19650

العدد 19650

الثلاثاء 17 ديسمبر 2024
العدد 19649

العدد 19649

الأحد 15 ديسمبر 2024
العدد 19648

العدد 19648

السبت 14 ديسمبر 2024