قال خبراء اقتصاديّون إنّ الحكومة الجديدة التي تلقّت أوامر من رئيس الجمهورية بتنفيذ برنامجه الرّئاسي، تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة لإنجاز البرنامج الطّموح، والذي رفع سقف التّطلّعات عاليا من أجل الرقي بالمستوى المعيشي، وترقية الصادرات خارج المحروقات، وتحقيق الأهداف المسطّرة لضمان رفاهية المواطن باعتباره محور اهتمامات الرئيس وتلبية احتياجاته، مؤكّدين أنّه على الحكومة الحالية أن تضاعف الجهود، وتسرّع من وتيرة الإنجاز لبلوغ الأهداف المسطّرة خلال العهدة الثانية.
أكّد الخبير الفلاحي أحمد مالحة في اتصال مع “الشعب”، أنّ موضوع الأمن الغذائي من المواضيع التي ركّز عليها الرّئيس، السيد عبد المجيد تبون، وأمر بتنفيذها خلال مجلس الوزراء الأخير، وركّز على موضوع الحبوب وضرورة تحقيق اكتفاء ذاتي في القمح الصلب سنة 2025، وهذا الذي جعل وزارة الفلاحة تسارع لزراعة 3.5 مليون هكتار من الحبوب قمح صلب ولين وشعير، وتحقيق اكتفاء ذاتي في الأعلاف.
وقال الخبير إنّ هذا - ووفقا لأوامر رئيس الجمهورية - يتطلّب تشجيع الفلاحة الصّحراوية، والشّراكة مع الأجانب على غرار مشروع بلدنا، الذي يراد منه تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحليب، والأعلاف وتربية الأبقار، والشّراكة مع إيطاليا للحبوب والصناعات الغذائية، وتوسيع الأراضي المسقية إلى مليون هكتار، وأضاف أنّ الرهان اليوم هو على الفلاحة المروية، خاصة مع تغير المناخ وقلة الأمطار، ولذلك لابد من الذهاب إلى استغلال المياه المسترجعة، ومياه السدود والمياه الباطنية في الصحراء لتعويض شح التساقط، وضمان الأمن المائي لأنّ الفلاحة اليوم مربوطة بالماء والطاقة، سيما الفلاحة الصحراوية التي تعتبر رهان اليوم، وقد تم خلال أسابيع ماضية إبرام اتفاق بين وزراء الطاقة، المياه والتجارة، على أمل أن يجسد هذا الاتفاق على المستوى المحلي، لكنه أشار إلى أن الاستثمار في الفلاحة الصحراوية ما زال محتشما، بالنظر إلى شساعة الصحراء ورغم أن الرئيس تكلم عن 100 الف هكتار، لكن ما هو عملي اليوم ما زال بعيدا عن هذا الرقم، وضرب الخبير مثالا بولاية ورقلة التي تعتبر رائدة في إنتاج الحبوب رغم أنها لا تستغل إلا 7 آلاف هكتار، وأدرار بعشرين ألف هكتار.
واقترح مالحة إقحام الشّركات الوطنية الكبرى على غرار سوناطراك وكوسيدار ونفطال ومدار، للاستثمار في المجال الفلاحي على مستوى الجنوب. وأشار إلى ضرورة تذليل الصعوبات التي تواجه المستثمرين في الجنوب، خاصة توفير الطاقة حيث ما زال الاعتماد على المولدات للسقي، وتراخيص حفر الآبار.
مرافقـــــــــــــــــــة صغــــــــــــــــار الفلاحـــــــــــــــــــــــين
من جهة أخرى، أوضح الخبير الفلاحي أنّ رئيس الجمهورية شدّد على الاهتمام بالمزارعين، والفلاحين والمربين الصغار لتفادي تذبذب السوق في اللحوم الحمراء والبيضاء ومادة البطاطا، حيث يشكل هؤلاء بين 60 و70 بالمائة من الفلاحين المنتجين في كثير من المواد، إلى جانب تفعيل دور المعاهد والمخابر حتى تؤدي الفلاحة دورها وترافق الفلاحين، إضافة إلى المؤسسات الناشئة لأن قطاع الفلاحة - حسب المتحدث - يحتاج إلى أن يكون قطاع فلاحة ذكية وأن يكون الري ذكيا، ويتطلّب ذلك توفير كل الضروريات المادية والامكانيات لهذه المعاهد حتى ترافق البرنامج الطموح لرئيس الجمهورية.
وأكّد أيضا على ضرورة الاهتمام ببنك البذور، الذي يجب أن يرافقه قانونا وهيئة تسيّره من أجل العمل على تطوير تلك البذور برزاعتها كل سنتين أو ثلاث حتى تستمر جيناتها، خاصة وأن قطاع الفلاحة اليوم أصبح قطاعا استراتيجيا، بالنظر إلى تذبذب أسعار المواد الخام في السوق الدولية، والتغيرات الجيوسياسية، وهذا يؤدّي إلى عدم استقرار الأسعار في مستوياتها الحالية.
الصّــــــــــــــــــــــــــــــادرات الفلاحيــــــــــــــــــــــــــــــــــة
وذكر أيضا المزارع النموذجية التي ركّز عليها رئيس الجمهورية سواء في إنتاج البذور أو البقوليات أو الشتائل، التي أفردت لها مئات الهكتارات في إطار تحقيق الأمن الغذائي. من جهة أخرى، قال مالحة إن الرهان على قطاع الفلاحة للمساهمة في التصدير خارج المحروقات، للخضر والفواكه والصناعات الغذائية، حيث خصّص رئيس الجمهورية اجتماعا وزاريا للصادرات، قبل أيام، وبالتالي فإن قطاع الفلاحة ملزم بتحقيق نتائج كبيرة ومتنوعة، بزيادة الإنتاج الذي بدوره يحرك الصناعات الغذائية التحويلية، ويحرك الصادرات خارج المحروقات، خاصة وأن هذه المنتوجات الجزائرية مطلوبة جدا في السوق الدولية.
فاعليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ونجاعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
من جهته، قال الخبير والمستشار الاقتصادي، البروفيسور مراد كواشي، إنّ رئيس الجمهورية حث الحكومة على الإسراع في تنفيذ البرامج القطاعية في إطار برنامجه الرئاسي، حرصا منه على فعالية الطاقم الحكومي في إنجاز الأهداف المسطرة من طرف الرئيس، ونجاعته بغرض تحقيق الأهداف في وقتها المحدد واحترام الآجال. وأضاف أن رئيس الجمهورية في برنامجه الرئاسي رفع سقف الطموحات عاليا من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، والحكومة الحالية على عاتقها مسؤولية كبيرة لتنفيذ البرنامج، ومضاعفة المجهودات لأن خارطة الطريق واضحة، والرؤية محددة بعناية والإستراتيجية موضوعة.
وقال الأستاذ الجامعي، إن الأمر يتعلق بتحقيق ناتج محلي خام بـ 400 مليار دولار مقابل 266 مليار دولار الحالية، إلى جانب رفع قيمة الصادرات خارج المحروقات إلى 29 مليار دولار، وهذا ما جعله يعيّن وزارة خاصة بالصادرات والتجارة الخارجية، ووعد أيضا بإنشاء عشرين ألف مؤسسة جديدة، وتوفير 450 ألف منصب عمل جديد، وإنشاء مليوني وحدة سكنية.
راحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة المواطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
وأشار الخبير كواشي، إلى أنّ رئيس الجمهورية أمر الحكومة أيضا بوضع راحة المواطن نصب أعينها وتلبية احتياجاته، وهذا هو الهدف الأسمى الذي يسعى إليه الرئيس لأن أي برنامج اقتصادي أو اجتماعي يجب أن يكون هدفه هو تلبية احتياجات المواطنين، ومن هذه الزاوية وضع السيد الرئيس برنامجا ثريا يتعلق بمواصلة الزيادات في الأجور والمعاشات ومنح الطلبة، إلى جانب ما تم ذكره في مجال السكن والتشغيل، إضافة إلى التحكم في معدلات التضخم والرفع من القدرة الشرائية، وهو ما انعكس في تنصيب وزارة تعنى بالتجارة الداخلية وضبط السوق من أجل التحكم في السوق المحلية، وكبح الارتفاعات المفاجئة في الأسعار بين الفترة والأخرى، سيما المواد الأساسية دون أن يغفل الأمن المائي، حيث تجري الأشغال حثيثا لإنجاز أكبر عدد ممكن من محطات تحلية المياه على طول الشريط الساحلي سواء للشرب أو لتزويد المشاريع الصناعية والفلاحية وحفر الآبار، وغيرها من بنود برنامجه التي سطرها في العهدة الثانية.