تنفيـــــــــــــــــــــذ المشاريــــــــــــــــــــع بسرعـــــــــــــــــــة فائقـــــــــــــــــــة ولا مجـــــــــــــــــــال للتّخــــــــــــــــــــاذل والإخفـــــــــــــــــــاق
حدّد رئيس الجمهورية بصرامة كبيرة وحرص شديد في أولويات الجزائر للمرحلة المقبلة، والتي تمتد على بعد خمس سنوات، ولعل من أبرز مؤشرات الدخول في مرحلة دقة ونجاعة الأداء، تعليمات وجّهها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يترتّب عنها اختفاء البيروقراطية وتكريس الشفافية، لأن كل قطاع وزاري مطالب بتقديم التزامات من خلال مخطط يحمل أهدافا كبرى، سيسهل بعد ذلك تقييم الانجازات وتصحيح الاختلالات، وفي نفس الوقت استدراك أي نقائص.
أوامر الرّئيس جاءت واضحة وحكيمة تسقط فيها الخطابات الشعبوية، وتكون الوعود فيها جلية ومسطّرة ومدروسة، بعد أن يتم تمحيص المخططات الحاملة للمشاريع وغربلتها بشكل لا يقبل الخطأ، وعلى ضوء مخطّطات قطاعية يمكن الحديث عن ورقة طريق لكل قطاع، يتحدّد على إثرها المسؤوليات بصرامة، في إطار مساعي تقوية الحوكمة وتكريس شفافية التسيير، وتسهيل مهمة التقييم الدوري الضروري لأداء الجهاز التنفيذي بما يسمح بتجسيد المشاريع بسرعة فائقة، ولا يكون فيها أي مجال للتخاذل وجعل التقييم علامة فارقة في المرحلة المقبلة.
انتقلت الجزائر إلى مرحلة فائقة السرعة في تجسيد المشاريع التنموية الكبرى في مختلف القطاعات، سواء تعلق الأمر بالصناعة أو الفلاحة والطاقة والسكن، وفي مختلف المجالات التي لديها صلة مباشرة بتنمية المنظومتين الاقتصادية والاجتماعية، وتفاديا للارتجال.
وتفاديا لحدوث عنصر المفاجأة، طالب رئيس الجمهورية جهازه التنفيذي في الجزائر المنتصرة، بتصميم مخطّطات تحمل المشاريع والنتائج المخطط بلوغها، وتشكّل ورقة طريق تعكس القدرات وتلامس طموحات الجزائر، لإنجاز المشاريع بشكل يسمح بالاستجابة لتطلعات الشعب الجزائري، وبما يخدم الحياة الاقتصادية التي حقّقت وثبة عالية خلال الخمس سنوات الماضية، مفضية إلى إصلاحات مهمة، من المنتظر استكمالها ببناء قاعدة صناعية ضخمة، ترسّخ خطوات الجزائر لتكون ضمن أهم الدول الناشئة وفي ريادة الاقتصاد الإقليمي، وتصبح تساهم ليس فقط بالطاقة والثروات الباطنية في الاقتصاد العالمي، بل تشارك في سلاسل القيمة المضافة، بعد أن انطلق قطار النمو، وأبدى القائد الأعلى في البلاد حرصا على تجنيد كل ما يتوفر من طاقات وإمكانيات، وترجمة القدرات إلى نمو وثروة وقيمة مضافة.
جاء مجلس الوزراء الأخير ليحدّد بشكل واضح التزامات الجهاز التنفيذي وطريقة عمله، من خلال طرح رؤية كل قطاع وفوق ذلك إجبارية هذه القطاعات على الكشف عن الإستراتيجية الصائبة والمناسبة التي ينبغي أن يتم تزكيتها من طرف مجلس الوزراء بهدف غربلة الأهداف الكبرى المحددة والطريقة المقترحة لتجسيده، وهذا من شأنه أن يفتح المجال أمام الكفاءات للعطاء من أجل إحداث ثورة في مجال تسطير وتجسيد المشاريع، لأن الجزائر طوت مرحلة البطء في الإنجاز، وتجاوزت الإخفاق في تبني الخيارات الصّحيحة.
ولن تتوقّف الجهود من أجل تحقيق طموح واعد وذي أولوية سيادية، والمتمثل في الأمن الغذائي من خلال تطوير وتوسيع الفلاحة الصحراوية، والتركيز على تطوير زراعة المواد الأساسية على غرار القمح والحبوب والأعلاف والنباتات الزيتية والسكر لأنّ المناخ الصحراوي جد ملائم لنموّها.
ورغم أن القطاع الفلاحي، يحقّق نسبة 18 بالمائة في الناتج الداخلي الخام، بقيمة تفوق 4747 مليار دينار وما يعادل 35 مليار دولار، كما أنّه يشغل بما يفوق ربع اليد العاملة الوطنية، أي يوظّف 2.7 مليون عامل، ويساهم بنسبة 75 بالمائة من تغطية الاحتياجات الغذائية الوطنية، لكن رهان الأمن الغذائي في القمح والخضر والفواكه والحليب واللحوم يجعله تحت المجهر، ومطالب بأداء أقوى، لأنّ الأمن الغذائي يحتاج إلى تجنيد كل القدرات والاستعانة بالإطارات التي تتمتّع بالكفاءة، بهدف تحويل الجزائر من بلد مستورد للقمح والحليب إلى قطب إقليمي مصدر لأجود المنتجات.
يتجسّد الأمن الغذائي الذي تقترب الجزائر من تحقيقه، كذلك على ضوء المكاسب المحققة عبر خطوات تعزيز الزراعات الصحراوية، وتطوير الاستثمارات في إطار التعاون جنوب - جنوب. وبدأت الجزائر تشق طريقها نحو بناء مشاريع استثمارية ضخمة على غرار إنتاج الحليب مع الشريك القطري، وكذا زراعة الحبوب مع الشريك الإيطالي، وتحتاج إلى تكثيف مشاريع مهمة وبنفس الحجم في عدة شعب فلاحية، لأنّها قادرة على التحول إلى قطب يزود الأسواق الخارجية بالحبوب، وكذلك بالخضر والفواكه على ضوء تجربة تصدير ناجحة، وأثبتت جودة المنتوج الفلاحي الجزائري، إلى جانب نظيره من الصناعات الغذائية التي صارت تضاهي نظيرتها الأوروبية.
وسيكون قطاع الصناعة بدوره أمام اختبار لا يخلو من التحديات المتعددة، لأن هذا القطاع الناشئ والواعد والمتعدد الشعب من صناعات تملك فيها القدرات، ومطالبة أن ترفع من نسب الإدماج وتكثيف الاستثمارات الكبرى، والاستفادة من جودة بيئة الأعمال وقانون الاستثمار، وحان موعدها ولا تقبل في هذا السياق الحسّاس والمنعرج الرئيسي أي تماطل أو تأجيل، ولعل تجربة نجاح الصناعة الغذائية المرشحة إلى المزيد من التدفق والجودة في التموقع بأسواق خارجية مهمة، يجعلها تحمل الكثير من المسؤولية في إطار تحقيق المزيد من المكاسب، وتكرار نفس التجربة في قطاع الصناعة الميكانيكية واقتصاد المعرفة، وصناعة قطاع السكن والأشغال العمومية.
يذكر أنّ رهان الجزائر لبلوغ 400 مليار دولار كناتج داخلي خام، متوقف كذلك على نهضة قوية لقطاع الصناعة لرفع قيمة الصادرات خارج المحروقات، علما أنّ الهدف المنشود يتمثل في إنشاء 20 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة، و20 ألف شركة ناشئة مع استحداث ما لا يقل عن 450 ألف منصب عمل، وقطاع الصناعة خاصة القطاع الخاص الذي بيده المفاتيح.