إنجــــــــــــازات وتحـــدّيــــــــات كـــــــــبرى رســـــمــــــــت مــــعـــــــالم الــــبـــــــــــلاد خـــــــــلال 70 عــــامــــــــــا
الحديث عن 70 سنة من اندلاع ثورة التحرير، هو الحديث عن رحلة التحدّيات والإنجازات التي قطعتها الجزائر لبناء وتشييد دولة عصرية على أسس ديموقراطية، في كنف رائحة نوفمبر والأمانة التي تركها الشهداء في أعناق جيل ما بعد الاستقلال.
الذكرى 70 لاندلاع ثورة التحرير المجيدة هي عنوان تحدّيات وإنجازات، وحمل أمانة الشهداء على الأعناق، كما أكّده الأستاذ ساهل يوسف أستاذ التاريخ بجامعة مولود معمري تيزي وزو، ابن شهيد وعضو بالمجلس العلمي على مستوى المتحف الجهوي بتيزي وزو، والذي عرّج خلال حديثه إلى المراحل التي مرّت بها الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية وثورة التحرير التي كانت صعبة جدّا على الشعب الجزائري الذي عانى الويلات تحت وطأة المستعمر، إلاّ أنّ ثورة التحرير المجيدة غيّرت الموازين لتسجّل اسمها من ذهب في تاريخ الثورات في العالم بأسره بشهادة زعماء وجنيرالات دول العالم، لتمهّد لميلاد دولة قويّة على مرّ الأزمنة وضع أسسها شهداء نوفمبر والمجاهدون الذين حملوا الرسالة من بعدهم ليسلّموا المشعل بعدها لجيل الاستقلال وما بعد الاستقلال للحفاظ على أمانة الشهداء والمضيّ قدما في مسار الكفاح في رفع الراية الوطنية وتحقيق الازدهار، كفاح مختلف ومن نوع آخر قبلوا خلاله كلّ التحدّيات وتجاوزوا كلّ الصّعوبات والأزمات من أجل أن تقف راية الوطن شامخة شموخ تاريخها الذي امتزج بدماء الشهداء.
الأستاذ يوسف ساهل صرح أنّ جزائر الأمس غير جزائر اليوم، أين عبرت بلادنا إلى برّ الأمان بعدما تجاوزت عقبات كثيرة، وهي في طريقها لمحو آثار الاستعمار الذي حاول أن يمحي اسمها من خارطة العالم بضمّها إليه، ولكن التضحيات الجسام لرجال ونساء حملوا أكفانهم بين أيديهم من أجل تحرير الجزائر، أزهرت وتفتّحت ورودا ارتوت بدمائهم، تاركين وراءهم جزائر مستقلّة وحرّة أمانة في أعناق الأجيال الذين احتضنوها.
محدّثنا عاد بذاكرته إلى سنوات الاستعمار أين عانى فيه الشعب الجزائري الويلات، وعاشوا في كلّ أشكال الحرمان والعنف، والجوع ومختلف الجرائم التي استهدفت حياتهم، حقبة تاريخية شهدت الأمية، منظومة صحية منهكة، كلّ هذه الظروف المزرية والمعاناة التي فرضها عليهم الاستعمار الفرنسي كان الهدف منها وأد الثورة التي كانت متأجّجة رافضة أن تنطفئ شعلتها التي أنارت درب الجزائر المستقلّة الحرّة، ذات المبادئ والأسس التي بني عليا بيان أول نوفمبر ومؤتمر الصومام.
هذه الأسس التي لم يحد عنها الشهداء، المجاهدون وحتى أبناء الجيل الحالي الذين ساروا على نفس النهج، لقيادة الجزائر على السكّة الحقيقية وهي في طريقها إلى البناء وتشييد دولة عصرية على أسس ديموقراطية، ينعم فيها الشعب الجزائري بالأمن والاستقرار، وعيش حياة العزّة والكرامة وفاء لمبادئ نوفمبر.
إنجازات وتحدّيات كبرى رسمت معالم الجزائر خلال 70 سنة من اندلاع ثورة التحرير، حسب ما أكّده الأستاذ “ساهل يوسف” الذي أضاف أنّ بلادنا تعرف بعض النقائص ولكن بقوّة الإرادة والتسيير الحكيم سيتم تجاوزها، وتحقيق إنجازات أخرى تضاف إلى سلسلة الإنجازات التي حقّقت عبر عديد السنوات، لدرجة يخيّل لجيل الثورة أنّهم في بلد غير الجزائر.
كيف لا وهم الذين عاشوا الفقر والحرمان ومختلف أشكال المعاناة وعلى أكتافهم أسلحتهم من أجل تحرير الجزائر التي استنزف المستعمر خيراتها التي تنعم فيها، وحرم منها أبناءها، ولكنّهم اليوم يعيشون في نفس الوطن ولكن في ظروف مغايرة وجدوا فيها الازدهار والرقي في مختلف الميادين، والتي تبدو جليا في إنجازات كبيرة في قطاع الصحّة الذي يزخر بمنشآت ومستشفيات صحّية تقدّم خدمات علاجية ترقى إلى المستوى، منظومة تربوية تخرج من جعبتها أساتذة، أطباء، دكاترة ومهندسين، طيارين، وكلّهم يقدّمون خدمات في مجال عملهم من أجل تحسين ظروف عيش المواطنين، تفتّح سياسي، إنجازات كبرى على المستوى الاقتصادي، إقامة صناعة وطنية قائمة أساسا على الصناعات الثقيلة، إلى جانب تدعيم قطاع النقل والمواصلات بإنشاء شركات وطنية كشركة الخطوط الجوية الجزائرية، الشركة الوطنية للسكك الحديدية، ناهيك عن التحوّل التدريجي من أسلوب الاقتصاد الموجّه الاشتراكي إلى الاقتصاد الرأسمالي.
إنجازات كبرى مسّت مختلف الميادين خاصّة استعادة السلم والأمن المدني، إتباع سياسة خارجية قائمة على مبادئ أساسية ثابتة حدّدتها مواثيق الثورة منها محاربة كلّ أشكال الاستعمار والاستغلال والتمييز العنصري، مساندة حركات التحرّر في العالم “كفلسطين والصحراء الغربية”، إلى جانب العمل من أجل السلم والتعاون الدولي في إطار احترام المعاهدات والمواثيق الدولية.
70 سنة من اندلاع ثورة التحرير المجيدة، عرفت فيها الجزائر تحدّيات كبرى نتجت عنها دولة عصرية بأسس ديموقراطية، وجعلت منها رقما لا يستهان به في المعادلة العالمية، وصوت يصدح عاليا في المواعيد الدولية من أجل فرض مواقفها التي لم تحد عنها والتي جاءت في بيان أول نوفمبر.
هذه المواقف التي تمسّك بها جيل الاستقلال وما بعد الاستقلال، والتي تظهر جليا في طريقة التسيير الرشيدة والحكمة من أجل إبقاء اسم الجزائر عاليا في المحافل الدولية والوطنية، ورفع رايتها التي تعانق عنان السماء معلنة اسم الجزائر، الذي سيبقى شامخا على الصعيد المحلي، الوطني والدولي، وذلك من خلال سواعد أبنائها الذين ساروا على نهج الشهداء وواصلوا مسيرة الكفاح لبناء جزائر العزّة والكرامة التي ينعم فيها أبناؤها بعد 70 سنة من اندلاع ثورة التحرير وفاء لمبادئ نوفمبر.