في ظل التحدّيات الراهنة التي تواجه البلاد، يظل الشباب الجزائري المصدر الرئيسي للقوّة والتغيير. فذكرى أوّل نوفمبر، التي تمثل انطلاق ثورة التحرير، تذكرنا بالتضحيات الجسيمة التي قدّمها الأجداد في سبيل الحرّية والكرامة.
يرى الناشط الثقافي كريبع الشري، أن على الشباب الجزائري استلهام روح ثورة نوفمبر كأسلوب حياة، وليس مجرد مناسبة احتفالية. ويعتقد أن العمل بإخلاص وروح المبادرة، والسعي إلى الإبداع في مختلف المجالات، يمثلان نوعا من الوفاء لتضحيات الأجداد. وشدّد كريبع على ضرورة أن يتخذ الشباب خطوات فعلية دون انتظار الدعم، من خلال خلق فضاءات ثقافية وفكرية ورياضية تعزّز تواصلهم مع مجتمعهم وتساهم في معالجة قضاياهم.
كما أكد كريبع على أهمية الدفاع عن الحقوق بطرق قانونية عبر الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي، لتعزيز حضورهم ومشاركتهم في التغيرات التي تشهدها البلاد، مما يسهم في بناء مجتمع متكامل، يجد فيه الشباب مساحة فاعلة للتعبير والتغيير. وقال: “على الشباب أن يتحملوا مسؤولياتهم في بناء المستقبل، فهم صنّاع الغد، ومن واجبهم استلهام الدروس من تاريخهم المجيد، لتحفيز روح العطاء والتضحية في سبيل الجزائر الجديدة”.
أما إيمان طالبة جامعية فقالت: “إن قيم الثورة مثل التضحية والصمود ضرورية، لكن قلة من المؤسسات تجعلنا نشعر بمدى ارتباطها بواقعنا”. بينما يرى سيد علي، أن “التحدّيات الحديثة تحتاج لحلول مبتكرة تلائم واقع اليوم، خصوصا في ظل قضايا مثل فرص العمل”.
هذا التباين في المواقف يعكس تحدّيات تواجه الجهات المعنية بنقل إرث نوفمبر للشباب، لتكون الثورة نقطة انطلاق نحو بناء مجتمع حيوي قادر على مواجهة صعوبات العصر بمرونة وإبداع.
التحوّل الرقمي وتحدّيات العصر
في ظلّ التطوّر التكنولوجي السريع، بات للشباب الجزائري فرصا واسعة للوصول إلى مصادر متعدّدة للمعرفة والتوعية الوطنية، مما يسهم في تعزيز ارتباطهم بتراثهم. حيث يرى بعض أساتذة التاريخ أن استذكار الثورة لا يكون بالفعاليات التقليدية فقط، بل يجب الاستفادة من التقنيات الحديثة كالتطبيقات الرقمية والمحتوى المرئي، لخلق تجارب حيّة تجعل الشباب يتفاعلون مع قصص الثورة بفهم ومعايشة قريبة لواقعهم اليوم، “فمن خلال تقنيات الإعلام الرقمي، يمكن للشباب اليوم متابعة تجارب ملهمة، وقصص أبطال عاصروا الثورة، بما يعمّق فهمهم لروح نوفمبر ودلالاتها”.
ويشير هؤلاء الأساتذة أن “الأمل يظل معقودا على أن يستلهم الشباب من قيم نوفمبر القدرة على الصمود، ليكونوا فاعلين ومؤثرين في مجتمعهم. فكما واجه أجدادهم تحدّياتٍ جمّة وصنعوا مجدا للوطن، يمكن لهذا الجيل أن يواجه مشاكله بتحد وإبداع، لترتسم ملامح مستقبل مشرق يحمل فيه الشباب عبق نوفمبر وإرثه العريق” وأنه “ رغم التحدّيات المتعلقة بفرص العمل والولوج إلى سوق الشغل، فإن استلهام روح الصمود قد يشكل حافزا لهم، خاصة إذا وجدت جهود متكاملة بين الدولة والمؤسسات لدعم طموحاتهم وتطلعاتهم.
فقد بدأت الدولة بتخصيص منحة البطالة وتوفير فرص إنشاء مشاريع ريادية، كما أنشأت المرصد الوطني للشباب والمجلس الأعلى للشباب لتفعيل دورهم في اتخاذ القرار، وتتطلب هذه المرحلة الجديدة من الشباب استجابة سريعة وفعالة، ليس فقط من خلال الانخراط في سوق العمل، بل أيضا عبر الابتكار والمبادرة في مختلف المجالات”.