خطوة نحو تنمية اقتصادية شاملة وتحسين القدرة الشرائية

مشروع قانـون الماليـة 2025.. أكبر ميزانية في تاريخ الجزائــر

علي مجالدي

رفع حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات.. زيادة الإيرادات وتحسين القدرة الشرائية

تستعد الجزائر لدخول سنة 2025 بخطة مالية طموحة وغير مسبوقة، يتجسد ذلك في مشروع قانون المالية والذي من المتوقع له أن يكون أكبر ميزانية في تاريخ البلاد.
يأتي هذا المشروع في وقت حساس يتطلب تحركات اقتصادية شاملة لتعزيز النمو الداخلي ودعم الفئات الاجتماعية الهشة في المجتمع، كما تعهد بذلك رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال حملته الانتخابية.

يتضمن مشروع قانون المالية لعام 2025 إجراءات جديدة تدعم الاقتصاد الوطني، من خلال رفع حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات، وزيادة الإيرادات، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين. ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد الوطني تحولات كبيرة، تساهم في تحقيق نمو مستدام وتطوير مشاريع استثمارية تدعم التنمية الشاملة على المديين البعيد والمتوسط.
يرتكز مشروع قانون المالية 2025 على ميزانية غير مسبوقة من حيث الحجم، حيث من المتوقع أن تصل إلى نحو 16 ألف مليار دينار، بزيادة 9,9% مقارنة بالإغلاق المتوقع لسنة 2024.
تعكس هذه الزيادة، الطموحات الاقتصادية للجزائر في تعزيز الاستثمارات العمومية وزيادة معدلات النمو. علاوة على ذلك، تأتي هذه الميزانية لتعزيز مختلف القطاعات الحيوية في البلاد، بما في ذلك الصحة، التعليم، البنية التحتية والإدارة العامة.
في هذا الإطار، تهدف هذه الإجراءات إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال اعتماد زيادة معتبرة في الأجور، حيث سيتم تخصيص ميزانية إضافية لرفع الأجور في قطاعات حيوية مثل التربية، الصحة والتعليم العالي. كما أن زيادة كتلة الأجور بنسبة 3,5% تأتي لتلبية احتياجات التوظيف في المؤسسات العامة وتقديم دعم إضافي للموظفين في مختلف القطاعات.

زيادة الإيرادات

إلى جانب زيادة الأجور وتحسين القدرة الشرائية، يهدف مشروع قانون المالية 2025، إلى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 4,5%، مع توقع نمو خارج قطاع المحروقات بنسبة تصل إلى 5%. هذه الأرقام تعكس ديناميكية جديدة في الاقتصاد الوطني تعتمد على تنويع مصادر الإيرادات وتقليل الاعتماد على المحروقات، لاسيما وأن العديد من المشاريع الاستراتيجية سوف تنطلق في عملية الإنتاج سنة 2025.
فيما يتعلق بالإيرادات، من المتوقع زيادة الجباية العادية البترولية بنسبة 3,5%، كما سيتم تحقيق فائض في الميزان التجاري يقدر بأكثر من 10 ملايير دولار، وهو ما يعكس الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده البلاد. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يستمر فائض ميزان المدفوعات للسنة الثالثة على التوالي، مما يعزز استقرار الاقتصاد الوطني وتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي.
علاوة على التحسينات في الإيرادات والميزانية، يهدف مشروع قانون المالية لعام 2025، إلى دعم الاستثمار وتعزيز المشاريع العمومية وتحسين البنية التحتية، تشمل التدابير الجديدة تسهيلات إضافية للمصدرين، وخاصة في مجال الصادرات خارج المحروقات، يأتي ذلك ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى تحويل الاقتصاد الوطني من الاعتماد على المحروقات إلى اقتصاد أكثر تنوعًا وتطورًا.
كما أن هذه التسهيلات تترافق مع إصلاحات هيكلية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، بما في ذلك تحسين المناخ الاستثماري وتسهيل الإجراءات الإدارية والضريبية للمستثمرين. في نفس السياق، تعمل الجزائر، بمتابعة شخصية من رئيس الجمهورية، على تسريع عملية الرقمنة في مختلف القطاعات، مما يساهم في تعزيز كفاءة الإدارة وتقليل البيروقراطية.
إلى جانب التركيز على النمو الاقتصادي والاستثمار، من المتوقع أن يولي مشروع قانون المالية 2025 اهتمامًا كبيرًا للفئات الاجتماعية الهشة.
ومن بين التدابير الرئيسية التي تضمنها المشروع، دعم ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تخصيص نسب معينة من مناصب الشغل لهذه الفئة، بالإضافة إلى منح مالية تسهم في توفير حياة كريمة لهم.
هذه الإجراءات تعكس التزام الحكومة بتعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف فئات المجتمع.
وفي سياق تحسين القدرة الشرائية، أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على عدم فرض أي ضرائب جديدة في إطار قانون المالية 2025. هذا القرار يهدف إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين وتعزيز استقرار الأسعار. إلى ذلك، يساهم هذا القرار في دعم الشركات الناشئة وتحفيز الاستثمار، مما يعزز فرص العمل ويساهم في تحسين الظروف المعيشية.

الإصلاح المالي

علاوة على ذلك، يأتي مشروع قانون المالية لعام 2025 في إطار سلسلة من الإصلاحات المالية التي باشرتها السلطات العليا في البلاد خلال السنوات الأخيرة. هذه الإصلاحات تهدف إلى تحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد وتعزيز موقع البلاد في المحافل الدولية. من بين أبرز هذه الإصلاحات، تطوير النظام المالي واعتماد محاسبة على أساس الاستحقاق، وهو ما يسهم في تعزيز شفافية الميزانية وتحسين إدارة الموارد العامة.
كما تتضمن الإصلاحات تحسين الاقتصاد النقدي، من خلال ضبط الإنفاق العمومي وزيادة فعالية النفقات الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، يتم التركيز على تحديث النظام الوطني للمعلومة الإحصائية وتسريع التحول الرقمي، مما يعزز من قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة ويزيد من فعالية إدارة الاقتصاد الوطني.
ويرى العديد من الخبراء، أن مشروع قانون المالية لعام 2025 خطوة حاسمة نحو تحقيق التنمية الشاملة في الجزائر من خلال ميزانية غير مسبوقة، وزيادة الأجور، وتحفيز الاستثمار، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، كما يعكس هذا المشروع رؤية متكاملة تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق تنمية مستدامة. وفي نفس الوقت، يولي المشروع اهتمامًا خاصًا للفئات الهشة، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يعزز العدالة الاجتماعية ويحقق توازنًا بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024