حتـى لا ننـسى الأسرى

في خضم العدوان الشرس الذي تشنه آلة الحرب الصهيونية على كل مناحي الحياة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، تتركز الأضواء أحيانا على الأخبار السياسية، وخصوصا صفقة التبادل وتطوراتها التي تراوح مكانها، وما تصريحات مكتب رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتانياهو، بان أمور الصفقة تطورت وشهدت تقدما ملحوظا، إلا استهلاك إعلامي لغايات سياسية تخصّ نتانياهو ورغبته البقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة، لتجنب المحاكمة والحساب..
 في الوقت الذي يثبت فيه الكيان الصهيونى للعالم كله أنه غير معني بهذه الصفقة، ووقف إطلاق النار من خلال آخر مستجدات الاجتماعات الأمريكية الصهيونية، حيث يضغط طاقم نتانياهو على الإدارة الأمريكية بقوة، لتحويل ما تبقى من ذخيرة وقنابل وأسلحة لصالح الجيش، وذلك لمواصلة عدوانه واستغلال الفترة المتبقية لبايدن وادارته في الحكم، خشية تغيير محتمل في السياسة الخارجية الأمريكية من قبل كاميلا هاريس أو دونالد ترامب في الوقت الذي تأخذ فيه صفقة التبادل وأخبارها الحيز الأكبر وكأنها الملف الوحيد في هذه الحرب، فإن ذلك لا يجب أن ينسينا على الإطلاق قضايا ملحة ومهمة ومصيرية، فإضافة لارتدادات مجازر وجرائم الاحتلال في غزة والضفة، وما يتمّ من قصف وهدم وتدمير، فؤن ملفا حيويا يجب التذكير به دوما، ووضعه في قائمة الملفات الأكثر أهمية، نظرا لحساسيته الشديدة وخطورته الكبيرة على حياة الفلسطينيين، وهو ملف الإجراءات الصهيونية الوحشية بحق الأسرى الفلسطينيين في السجون، حيث تمارس إدارة السجون بحقهم كل أشكال العنف وعمليات الضرب المبرح، ويعيشون فيها حياة الذل والهوان، في ظل سياسة الاحتلال الصهيوني للانتقام من الأسرى وقتلهم ببطء..
بالأمس أفرج عن مجموعة من الأسرى وعادوا إلى قطاع غزة، وتوجّه ستة منهم إلى المستشفيات للعلاج واثنان للبحث إذا ما كان احد من عائلتيهما بقي على قيد الحياة، وقاموا بعرض روايات قاسية تقشعر لها الأبدان وتقوم بها إدارة السجون حيث يتعمد الجيش وضع أقدامهم فوق رؤوسهم، ويتعرضون لجولات من التحقيق العنيف الذي يتخلله التعذيب والصعق بالكهرباء والضرب على الظهر والعمود الفقري والبطن بكافة أنواع الأسلحة والهراوات، ووضع العصي الكهربائية في مناطق حساسة وداخل الفم، إلى جانب تكسير الأسنان، والشبح من الأقدام والأيدي وإطلاق الكلاب المتوحشة عليهم..يعيش الأسرى في كافة السجون أوضاعا مأساوية للغاية لا يحتملها العقل البشري، يضاف إليها النقص المتعمد في كميات الطعام المقدمة للأسرى وحرمانهم من النوم وعدم وجود مياه في المراحيض ومنع الأسرى من الاستحمام..
هذه الاعتداءات أفرزت مئات حالات البتر في الأطراف وقطّع الأيدي والأرجل وخضوع أسري لعمليات دون تخدير، والأهم من كل ذلك أن العشرات منهم ارتقوا بسبب التعذيب والتنكيل، وسط إصرار الكيان الصهيوني على رفض السماح لأي منظمة حقوقية أو إنسانية إضافة لهيئة المحامين من زيارة الأسرى، وذلك لعدم كشف الإجراءات الانتقامية التي تقوم بحق الأسرى..
ملف من أهم ملفات المعركة، في طريق إثبات الوجود الفلسطيني، والحفاظ على كبرياء السجناء واستعادة سطوتهم وجبروتهم على السجانين من خلال تجاربهم النضالية التي عمدوها بالدماء والتضحيات، لا يمر إلا من خلال الالتفاف حول قضية السجناء وإثارتها على أعلى مستوى عالمي، وحشد أكبر حملة تضامن إنسانية وحقوقية واجتماعية، واعتبارها قضية استراتيجية ومركزية قبل فوات الأوان، لأن ما يجري داخل السجون، ينذر بوضع كارثي وخطير جدا.
 

ميلشيات خاصة للتنكيل بالأسرى دون محرمات ودون خطوط حمراء

منذ السابع من أكتوبر الماضي، يُمارس الاحتلال أعتى أشكال التعذيب والتنكيل بحق الحركة الأسيرة، يُضاف إلى ذلك الإذلال الشديد، وشهدت أشهر الحرب الصهيونية على قطاع غزة تشكيل «ميليشيات» خاصة داخل السجون للتنكيل بالأسرى. المتحدث باسم نادي الأسير أمجد النجار، يقول إن ما يسمى بوزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير شكل ميليشيات خاصة له داخل السجون من وحدات القمع (كيتر، ومتسادا، ويماز، والناحشون)، يعملون وفقاً لتعليمات خاصة منه للتنكيل بالاسرى، بدون محرمات ودون خطوط حمراء.
ويشير إلى أن أعضاء «الميليشيات الخاصة» يتلقون علاوات مالية كبيرة، حسب درجة القمع والتنكيل التي ينفذونها بحق الاسرى، موضحاً أن هذه الميليشيات تعمل في السجون الصهيونية على مدار الساعة.

ما يحدث داخل السجون مُخططٌ مسبقاً

ويؤكد النجار في حديثه لبرنامج «وطن وحرية»، ويقدمه الزميل عبد الفتاح دولة، ويبث عبر شبكة وطن الإعلامية، أن ما يحدث داخل سجون الاحتلال خاصة بعد الـ7 من أكتوبر مخطط، أعدّت حكومة الاحتلال لتنفيذه مُسبقاً، بهدف كسر الروح المعنوية للاسرى، وسحب منجزات الحركة الأسيرة، التي تعتبر رافعة أساسية للقضية الوطنية الفلسطينية.

حياة الأسرى دخلت دائرة الخطر الشديد

ومنذ فرض حالة الطوارئ في دولة الاحتلال وإعداد قانون الطوارئ الاعتقالي، وقانون السيوف الحديدية، بعد السابع من أكتوبر الماضي، بدأت الحركة الأسيرة بمواجهة مصير مجهول، لأن الأمر لا يقتصر فقط على تحمل الحياة الاعتقالية، مع انعدام الظروف المُلائمة للعيش داخل السجون، بل أكثر من ذلك، حيث إن حياة الأسرى دخلت دائرة الخطر الشديد الذي يُهدد حياتهم بشكل مباشر، وفقاً لشهادات الأسرى المُفرج عنهم مؤخراً، يقول النجار.

رصاصة في رأس كل أسير فلسطيني.. قرارٌ بالقتل

وفي تعليقه على تصريحات ما يسمى بوزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير الأخيرة، بشأن إطلاق رصاصة في رأس كل أسير فلسطيني، يقول النجار: «تصريح بن غفير الأخير قرارٌ بالقتل المباشر»، مشيراً إلى استخدام أسلحة فتاكة وسامة لقمع الأسرى، بعد السابع من أكتوبر، والأخطر من ذلك هو تأثير هذه الأسلحة على صحة الأسرى في المُستقبل.

عمليات اغتصاب بشعة وقذرة تشارك بها الكلاب البوليسية

ويلفت إلى استخدام كلاب بوليسية مدربة على الاغتصاب، وفقاً لشهادات الأسرى المفرج عنهم مؤخراً، مشيراً إلى أن عدداً من أسرى الضفة الغربية تعرضوا للاعتداء الجنسي داخل السجون، ولم يقتصر أمر الاعتداءات الجنسية باستخدام الكلاب البوليسية المُدربة على الاغتصاب، على الأسرى من قطاع غزة.
وكان المحامي خالد محاجنة قد روى ما نقله خلال زيارته الأخيرة للصحفي محمد عرب في سجن (عوفر) غرب رام الله، بعد نقله بأيام من معسكر (سيديه تيمان) جنوب فلسطين المحتلة، وروى تفاصيل تعرض معتقلي غزة لعمليات اغتصاب بشعة وقذرة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024