دور الجماعات المحلية مهم لتحسين صورة وِجهة الجزائر
يقول مستشار وزير السياحة نبيل ملوك، في حواره مع «الشعب ويكاند»، إنّ قطاع السياحة سيشهد في موسم الاصطياف حركية اجتماعية واقتصادية استثنائية، تساهم في إنعاشه، بعد ركود في السنتين الماضيتين بسبب جائحة كورونا، وأكّد أنّ السلطات العمومية أولت هذا القطاع أهمية خاصة من أجل دفع عجلة التنمية المحلية، ولذلك اتخذت عدة قرارات هامة، من بينها تنظيم حق امتياز استغلال الشواطئ وفق دفتر شروط قصد ضمان خدمة ذات جودة عالية، على أن يكون ذلك وفق مزايدات تمنح الأولوية فيها للمهنيين والمؤسسات الناشئة، وأصحاب الفنادق.
ويرى من جهة أخرى، أنّ تحسين صورة وِجهة الجزائر السياحية، مهمة يتقاسمها الجميع، بداية من الجماعات المحلية التي يعد دورها محوريا ضمن منظور تثمين خصوصية ومؤهلات كل إقليم من أجل تنويع الاقتصاد المحلي، وتحقيق إيرادات بالاعتماد على الموارد المحلية.
- الشعب ويكاند: يعد موسم الاصطياف 2022 فرصة لإنعاش قطاع السياحة بعد ركود سنتين بسبب جائحة كورونا، ما هي الإجراءات والترتيبات المتخذة لتحسين الوجهة الجزائرية من جديد؟
مستشار وزير السياحة نبيل ملوك: فعلا يعد موسم الاصطياف حدثا سنويا مميّزا يشهد حركية اجتماعية واقتصادية استثنائية، يساهم في إنعاش القطاع السياحي، والذي كما نعلم عرف في السنتين الماضيتين ركودا بسبب جائحة كورونا، وهو يحاول أن يسترجع عافيته تدريجيا مع تراجع الأزمة الصحية، وحلول هذا الموسم الذي أولته السلطات العمومية أهمية خاصة من أجل دفع عجلة التنمية المحلية، ولذلك اتخذت عدة قرارات هامة في المجلس الوزاري المشترك المخصص لموسم الاصطياف من خلال القيام بما يلي:
- تنظيم حق امتياز استغلال الشواطئ وفق دفتر شروط قصد ضمان خدمة ذات جودة عالية،
- إطلاق عمليات المزايدة لاستغلال الشواطئ وتشجيع المهنيين والمؤسسات الناشئة.
- منح الأولوية للمؤسسات الفندقية في استغلال الشواطئ المحاذية لها.
- تقديم العروض السياحية المتكاملة من طرف وكالات السياحة والمؤسسات الفندقية العامة والخاصة (package) لفائدة الجالية الجزائرية والعائلات.
- تشجيع إقامة المخيمات الصيفية خصوصا العائلية، وتحسين ظروف الاستقبال واحترام المقاييس الواردة في دفتر الشروط.
- تنظيم وتعميم صيغة الإقامة لدى الساكن قصد تدارك العجز في طاقة الاستقبال، وتحقيق المواطنين لعائدات موسم الاصطياف.
- التنشيط الثقافي والترفيهي خاصة في الليل بالمدن والشواطئ.
- تجنيد وسائل النقل لتسهيل التنقل إلى الشواطئ ومنها.
- توفير التسهيلات لفئة ذوي الهمم، للولوج إلى مجالات تهيئة الشواطئ و ممارسة الأنشطة السياحية.
إنّ هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان السير الحسن لموسم الاصطياف، وتحقيق الرضا لدى السياح من داخل الوطن وخارجه، وبالتالي تحسين صورة وِجهة الجزائر السياحية، وفي هذا الإطار يعد دور الجماعات المحلية محوريا ضمن منظور تثمين الخصوصية التي يتمتع بها كل إقليم، وتنويع الاقتصاد المحلي وتحقيق إيرادات بالاعتماد على الموارد المحلية، حيث تمتلك مختلف بلديات الوطن لاسيما منها الساحلية مؤهلات كبيرة في مجال السياحية يقع عليها تثمينها لتطوير وِجهات سياحية محلية ذات جاذبية من أجل تحقيق التنمية المستدامة والشاملة.
- أبانت السّلطات العمومية عن نيّتها في دعم القطاع وتحريكه بما يخدم الاقتصاد الوطني، وقد تمّ بالمناسبة رفع الحظر عن عدة مشاريع وهياكل فندقية متوقّفة، فما الذي عزّزته هذه الهياكل؟ وهل ضبطت خطّة تسويقية لاستقطاب السياح المحليّين والأجانب؟
إنّ إرادة الدولة في تطوير قطاع السياحة والصّناعة التقليدية عبّر عنها بوضوح رئيس الجمهورية في برنامجه الرئاسي والتزاماته الأربعة والخمسين، حيث أكّد ضرورة الاهتمام والنهوض به، باعتباره رافعة للاقتصاد الوطني، يعوّل عليه للخروج التدريجي من التبعية لقطاع المحروقات، وكذلك بالنظر للمقوّمات الطبيعية والمقدرات السياحية التي تزخر بها بلادنا وتنوّعها، إلى جانب امتلاك موروث تاريخي وثقافي ثري ومتنوّع وعريق، كما أكّدَ أهمية تنمية السياحة الداخلية من خلال الارتقاء بالخدمات السياحية لمستوى تطلعات العائلات الجزائرية، وضرورة مراجعة سياسة الأسعار الحالية لإرساء تنافسية حقيقية بين المستثمرين.
ضمن هذا التوجه يعمل القطاع تحت إشراف ياسين حمادي وزير السياحة والصناعة التقليدية على تحريك عجلة الاستثمار في مجال السياحة ومرافقة أصحاب المشاريع، وتذليل الصعوبات التي تعترضهم، وكذا رفع التجميد عن المشاريع المتوقفة لعدة أسباب لاسيما منها ذات العلاقة بالتمويل أو بالعقار.
إنّ الحظيرة الفندقية ورغم العجز الذي ما زالت تسجله إلا أنها عرفت ارتفاعا محسوسا، حيث فاق عددها 1500 مؤسسة فندقية عبر التراب الوطني (قطاع عمومي وخاص) بطاقة استقبال تبلغ أكثر من 132.000 سرير، وتبقى وتيرة الاستثمار تعرف منحى تصاعديا إذ أحصينا 2587 مشروع معتمد، بطاقة استيعاب قدرها 316.495 سرير، توفر 123.898 منصب شغل، ويبلغ عدد تلك التي هي في طور الإنجاز: 743 مشروع، طاقة استقبالها 94.555 سرير توفّر 37.016 منصب شغل.
وقام القطاع بالتعاون مع المنظمة العالمية للسياحة بإنجاز دراسة واعتماد إستراتيجية في ميدان التسويق السياحي لوِجهة الجزائر بهدف استقطاب السياح المحليين أو الأجانب حسب الأسواق، والاحتياجات المعبر عنها من مختلف فئات السياح والزبائن.
- تطرح مشكل غلاء أسعار الفنادق، في كل موسم، هل آن الأوان لاعتماد أسعار سياحية وليس اقتصادية على مستوى الفنادق، لتشجيع العائلات الجزائرية على قضاء عطلتها السنوية في هذه الفضاءات؟
نحن نشاطركم الرّأي أنّ مسألة ارتفاع أسعار الخدمات مطروحة فعليا وقطاعنا يأخذها بكل جدية وعناية، ويعمل دون هوادة على إيجاد الحلول المناسبة لها، علما أنها مرتبطة بصفة وثيقة بالسوق وقاعدة العرض والطلب، كما أنّ توجيهات رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الوزراء ليوم 12 سبتمبر 2021 بعد دراسة ملف إنعاش القطاع السياحي، نصّت على ضرورة مراجعة سياسة الأسعار الحالية بما يستجيب لتطلعات العائلة الجزائرية ويضمن تنافسية حقيقية بين المستثمرين.
وقام الوزير مؤخرا في إطار تشجيع فعل الحوار والشراكة بين المتعاملين السياحيين بجميع فئاتهم، بالإشراف على لقاء تحضيري لموسم الاصطياف لسنة 2022، ضمّ مختلف الفاعلين في ميدان السياحة والفندقة والأسفار والصناعة التقليدية، حيث كانت اللقاء سانحة للحث على ضرورة تعزيز مكونات وحلقات السلسلة السياحية، وتحسيسهم بأهمية وضع أسعار تحفيزية لعروض سياحية متكاملة خصوصا لفائدة العائلات الجزائرية، وقد وجدت تلك التوجيهات تجاوبا وآذانا صاغية من مختلف المتعاملين من أجل ربط علاقات عمل وشراكة دائمين.
-أطلقت وزارة السياحة خدمة الإقامة لدى الساكن، من ولايات الجنوب، وهي صيغة قد تلبّي طلب العائلات، وتطرح أسعار تراعي قدرتها، هل سيتم تعميم هذه الخدمة عبر الولايات الساحلية خاصة تلك التي تنتشر فيها عملية كراء السكنات الخاصة، في فترة الصيف؟ لتعميم الفائدة؟
كما سبق وأن ذكرنا فإنّ طاقة الاستقبال الفندقي المتوفرة حاليا على المستوى الوطني لا توفي الطلب السياحي المتزايد من سنة لأخرى، لذلك تأتي صيغة الإيواء لدى الساكن باعتبارها محبّذة لدى العائلات الجزائرية لتساهم في سد العجز المسجل، وكذا لتحقيق عائدات لسكان المناطق التي يقصدها السياح في مختلف المواسم السياحية على غرار موسم الاصطياف، فهو موسم السياحة الساحلية بصفة رئيسة دون أن نغفل الولايات الأخرى غير الساحلية، أو موسم السياحة الصحراوية أو موسم السياحة الشتوية وغيرها.
إنّ صيغة الإيواء لدى السّاكن تلقى رواجا منقطع النظير، ونحن نعمل على تنظيمها أكثر بالتنسيق مع القطاعات المعنية، خاصة قطاع الداخلية والجماعات المحلية، قصد تعميم العمل بها بمختلف ولايات الوطن دون استثناء، بغية تشجيع انتشارها وتحريك عجلة النشاط الاقتصادي والاجتماعي المحلي، وبالتالي التنمية المستدامة من خلال خلق النشاط وتسويق المنتجات المحلية.
-التّرويج الإعلامي مهم لاستقطاب السياح نحو الوجهة المحلية، والجزائر تحوّلت في الآونة الأخيرة لمزار صانعي محتوى أجانب، هل يوجد برنامج لاستغلال هذه الزّيارات لتحسين صورة المقصد الجزائري، والتعريف به خارجيا؟
طبعا، يعد الترويج الإعلامي والاتصالي بصفة أخص، عاملا أساسيا للجذب السياحي نحو وِجهة الجزائر عامة والوجهات المحلية على وجه الخصوص، ونحن نعيش ونشاهد الثورة التكنولوجية التي أحدثتها وسائل الاتصال لاسيما الحديثة منها في الترويج والتسويق للوِجهات السياحية على مستوى العالم، وما لهذه الوسائط الحديثة من تأثير حاسم على أراء السياح وميلهم نحو اختيار وجهة سياحية ما للزيارة.
ضمن هذا التوجه يولي قطاعنا أهمية كبيرة لصناع المحتوى في مختلف وسائط الاتصال من أجل الترويج والتعريف لمؤهلات الجزائر السياحية، والتي تبهر كل من يزورها، وقد كانت هناك عدة مبادرات وعمليات أشرف الوزير شخصيا على رعايتها إدراكا منه لأهمية استغلال هذه الفضاءات الاتصالية في ضمان تواجد دائم لوِجهة الجزائر السياحية مع تحسين جودة كل ومحتوى الرسالة الإعلامية والاتصالية المراد تبليغها إلى صناع الأسفار من جهة، وجمهور السياح من جهة ثانية.
- هل سيتم تفعيل المسارات السياحية، والتخييم العائلي والشباني، مع استقرار الوضع الصحي، أم سيتم الاكتفاء بخدمة الإيواء، والتّنشيط على مستوى فضاءات التّسلية؟
المسارات السياحية من المكونات الأساسية للمنتوجات السياحية التي يبحث السياح عن اكتشافها ضمن العرض السياحي سواء الوطني أو المحلي، وفي هذا الإطار بادر وزير السياحة والصناعة التقليدية بمشروع هام مرتبط بالرقمنة، ويعدُّ ذا أهمية إستراتيجية، ألا وهو تصميم بوابة إلكترونية خاصة بالمسارات السياحية على المستوى الوطني، حيث يصبح بإمكان كل متصفح أو راغب في الاكتشاف أن يجد أمامه تشكيلة من المسارات السياحية المتنوعة والتي تتضمّن مواضيع كثيرة حسب ميول ورغبات السياح، موزعة عبر كل ولايات الوطن الثمانية والخمسين، والتي تتحول بفضل تلك المسارات إلى وِجهات سياحية محلية تشكل بدورها الوجهة السياحية الوطنية.
نعتقد أنّ هذا المشروع واعد، ويبشّر بمستقبل زاهر للسياحة الوطنية التي تتطلب المزيد من الإثراء والتنويع لاسيما وأنّ المادة الخام موجودة، وتتطلب التثمين الجيد لكي تتحول إلى منتوج رائج في الأسواق، وعند حديثكم عن الإيواء والتنشيط والتسلية
فإنّنا نؤكّد لكم بأنّها عناصر أساسية ضمن المسارات السياحية التي قام قطاعنا بتصميمها، ويعمل على الترويج لها وتسويقها عن طريق وكالات السياحة والأسفار التي ستجد من اليوم فصاعدا بنكا للمعطيات في تصميم عروضها السياحية.
- كيف ضبطت وزارة السياحة أجندتها مع الحدث الدولي الذي تنظّمه الجزائر بداية من 25 جوان الجاري؟
تشهد الجزائر عن قريب حدثا دوليا هاما ألا وهو ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي ستحتضن فعالياته عاصمة الغرب الجزائري وهران المدينة المتوسطية العريقة، وقطاع السياحة ممثل في اللجنة التحضيرية لهذه التظاهرة التي يوليها قطاعنا أهمية خاصة، بالنظر لانعكاساتها على الترويج لوِجهة الجزائر السياحية بصفة عامة ووِجهة وهران خصوصا، لذلك قام قطاعنا بتسطير برنامج في هذا المجال في إطار تشجيع سياحة الأحداث من خلال عدة عمليات مثل، اختيار الفنادق والمؤسسات السياحية التي سيقيم بها المشاركون والزوار، إنجاز فيلم ترويجي لمدينة وهران، وضع حافلات «سيتي تور» للجولات السياحية بالمدينة، تعزيز وظيفة الاستقبال والإعلام السياحي، تصميم وعرض أكثر من عشر مسارات سياحية بالمدينة، وضع الإشارات السياحية للمواقع والمعالم التي يقصدها الزوار والسياح، إنجاز مطبوعات ودلائل وخرائط للترويج، تكوين المرشدين السياحيين والمرافقين، تعزيز عملية المراقبة والتفتيش قصد ضمان خدمات ذات جودة خلال سير فعاليات الألعاب وما بعدها.
وفي مجال الصّناعة التقليدية الذي نوليه هو الآخر أهمية كبيرة، ستشهد مختلف المواقع والمعالم بوهران، تنظيم العديد من المعارض والتظاهرات الخاصة بمنتجات الحرفيين، والتي ترمز لتراثنا وهُويّتنا الوطنية، برمجة الورشات الحية، تنشيط الساحات العمومية بالمدينة من خلال احتضان معارض للصناعة التقليدية بهدف ضمان التنشيط والترفيه، وإيجاد فضاءات للتسويق والترويج.
هو حدث رياضي لكنه سياحي أيضا بامتياز، فالرياضة والسياحة عنصران هامان متكاملان من أجل تبادل الثقافات والتفاهم والتعايش المشترك، وتحقيق تنمية سياحية مستدامة.