رفع سعر الشراء لرفع الإنتاج المحلي للقمح والفرينة

إستراتيجية جديدة للاستغناء عن الاستيراد

فتيحة كلواز

 

 

 

  الابتعاد عن البقاء رهن تقلبات ومستجدات السوق الدولية لمنع تداعياتها السلبية على السوق المحلية من خلال التوجه إلى استغلال وفرة المواد في السوق المحلية، واستحداث بنك معلومات يسمح بمعرفة الاحتياجات الحقيقية للسوق المحلية، اعتبرهما الخبير الاقتصادي عبد الصمد سعودي خطوتين مهمتين لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاستغناء عن الاستيراد، مؤكدا أن إدخال التكنولوجيا الحديثة خاصة في التسميد والهندسة الفلاحية التي تسمح برفع الكمية وتحسين النوعية هما أهم النقائص الموجودة حاليا لتحقيق الأهداف المسطرة.

اغتنام تقلبات السوق الدولية وغلاء أسعار المواد الأولية بالتوجه إلى استغلال وفرة المواد المنتجة محليا في تطوير الإنتاج الوطني، هي واحدة من مخرجات مجلس الوزراء الأخير من اجل تجاوز اضطراب السوق العالمية التي تعرف ارتفاعا كبيرا في مواد الاستهلاكية والمواد الأولية، حيث اعتبرها الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الصمد سعودي في اتصال مع «الشعب» تأكيدا لما صرّح به رئيس الجمهورية في لقائه الأخير مع ممثلي الإعلام الوطنية.
فبالنظر إلى ما تعرفه السوق الدولية من مستجدات تعرف أسعار السلع الفلاحية ارتفاعا كبيرا بسبب تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى انعكاسات العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، خاصة وأن الدولتين توفران الحصة الأكبر من البقول والقمح والزيوت النباتية في السوق الدولية، دون إغفال -حسبه- ارتفاع أسعار النفط التي أدت إلى ارتفاع أسعار نقل البضائع والشحن ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع.
ولتجاوز المستجدات وتداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي والوطني تبنت الدولة بعض التحفيزات بالنسبة للسلع المدعمة، حيث قام رئيس الجمهورية بزيادة أسعار الشراء من طرف الفلاحين لتحفيزهم على رفع الإنتاج أكثر بغية تحقيق أرباح أكبر، فقد لمسنا ارتفاعا كبيرا في سعر شراء القمح والفرينة وهي الإستراتيجية التي تسير وفقها الدولة منذ سنتين أو سنة ونصف، أي رفع الإنتاج المحلي للوصول إلى نسبة اكتفاء من 90 إلى 95 بالمائة.
في ذات السياق، أكد الخبير الاقتصادي أن الإستراتيجية الجديدة تسمح للدولة بالتخلص من استيراد السلع التي ارتفع سعرها في السوق الدولية، والتي تحدث عنها رئيس الجمهورية هي زيادة مردودية المواد الفلاحية، حيث استدل الرئيس بالولايات المتحدة الأمريكية التي وصل مردود الهكتار الواحد من القمح إلى 100 و120 قنطار، بينما لا يتجاوز 40 قنطار في الجزائر، مفضلا هذه الإستراتيجية بأن ترفع الأسعار محليا لتشجيع الفلاحين على تحقيق الاكتفاء الذاتي عوض استيرادها من الخارج.
أما فيما يتعلق باستحداث بنك معلومات يتيح توفير الإحصائيات الدقيقة لمختلف المواد المنتجة محليا تسمح بمعرفة احتياجاتنا الحقيقية، كشف المتحدث وجود تنسيق بين وزارتي التجارة والفلاحة لإعداد بطاقية خاصة أو بنك معلومات لمعرفة خصوصية كل منطقة وأي المواد الفلاحية تكون أصلح لزراعتها وإنتاجها فيها بوفرة، حتى يكون هناك تنظيم لاستغلال المناطق الزراعية خاصة في الجنوب الكبير، فاليوم تعاني الجزائر مشكلا كبيرا يتمثل فيما يسمى بالدورة الفلاحية، بحيث كل سنة تعاني الجزائر مشكلا في مادة فلاحية مرة في الطماطم، وفي أخرى في الثوم وثالثة في البطاطا.
أرجع سبب هذا المشكل إلى غياب بنك معلومات دقيق، لأن وجوده يعطي الفلاحين إسناد خاص بالإنتاج الفلاحي، فعندما ارتفع سعر الثوم إلى 1500دج توجه الفلاحون في السنة الموالية إلى إنتاج هذه المادة الفلاحية مما أدى إلى انهيار سعرها إلى أقل من 100دينار، في المقابل ونتيجة هذا التوجه توقف إنتاج الطماطم والبطاطا ما انعكس سلبا على توفرها في السوق المحلية ما جعل منه سببا في اضطراب في السوق المحلية.
في الوقت نفسه اعتبر سعودي استحداث بنك معلومات تكون للمصالح الفلاحية على مستوى الولايات عدد الفلاحين وقطع الأراضي، وما هي المواد التي تصلح لاستغلالها، سيؤدي إلى وضع إستراتيجية للدولة الجزائرية تسمح باستقرار الأسعار في السوق المحلية، أما في حالة اضطرابها يملك هذا البنك القدرة على الاستشراف بإعطاء المعلومة مسبقا للحكومة للذهاب إلى السوق العالمية بغية اقتناء المادة الفلاحية التي تعرف نقصا في السوق المحلية.
واستشهد بمادة البطاطا التي تنبأ فلاحين من المسيلة وبسكرة منذ سنتين بارتفاع أسعارها إلى 150 دينار لاطلاعهم على حقيقة أن بذور البطاطا المستوردة من الخارج في انخفاض متواصل بينما أسعارها في ارتفاع مستمر وكبير.
أما عن قدرة الجزائر تحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتوج المحلي، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن الجزائر بلد قارة يملك إمكانيات ومؤهلات طبيعية كبيرة، وهو ما جعل رئيس الجمهورية يضع معادلة بسيطة حيث أعطى عدد الهكتارات التي تم استغلالها لزراعة القمح وقال إنه لو تم استغلال هذه الهكتارات بصورة ناجعة يمكن للجزائر تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المادة، موضحا أن منطقة الجنوب تحتوي على المياه الجوفية وتضم أراضي كبيرة واليد العاملة متوفرة، لكن بالرغم من توفر كل هذه العوامل ينقص التنظيم، معتبرا أن أهم مشكل ما زلنا نعانيه في منطقة الجنوب الكبير هو إدخال التكنولوجيا الحديثة خاصة في التسميد والهندسة الفلاحية التي تسمح برفع الكمية وتحسين النوعية.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024