أكد الدكتور محمد بلخير بأفضل أستاذ القانون بجامعة مستغانم، أنّ مجازر 8 ماي 1945، جريمة متكاملة الأركان وتعويض ضحاياها طلب مؤسس من الناحية القانونية، وأشار إلى بعض العوائق التي قد تتسبب في تعطيل مسار المتابعة القضائية لفرنسا على جرائمها الاستعمارية، وهو ما يتطلب قراءة متعمقة للسبل الممكنة لمقاضاة فرنسا وطلب التعويض عن جرائمها.
أكّد الدكتور بأفضل في حديث لـ»الشعب» بمناسبة الذكرى 77 لمجازر الثامن ماي1945، أنّ جرائم فرنسا في الجزائر من الناحية القانونية والنظرية، تعتبر جرائم ثابتة ومتكاملة الأركان القانونية وأنّ تعويض ضحايا هذه المجازر طلب مؤسس من الناحية القانونية.
وقال المتحدث: « «إنّ متابعة هذه الجرائم أمام القضاء الدولي المختص يعرف عدة إجراءات ومسارات قانونية معقدة، على الرغم من وجود الكثير من الاتفاقيات الدولية التي تنص على تجريم أفعال الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، لاسيما اتفاقية عام 1948، واتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 وكذا البرتوكول الملحق لسنة 1977 الذي نص على عدم تقادم جرائم الحرب».
وأوضح أنّ المسار القانوني الأول، يتمثل في تفعيل اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنّ هذا المسار قد يصطدم بعقبة قانونية، وهي أنّ اختصاص هذه المحكمة لا ينعقد بالنسبة للجرائم المرتكبة قبل دخول نظام المحكمة حيز التنفيذ، أي تاريخ 1 جويلية 2002.
أما عن المسار الثاني، فيتمثّل في إمكانية اللجوء إلى محكمة دولية خاصة لمحاكمة هؤلاء المجرمين وهذه المحكمة قد تؤسس من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو بقرار من مجلس الأمن، غير أنّ هذا المسار- حسبه- لا يمكن أن يعول عليه كثيرا، لأنه قد يواجه ممارسة بعض الدول لحق الفيتو، بهدف إبطال مفعول هذا المسار.
وأضاف أنّ المسار القانوني الأخير المتبقي، وهو ما يسمى عند المختصين في القانون الدولي بمبدأ الاختصاص العالمي والذي تبنته عدة دول كبلجيكا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا، مفاده أنّ الاختصاص ينعقد للقضاء الوطني، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة وجنسية المتهم.
يرى المختص في القانون أنّ هذا المسار، يمكن للقضاء الجزائري من خلاله متابعة هؤلاء المجرمين أمام المحاكم الجزائرية، بشرط مصادقة الجزائر على مجمل الاتفاقيات الدولية، مع اعتمادها وإنفاذها ضمن المنظومة التشريعية الوطنية، لأنّ القاضي الجزائري ليس بإمكانه قانونا تطبيق بنود اتفاقية دولية مباشرة.
في هذا الصدد، أبرز الدكتور بأفضل أنّ معركة القضاء الدولي لمحاكمة وتجريم الاستعمار، معركة معقدة سياسيا وقانونيا وليست بالأمر الهين، خاصة وأنّ الجانب الفرنسي دائما وعند الحديث عن الجرائم الاستعمارية لفرنسا في الجزائر يعطينا قراءة لبعض بنود اتفاقية إيفيان والتي مفادها أنّ الدولة الفرنسية تكون قد تحصلت على عفو شامل لجرائمها الاستعمارية، حسب ما أفاد به محدثنا.