بـراءة اخـتراع في استخــراج مــادة «الجيـلاتين»
ضــرورة دراســة للسوق، تحـــيين القــوانين
كشف البروفيسور عبد القادر ادامو، أستاذ باحث بجامعة ورقلة شعبة طبيعة وعلوم الحياة، ونائب عميد مكلف بمناصب التدرج والبحث العلمي والعلاقات الخارجية أن البحث العلمي يبقى الحلقة المحورية في تطوير شعبة تربية الإبل وإنتاج اللحوم والألبان والمشتقات الأخرى، معرجا من خلال هذا الحوار على أهمية الاستثمار في مجال استخراج الجيلاتين والأدوية المستخرجة من الإبل، مع الحرص على إشراك المربين في كل البرامج التطويرية للشعبة.
الشعب: كيف تقيمون واقع شعبة تربية الإبل في الجزائر اليوم؟
ادامو عبد القادر: لشعبة تربية الإبل آفاقا واسعة، فالإبل حيوان خاص نظرا لانتقاله في منطقة صعبة المنال من حيث التضاريس، وهذا بفضل قدراته المورفولوجية والبيولوجية والسلوكيات الخاصة به، الأمر الذي يسمح له بإنتاج سلع وخدمات متعددة.
من بين منتجاته اللحم كعنصر أساسي فقبل اليوم كان الحليب هو المنتج الأول ولكنه لم يكن مسوقا وبقي محصورا على الاستهلاك المحلي. ولكن بعد أن أكدت الأبحاث العلمية المزايا الصحية والغذائية التي يتميز بها، أصبح هذا الحليب يباع. وحتى نظم التربية قد اختلفت وأصبح المربون يقتربون أكثر من المدن لبيع الحليب الذي يعد غذاء ودواء في آن واحد.
وبالتالي فقد انقرضت بعض الوظائف التي كان يقدمها الجمل أو هي في طريق الزوال، فلم يعد الجمل يستعمل للنقل بل أصبح هو من ينقل في الشاحنات.
ويبقى اللحم المنتوج الأساسي لهذه الشعبة لما يمتلكه من خصوصيات، بحكم أنه خال من الكوليسترول وغني بالأملاح المعدنية خاصة الصوديوم. يستعمل في الصناعات الغذائية للتمويل وسعره أقل بكثير من سعر اللحوم الأخرى.
- ما هو تقدير نسبة استهلاك لحوم الإبل اليوم في الجزائر؟
استهلاك لحوم الإبل ضئيل جدا مقارنة مع اللحوم الأخرى إذ لا تتعدى النسبة 4% لكن يستهلك بقوة في المناطق الصحراوية بنسبة تتعدى 30%. فهناك طلب كبير عليه في هذه الأرجاء. بولاية تندوف على سبيل المثال كل الجزارين يعرضون لحوم الإبل إلا جزار واحد نجد عنده أيضا لحم الخروف والعجل. هذه الثروة الحيوانية في زيادة وأيضا الطلب على لحومها وحليبها في ارتفاع، وهذا ما شجع المربي على الاستمرار فيها بالرغم من المشاكل والصعوبات.
- على ذكر المشاكل ما هي العراقيل التي تعاني منها شعبة تربية الإبل؟
يوجد هناك مشكل الجفاف، إذا طال الموسم دون نزول الأمطار سوف يؤدي ذلك إلى ندرة مساحات الرعي والماء ويجبر المربي على بيع جزء من القطيع للحفاظ على باقي القطيع. ويتعلق المشكل الثاني بالصحة فهناك أمراض يمكن للمربي الضليع بالمهنة والمالك للتجربة والخبرة أن يعالجها مثل الجرب لكن هناك عللا أخرى قد تصيب القطيع تبقى مستعصية عليه، كما أن الأطباء البيطريين ليس لديهم فكرة، لأنهم لم يدرسوا الحيوان ولا يملكون سوى معلومات عن الأبقار، يحاولون تطبيقها ميدانيا على الإبل الذي يعتبر صنفا خاصا.
- أين وصلت الأبحاث اليوم في مجال تطوير شعبة تربية الإبل؟
هناك أمور كثيرة ما زالت خفية على الباحثين في مجال تطور نمو الإبل ... لابد من التذكير أن الجلود التي ترمى بعد عملية الذبح يمكن أن تلوث الطبيعة، لقد قمنا في إطار مذكرة دكتورا باستخراج مادة «الجيلاتين» من جلود الإبل، فالمعروف أن الجيلاتين تستخرج أساسا من العظام أو من النسيج «الضام»
قمنا إذا بالتجربة وأعطتنا مردودا أعلى من الجيلاتين المستخرجة من جلود البقر، وهذا ما شجعنا على الخوض في تجربة استخراج الجيلاتين من العظام. هناك مشروع وطني لاستخراج الجيلاتين من الجلد ومن العظام.
- كيف يمكن توظيف الابل في الصناعات الصيدلانية؟
نستطيع أن نستخرج الدواء من الإبل إن خصوصيات «الجيلاتين» كثيرة فهي خصائص الاستقرار والتلطيف والتبلور، وهذا ما يجعل مجال الاستعمالات أوسع سواء في الصناعات الغذائية مثل الحلويات و»الياغورت» أو في المجال الصيدلاني على غرار صناعات الكبسولات التي تحتوي على الدواء. وقابلة للذوبان في المعدة. كما تستعمل «الجيلاتين» في مجالي الطباعة والتصوير. فالمجالات واسعة والطلب في تزايد، كون المصنعون الجزائريون يبحثون بشدة عن البديل «للجيلاتين» المستوردة.
- هل اقترب هذا المشروع من مرحلة التصنيع والتسويق؟
لقد كلل مشروع البحث لاستخراج الجيلاتين من الجلود بالنجاح وتحصلنا على براعة الاختراع والآن حصدنا النتائج الأولية لمذكرة دكتوراه جديدة حول استخراج «الجيلاتين» من العظام.
ومع دخول هاتان المادتين مجال التصنيع والتسويق يمكننا الاستغناء مستقبلا عن «الجيلاتين» المستوردة وخاصة تلك المصنعة بأوروبا والتي تأتي من عظام وجلود الخنازير بنسبة 80% مقابل 15% من جلود البقر والكل يعرف طريقة ذبح هاته الأخيرة وما تبقى من النسبة يأتي من الدجاج أو الأسماك، فهي مادة غير حلال.
- ماذا يحتاج الباحث لتطوير أكثر هذا الكنز الضائع في الطبيعة؟
نحن كباحثين ورغم المشاكل التي تصادفنا لأن تربية الجمال تختلف كثيرا عن تربية البقر فهي طليقة ولا تكون في مستثمرة مكثفة أو بمربط في حظيرة، حيت يمكن الولوج إليها لدراستها متى شئنا. الجمل حيوان يحتاج إلى تتبعه من أجل مراقبته ودراسته لذا نحتاج إلى محطة بحث نستطيع من خلالها متابعة الجمال. هناك بعض البحوث التي نقوم بها في الميدان وأخرى تجرى في المختبر، لكن نحتاج لهاته الأخيرة أن تكون الإبل في تربية مكثفة تحت تصرف الباحثين وهنا تجد صعوبة كبيرة، ليس هناك مركز بحث خاص بالإبل يقصده الباحثون وطلبة الدكتوراه.
- هل هناك تجاوب من المربين مع الباحثين؟
خلال تحرياتنا الميدانية على مستوى المناطق الصحراوية سجلنا تجاوبا كبيرا من قبل الملاك والمربين، خاصة في مجال تقنيات وطرق التربية، فلم يبخلوا بها علينا. لكن تبقى المعلومات الخاصة بتعداد القطعان وأثمانها صعبة المنال.
- كلمة أخيرة؟
أرى أنه من الضروري إشراك المربين في أي مشروع يتعلق لشعبة تربية الإبل ولا يمكن لنا أن نغفل تجربتهم القوية وخبرتهم الطويلة. لقد فشلت تجارب وأبحاث من قبل بسبب عدم مشاركتهم فيها.