يتطلع الصحفيون في الجزائر بشغف إلى قانون الإعلام الجديد وما سيتمخض عنه من إصلاحات تسد الثغرات القانونية في قانون الإعلام لسنة 2012، وتمكن أهل القطاع لاسيما العاملين بالقطاع الخاص من حقوق كاملة توازي مستوى الواجب المهني.
بين الإعلان عن الخطوط العريضة لقانون الإعلام الجديد أياما قليلة من اليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة، وحالة التخبط التي يعيشها ممارسو المهنة، خيط رفيع يتشبث به الصحفي لعلّ قانون الإعلام الجديد يأتي بالجديد، بالنظر إلى الانشغالات التي يظهرها الصحفيون في مناسبات مماثلة، لا تخرج كثيرا عن حيز بروتوكولات التكريم والإشادة بالعمل الصحفي.
من بين أهم الانشغالات التي يطرحها الصحفيين، حرمان شريحة واسعة منهم من العاملين بالقطاع الخاص من الأجور الثابتة، فضلا عن التغطية الاجتماعية لاسيما بالنسبة للمراسلين الصحفيين على المستويات المحلية، وهي حقيقة يعيها الجميع مقارنة مع العاملين في المؤسسات العمومية، وذلك إن كان يحبط معنويات المراسلين الصحفيين فإنه يحد أيضا من قدراتهم الإبداعية.
في الموضوع، قال الدكتور ابو الفضل بهلولي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة معسكر، إن الدستور اعتبر حرية التعبير حقا وكرسها ومنح الضمانات لحمايتها وكفالتها، أما قانون الإعلام هو المرحلة الثانية في الهندسة القانونية لتأطير النشاط الإعلامي، حيث أصبح من الضروري إعطاء الشروط القانونية للصحفي على أن تكون موحدة لجميع رجال الإعلام بمختلف أنواعه.
يتوقع أن يمنح قانون الإعلام الجديد صفة الصحفي بشروط صارمة، تبدأ بالالتحاق بمهنة الصحافة، من باب العمل على تطهير قطاع الإعلام من الفوضى، إلى جانب توفير الحماية القانونية للصحفي من خلال إلزام المؤسسات الإعلامية بضمان حقوق الصحفي عن طريق عقود عمل مطابقة للتشريع ونظم العمل، ما يتطلب من وزارة الإعلام إعداد بطاقة وطنية رقمية لإحصاء الصحفيين العاملين ووضعيتهم القانونية اتجاه مؤسساتهم، وتسجيلهم بقوة القانون في جهاز الضمان الاجتماعي.
ودعا الدكتور أبو الفضل بهلولي، إلى إعادة النظر في قانون الصحافة الالكترونية ودمجه مع قانون الإعلام حتى يكون الشريعة العامة للنشاط الإعلامي، فقانون الإعلام يكرس حقيقة الديمقراطية، لذا وجب ضبط المصطلحات دون إغفال عمل هيئات السمعي البصري أو الصحافة المكتوبة، ودمجها في مجلس واحد يكون له اختصاص الضبط، فضلا عن اختصاص تشريعي حتى في مجال الرقابة على عمليات التوظيف في قطاع الإعلام وردع كل مخالفات، زيادة على ضرورة ضبط حرية التعبير للحفاظ على النظام العام بكل عناصره سواء الأمن العام أو الصحة العامة أو السكينة والآداب والأخلاق خاصة أننا نعيش حروب الجيل الرابع.
وقال بهلولي أبو الفضل، إن حرية التعبير هي من الحريات الأساسية للشخص الطبيعي والمعنوي، التي نص عليها الدستور الجزائري لسنة 2020 كحق من حقوق الإنسان، وهذا مؤشر على الإرادة السياسية في مجال تكريس الحريات العامة للمواطن، وإلحاقها بآليات قانونية تحمي حرية التعبير، أهمها آلية القضاء كجهاز مستقل لضمان حرية التعبير، وفقا للمعايير والاتفاقيات الدولية، وهذا مؤشر على الحكم الراشد والديمقراطية، حيث منحت ضمانات قانونية لحرية التعبير من خلال تكريس الحق في الحصول على المعلومة وما يجلبه من منافع، منها زرع الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة إلى جانب مكافحة الفساد ومكافحة الإشاعات والأخبار الكاذبة، مشيرا إلى المكاسب التي تحققت في مجال حرية التعبير في الجزائر، على غرار حرية إنشاء الجمعيات والأحزاب التي تعتبر منابر لممارسة هذا الحق.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة معسكر، أن المعلوم والثابت هو الدور الفعال الذي تؤديه وسائل الإعلام الوطنية في تنوير الرأي العام وإثراء النقاش حول مختلف القضايا، زيادة على تبليغ انشغالات المواطنين من خلال إعلام جواري هادف، وهو أمر سيتعزز بالإفراج عن قانون الإعلام الجديد يتماشى مع الخطوات الثابتة لتأسيس قواعد الجزائر الجديدة، لا تهضم فيها حقوق الأقلام الصحفية الوطنية، شريطة أن يعي الصحفيون وأهل المهنة الفرق بين أن تمارس المهنة بعمقها الاحترافي وبين النشاط والتأثير على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم يفوت المناسبة، للحديث عن الذين يستغلون حرية التعبير لضرب استقرار أو وحدة الوطن من خلال زرع خطاب الكراهية خدمة لأجندات غربية، مشيرا أن الصحفي المحترف والمتكون أكاديميا وعمليا يعرف حدود مهمته بموضوعيته والتزامه بمعايير الخدمة الإعلامية المحترفة، مضيفا أنه لابد من إيجاد آليات قانونية لفض المنازعات في جرائم الاعلام قبل اللجوء إلى القضاء.