أبو بكر سلامي:

تحريك الاستثمار للقضاء على البطالة

حوار: خالدة بن تركي

يرى الخبير الاقتصادي أبو بكر سلامي، أنّ الجزائر كغيرها من بلدان العالم تحتفل باليوم العالمي للعمال، أو ما يطلق عليه عيد الشغل، تقديرا واعترافا بالجهود المبذولة في خدمة البلاد، وهي محطة للوقوف عند أبرز المكتسبات التي حققتها هذه الشريحة، التي تحتاج إلى الدعم وتشجيع من خلال تحسين حقوقها المهنية والاجتماعية والحفاظ على مناصب شغلها.

-  «الشعب”: نحن على موعد الاحتفال بعيد العمال، بهذه المناسبة، كيف تقيم إستراتجية الدولة في توفير مناصب الشغل ؟
 الأستاذ سلامي : الجزائر مرت بأزمة اقتصادية وصحية كانت لها آثارا كبيرة، وبالرغم من ذلك حاولت الحفاظ على الكثير من المؤسسات المهددة بالغلق وتسريح عمالها، وتمثل دعمها في الجباية وتسهيل الدفع بالتقسيط من أجل الإبقاء على هذه المؤسسات والحفاظ على مناصب شغلها، بالإضافة إلى استفادة الكثير من العمال من الإجراءات الاستثنائية التي فرضتها الجائحة، حيث تقاضى الكثير منهم الأجر وهو لا يعمل بسبب المرض، وكذا النساء الحوامل والكثير من الحالات استفادت من الإجراءات للحفاظ على مناصب الشغل وحماية حقوق العمال.
-  وهل هناك إجراءات أخرى اتخذت في هذا الشأن؟
 طبعا السلطات كانت مدركة لحجم الأزمة التي يمر بها المواطن عامة والعامل على وجه الخصوص، حيث قامت بمراجعة للضريبة على الدخل الاجمالي، رفع الحد الأدنى من الأجر والعديد من التدابير اتخذت في إطار ما يتوفر لديها من إمكانيات.
-  هل تم الحفاظ على مناصب الشغل خلال جائحة كورونا ؟
 نعم تم الحفاظ على الكثير من مناصب الشغل، إلا حالات خاصة لم تتمكن فيها المؤسسات من الحفاظ على عمالها، على غرار شركات النقل التي توقفت لأنها لم تستطع دفع أجور عمال لا يعملون ولا يقدمون أدنى الخدمات، وكالات السفر، قاعات الأفراح، والكثير من النشاطات التي توقفت لمدة سنة كاملة، وأوضح هنا أنه من غير المعقول أن تتحمل السلطات أو صاحب العمل العبء.
- تقصد أنّه بالرغم من حزمة التدابير، إلا أنّها لم تكن كافية للحفاظ على الكثير من المناصب؟
 في الجائحة عدد كبير من العمال توقفوا عن عملهم، غير أنه، في المقابل، حاولت السلطات إيجاد الحل باقتراح منح بعض النشاطات، لكنها عجزت عن إيجاد الحل لكل المؤسسات التي توقفت، شأنها شأن ما حدث في الكثير من دول العالم، وبالتالي كتقييم للوضع فإنّ بلادنا حافظت على مناصب الشغل في حدود إمكانيات المؤسسات المعنية بالغلق في فترة الأزمة الصحية، تحديدا في السنة الأولى.
- بالنظر للدور الفعال الذي يقوم به العامل في خدمة البلاد، ما هي مقترحاتك للتقليل من نسبة البطالة المرتفعة في السنوات الأخيرة ؟
 بالرغم من ارتفاع معدل البطالة في السنوات الأخيرة، إلا أننا لم نصل لمرحلة الخطر، غير أنه للتقليل من الظاهرة والتشجيع على العمل، يجب تحريك عجلة الاستثمار بإعادة النظر في قانون الاستثمار، خاصة وأنّ الوظيف العمومي لا يملك إمكانيات التوظيف بشكل مستمر ماعدا حالات خاصة، الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات جديدة في كل مرة على غرار إدماج أصحاب العقود، التوظيف في قطاع التربية وعدة قطاعات أخرى، وهي العملية التي تندرج في إطار السياسية الرامية للقضاء على البطالة وتوفير مناصب عمل.
- وهل تسمح إمكانيات الدولة باستحداث مناصب عمل جديدة باستمرار ؟
 طبعا لا، لأنّ بلادنا مازالت في أزمة مالية، عجز في الخزينة العمومية بقيمة 4 آلاف مليار دينار جزائري وهذا لا يسمح لها بتحمل كل الأعباء، يبقى السبيل الوحيد لاستحداث مناصب شغل تشجيع الاستثمار، وهنا أشير في هذا الصدد إلى قرار رئيس الجمهورية المتعلق بإعطاء الضوء الأخضر لعدد من المشاريع المتوقفة التي استطاعت أن تنشئ 52 ألف منصب عمل، لكن يبقى الحل في الاستثمار، علما أنّ الحديث عن نسبة 11بالمائة فهي بطالة غير مقنعة وغير حقيقية.
- ماذا تقصد بذلك ؟
 الرقم ليس حقيقي، لأنّ نصفه موجود في السوق الموازية، على اعتبار أنّ وجود سوق موازي يعادل السوق المنتظمة، فهذا يعني أنّ نصف البطالين يمارسون هذا النشاط، بمعنى إذا وجد مليوني شغيل في الجزائر، فهذا يعني أنّ نصف مليون موجود في السوق الموازية وغير المصرح بهم لا في النشاط الاقتصادي ولا في العملية التجارية، وبالتالي فإنّ الأرقام الحقيقية بعيدة كل البعد عما يصرح به.
- بالعودة للعامل، ما هي الآليات الصحيحة لتحسين حقوق العمال؟
 تحسين حقوق العمال مرتبط بالنهوض بالاقتصاد الوطني، لأنّ النظر في الوضع المهني والاجتماعي للعامل لا يكون أثناء الأزمة المالية، أشير هنا أنّ الدولة اتخذت العديد من الإجراءات لتحسين ظروفهم الاجتماعية والقدرة الشرائية، تتعلق برفع الحد الأدنى للخضوع للرسم على الضريبة الدخل الإجمالي إلى 30ألف دينار، مراجعة الضريبة على الدخل الإجمالي في قانون المالية 2022، حيث تم مراجعة السلم الذي استفاد منه الكثير من العمال والموظفين، تقديم منحة 10 آلاف دينار، منحة البطالة وغيرها.
- في حديثك عن الوضع المالي للبلاد هل ينعش ارتفاع سعر المواد الطاقوية الأمل في النفوس ؟
أكيد، غير أنّ هذا الارتفاع غير كاف، لأنّ بلادنا تعاني انخفاضا كبيرا في احتياطي العملة الصعبة وعجزا بقيمة 4الاف مليار دينار، النسبة تقترب من 50بالمائة من نفقات الميزانية، خاصة وأنّ النفقات تقدر بـ 9آلاف مليار دينار والعجز يقدر بـ 4آلاف دينار، وهنا يجب القضاء على العجز عن طريق المداخيل الإضافية من ارتفاع أسعار المحروقات.
- في نظرك كيف تتم حماية الحقوق المالية الضائعة لدى شريحة هامة من العمال ؟
 الحماية تتوقف على إمكانيات الدولة، وغير ذلك فإنّ العمال يتمتعون بكامل حقوقهم، ومن لديه مشاكل مهنية، فتوجد العديد من النقابات للدفاع عنهم، في حين الحكومة تعمل على تحسين الوضع الاجتماعي من خلال الرفع التدريجي للأجور وبعض الإعفاءات.
 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024