تشهد ولاية باتنة كل سنة خلال الشهر الفضيل، تبذير كميات ضخمة من المواد الغذائية بسبب الاستهلاك غير العقلاني لهذه المواد، خاصة الخبز والخضروات وحتى اللحوم وباقي المواد الغذائية الأخرى، في ظاهرة جديدة لم تألفها الولاية إلا في السنوات الأخيرة، رغم حملات التوعية والتحسيس الكبيرة التي تقوم بها مختلف الجهات وفعاليات المجتمع المدني.
يكفي أن تمر كل صباح على حاويات رمي القمامة بكل بلديات الولاية باتنة لتكتشف حجم التبذير الذي يقوم به المواطنون لمختلف المواد الغذائية، بالرغم من انخفاض القدرة الشرائية والارتفاع الكبير في أسعار كل المواد ذات الاستهلاك الواسع سواء كانت غذائية تُقتني من المحلات والأسواق أو تُنتج داخل المنزل من طرف النساء، على غرار مادة الخبز. واللافت هو أن غالبية هذه المواد التي يتم رميها في القمامة يتم الحصول عليها بشق الأنفس وبعد طوابير طويلة وصراخ وحتى على وقع الشجارات والتدافع بين المواطنين أمام المخابز.
وفي هذا الصدد، أكد الناشط الجمعوي عمار محمدي، أن كل ما يتم اقتناءه بدافع اللهفة في رمضان يتم رميه في الحاويات، حيث تجد أفراد العائلة بمجرد الإفطار يعزفون عن تناول كل تلك المأكولات التي تم تحضيرها خلال اليوم، لتكون من نصيب أكياس القمامة. والمؤسف، بحسب محمدي، هو تكرر هذا المشهد يوميا ودوريا خلال الشهر الفضيل، خاصة في ضوء ظاهرة ندرة مادة السميد والفرينة.
واستدل محدثنا بإحصائيات قدمتها المؤسسة العمومية الولائية لتسيير مراكز الردم التقني - باتنة، خلال رمضان الماضي، معالجة كميات كبيرة جدا من النفايات الوافدة إلى 3 مراكز للردم التقني و6 مفارغ عمومية مراقبة تابعة لها على غرار باتنة، بريكة وعين التوتة إلى جانب مروانة، نقاوس راس العيون، وهو رقم كبير يعكس حجم تبذير العائلات الأوراسية منذ دخول رمضان، على غرار المواد الغذائية ومخلفات الأطعمة وغيرها.
ويعرف حجم النفايات المسجلة بمراكز الردم التقني بباتنة، ارتفاعا كبيرا خلال شهر رمضان مقارنة بالأيام العادية خلال أيام السنة الأخرى، بالرغم من موجة الغلاء التي اجتاحت الأسواق ومختلف السلع واسعة الاستهلاك، حيث تضاعفت كمية النفايات بسبب الاستهلاك اليومي للمواد الغذائية وهو استهلاك، بحسب جمعيات محلية تنشط في مجال التحسيس بخطورة التبذير، على غرار جمعية بانوراما بعين التوتة، لا عقلاني يعكس غياب ثقافة ترشيد الاستهلاك، خاصة في هذه المناسبة الدينية العظيمة.
من جهة أخرى، أكدت مصادر من مديرية الردم التقني بباتنة، استرجاع أعوان المؤسسة منذ دخول الشهر الفضيل لقناطير من مادة الخبز الحيوية يتم منحها لمربي المواشي والأنعام لاستغلالها مجانا بدل إتلافها وهي المبادرة التي تلاقي استحسانا كبيرا من طرف مربي الماشية والفلاحين.
في هذا الصدد، أوضح محمدي حرص جمعيته، بالتنسيق مع مختلف الشركاء، على تنظيم حملات توعية وتحسيس، لتجنب رمي كميات كبيرة من الخبز عشوائيا على مستوى الطرق العمومية، داعيا إلى ترشيد استهلاك هذه المادة، التي غالبا ما ينتهي بها المطاف في سلة المهملات، مشيرا إلى أن إجراءات الفرز التي يقوم بها أعوان النظافة مثلا، تهدف إلى تفادي رمي أطنان من الخبز في القمامة، مؤكدا أن استهلاك هذه المواد الغذائية بكميات كبيرة يؤدي إلى إتلافها، ما يُعد مشكلة اجتماعية يجب معالجتها، كونها تتفاقم من سنة لأخرى، خاصة في شهر الصيام.
في المقابل، ووسط هذا الواقع تجد مواطنين بأمسّ الحاجة إلى هذه المواد الغذائية المرمية على قارعة الطرق وفي حاويات القمامة، حيث يقوم العشرات من الأطفال والشيوخ والمعوزين بالاستيقاظ باكرا من أجل جمع أكبر قدر ممكن من هذه المواد بغية فرزها وإعادة بيعها للموالين خاصة، مقابل مبالغ مالية بسيطة تعكس حاجتهم الماسة لها وكذا حجم التبذير الذي يقوم به المواطنون في الشهر الفضيل بالرغم من موجة الغلاء.