قال الخبير الطاقوي وأستاذ الاقتصاد بجامعة تبسة الدكتور أحمد طرطار في اتصال مع «الشعب»، حول ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، إنّ الارتفاع مرده عملية الشد والجذب بين روسيا والغرب الرأسمالي المتمثل في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، بحكم أن الحرب أدت إلى زيادة سعر النفط من 90 الى 120 دولار للبرميل، مشيرا إلى أن الارتفاع جاء نتيجة الصدام بين روسيا وأوروبا الغربية، ما أدى إلى وجود تخوف من موجة البرد الشديدة لأوروبا، مقابل نقص في الطاقة الإنتاجية والمصانع، وهو التخوف الذي أفضى إلى زيادة الأسعار.
أكّد الأستاذ التخوف من الجانبين، روسيا من إمكانية تخلي الغرب عن بترولها وغازها، في حين أوروبا، أمريكا والعالم الرأسمالي من أن تقطع روسيا إمدادات الغاز والكهرباء عليها، ما شكّل هاجسا لوحظ هذا الشهر في الأزمة التي أدت إلى تذبذب الأسعار، مشيرا إلى استقرار الأمور نحو المفاوضات والانفراج ينزل السعر نسبيا بين 110-115 دولار للبرميل، وكلما اشتدت الأزمة أكثر، يرتفع إلى حدود 120 الى 122 دولار.
وأضاف أيضا، أن الأزمة مقرونة ظروفها بالتطور الذي واكب «اوبيك بليس» منذ 2001 إلى يومنا هذا، خاصة وأن روسيا عضو ناشط فيها، وما تزال متمسكة لحد الآن بـ 4 متر برميل زيادة شهرية، مما يؤدي إلى التحكم في تدفق المنتوج البترولي إلى السوق الدولية، وعند الاستقرار يتراوح السعر بين 90 الى 120 بسبب ظروف الأزمة.
وفي رده حول استفادة الجزائر من هذا الارتفاع، قال إن الفائدة تكون من خلال الزيادة في الحجم الاحتياطي الذي يتراوح في حدود 42 مليار دولار، تنمية صندوق تعديل الواردات الذي أفرغ جراء أزمة 2014، مما أدى إلى التحكم الذي يبقى قائما، وكذا الفائض على السعر المرجعي 45 مليار، الذي يوظف في المشاريع الاستثمارية الكبرى، سواء المتوقعة بسبب الأزمة البترولية سنة 2014، وإلا حاليا في المشاريع الواعدة المتعلقة بربط السكة الحديدية بين الشمال-الجنوب وحتى تمنراست.
ويمكن أن تستفيد الجزائر من هذا الارتفاع - بحسبه - من خلال إطلاق طريق السيار الثاني على مسار الهضاب، أو من خلال إعادة توسعة طريق الوحدة الإفريقية «باعتبار أن الجزائر تطمح لتكون لها مكانة في السوق الإفريقية»، او من خلال بعث منشآت قاعدية، من شأنها أن تستفيد منها جراء الطفرة المالية الناجمة عن ارتفاع مواد الطاقة.
وبخصوص تأثير الأرباح على الدول المستوردة، قال الخبير الطاقوي، إن زيادة أسعار النفط سيكلفها الكثير، لكن هذا سينتج عنه ارتفاع المواد المصنعة مثلما حدث سنة 1986، عندما حدثت الأزمة الاقتصادية الناتجة عن ارتفاع الأسعار جراء أزمة 1973، وهذا من خلال استخدام العرب للنفط، مما يؤدي إلى ارتفاعه من نصف دولار إلى حوالي 141 دولار، ما ينعكس على أسعار المنتوجات المصنعة.
وأكّد المتحدث وفقا للمؤشرات العالمية، أن الجزائر ستعيش عاما حيويا يمكنها من إطلاق برامجها الإنمائية، خاصة ما تعلق بالقطاع الفلاحي سواء بمنطقة الهضاب أو الصحراء، أو ما تعلق بمختلف الأنشطة الأخرى الصناعية، الصناعة الميكانيكية او غيرها، بعث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا المؤسسات الناشئة التي أخذت حيزا في السوق الوطنية من أجل أن تجني ثمار الانتعاش بعد 2022.
وأردف قائلا «الجزائر ستحقق النمو الذي لم يسبق أن وصلت إليها، خاصة وأنّها تعمل على تحقيق 7 مليار دولار خارج المحروقات كتصدير، وهذا أمر إيجابي بعدما كان لا يتعدى 1.5 مليار دولار، مؤكدا أن هذه فرصة ثمينة يجب الاستفادة منها في تحقيق الانتعاش الاقتصاد.