تغطية تكلفة واردات عرفت مستويات قياسية

تخفيف حدّة عجز الموازنة العامّة أولوية

فتيحة كلواز

  وسم الخبير الاقتصادي سليمان ناصر ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية بالظرفية لارتباطها بتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، مؤكّدا أنّ الأولوية في التعامل مع هذه الزيادات هو توجيهها إلى تخفيف حدة عجز الموازنة العامة، والتي بلغت 4175 مليار دينار، أي ما يعادل 30.5 مليار دولار، في حين يوجه جزء منها لتغطية فارق أسعار المواد في السوق العالمية، داعيا إلى تسريع ديناميكية عجلة إنعاش الاقتصاد الوطني من أجل تحقيق اقتصاد منتج ومتنوع يكون بديلا لاقتصاد الريع.  
 أكّد الخبير الاقتصادي سليمان ناصر في اتصال مع «الشعب»، أن الارتفاع الذي تعرفه أسعار المحروقات في السوق الدولية ظرفي مرتبط بتداعيات العملية العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا، فقد لاحظ ارتفاعها إلى مستويات قياسية في بداية إحداثها شهر فيفري حتى بلغت عتبة 140 دولار، فيما تعرف انخفاضا في الفترة الحالية مقارنة مع ما كانت عليه في الأسابيع الماضية، حيث وصلت إلى  106 دولار للبرميل الواحد.
ولاحظ الخبير أنّ اتسام الارتفاع بالظرفية جعل المختصين في بداية الحرب يصرّون على ضرورة التعامل بواقعية مع ما تعرفه أسعار النفط من ارتفاع، حيث كسرت حاجز 100 دولار في 24 فيفري الماضي لأول مرة منذ سنوات طويلة، داعيا في نفس الوقت إلى الواقعية والموضوعية ليس من باب التشاؤم بل لأسباب اقتصادية بحتة، حيث كشف ناصر أن الزيادات في سعر البترول ستوجه أولا وبالنظر الى أهميتها لتغطية عجز الموازنة، فقد سجلت الجزائر في 2022 عجز الموازنة كبيرا جدا يساوي 4175 مليار دينار، أي ما يعادل أكثر من 30.5 مليار دولار، حسب سعر الدينار الصادر في قانون المالية بداية العام، فقيمة الدينار انخفضت في سوق العملة مقارنة بتلك الفترة.
لذلك فإن كان حجم العجز كبير سيوجه أي ارتفاع في سعر المحروقات للتخفيف من حدته، عوض اللجوء إلى الحلول المضرة كطبع النقود التقليدي، او الاستدانة الخارجية ونحن يعلم أن رئيس الجمهورية أكد مرارا وتكرارا استبعاد الجزائر هذا الحل من قائمة خياراتها، وعليه سيكون تخفيف حدة عجز الموازنة العامة أول إجراء يمكن ان توجه إليه الزيادة في أسعار النفط.
أما الإجراء الثاني - حسبه - فمرتبط بارتفاع كل المواد في السوق العالمية سواء كانت غذائية، أو مواد أولية أو مصنعة حيث وصل سعر بعضها إلى الضعف أو ثلاث أضعاف أو أكثر يضاف إليها تضاعف تكاليف الشحن عدة مرات منذ بداية الجائحة العالمية وصولا إلى الأزمة الأوكرانية، ما ينعكس سلبا على واردات الجزائر التي أصبحت أغلى، وبالتالي ستوجه الزيادة في أسعار النفط لتغطية فارق الأسعار في السوق العالمية للمواد الغذائية، أي وكما يقال «ما نربحه باليمين نصرفه باليسار».
في المقابل، لاحظ ناصر أن هذه الزيادة ظرفية عرفت ارتفاعا شهري فيفري ومارس، بينما السعر المعتمد هو المعدل السنوي، فمثلا المعدل السنوي لسعر النفط سنة 2020 كان 60 دولارا، لذلك تعتمد الدولة المعدل السنوي لان الارتفاع ظرفي غير مستقر لا يمكن توقع إلى متى تستمر هذه الزيادة، فوصول طرفي الأزمة الأوكرانية إلى اتفاق والجلوس على طاولة الحوار سينهي اضطراب السوق العالمية.
وحسب ما تقدّم لن تؤثر هذه الزيادات، ولا يجب التعويل عليها الا في حالة استمرار النزاع إلى مدة طويلة تتجاوز الشهور، فهناك يوجد مبرر قوي لطرح سؤال «ماذا نفعل بالفائض؟».
سعر الغاز..تفاضلي
 أما فيما يتعلق بالغاز، أكّد الخبير الاقتصادي سليمان ناصر عدم التعويل عليه حتى وإن عرفت أسعاره ارتفاعا كبيرا بالنظر إلى أن الجزائر تبيع البترول في الأسواق الحرة، وبالتالي يخضع للعرض والطلب ما يعني أنه يتأثر بالأسعار صعودا أو هبوطا.
أما بالنسبة للغاز، فجل الغاز الجزائري لا يباع في السوق الحرة بل معظمه يباع بعقود طويلة الأجل عن طريق أنبوبين الأول يربط بين الجزائر وبإيطاليا والثاني يربطها بإسبانيا، أي أن سعر الغاز تفاضلي لا يتميز بالمرونة التي تسمح له التغير حسب سعر السوق.
وهذا ما صرّح به المدير العام لشركة «سوناطراك» توفيق حكار، الذي أكّد أنّ معظم الغاز الجزائري يباع بعقود طويلة الآجال، والقليل منه فقط يباع في السوق الحرة، لذلك وبالنظر إلى هذه المعطيات لن يكون لارتفاع أسعار الغاز في السوق العالمية أثر كبير من حيث المداخيل.
ويرى ناصر أنّ الحل الأول والوحيد للخروج من التبعية للمحروقات، والبقاء رهن تقلبات أسعارها في السوق العالمية هو التوجه الى اقتصاد منتج ومتنوع بديل الاقتصاد الريعي.
يذكر في ذات السياق، أن الجزائر وضعت مخطط إنعاش اقتصادي منذ سنيتن من أجل تحقيق قفزة نوعية في مختلف القطاعات، خاصة الصناعة بإطلاق مشاريع للصناعة التحويلية والبتروكيميائية والطاقات المتجددة والفلاحة، بل والتعويل عليهما لتحقيق عائدات خارج المحروقات من خلال مواصلة برنامج الإصلاحات الهيكلية في القطاع المالي والبنوك، وكذا احتواء الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024