الدكتور خذري توفيق من جامعة باتنة 01:

ضمـان استدامـــــة دعــم الجبهـة الاجتماعيـة

باتنة: حمزة لموشي

 تلعب سوق المحروقات أهمية كبيرة في تطوير اقتصاديات الدول التي تمتلك مخزونات من هذه الطاقة الحيوية، وتُساهم انتعاش أسعارها حسب ما أفاد به الدكتور توفيق خذري أستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة باتنة 01، في تصريح لـ «الشعب»، في توفير العملة الصعبة بالنسبة للجزائر، خاصة وأن اقتصادها مرتبط بشكل كبير بقطاع المحروقات.
 أكد الدكتور خذري في تحليله لأهمية انتعاش أسعار المحروقات وتأثيرها على تطوير الاقتصاد الوطني، أن أي زيادة في أسعارها يُساهم في تغطية عجز الميزانية وتدعيم صندوق ضبط الإيرادات، وكذا توفير نسب عالية من العملة الصعبة، فالحديث عن الإيرادات القياسية المحققة فعلا حسب خذري مرتبط بعاملين أساسيين، الأول يُحدده حجم ونوعية الاستيراد التي اتخذت الحكومة في صدده مجموعة من الضوابط والإجراءات قصد تقليصه لصالح المنتوج الوطني، أما الثاني فمتعلق بكفاءة إنفاق هذه الفوائض.
وأشار خذري إلى محاولات الحكومات المتعاقبة الرفع من قيمة الصادرات خارج المحروقات، وما لها من أهمية في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، مُؤكدا أن التقلبات في أسعار المحروقات سواء تعلق الأمر بالأحداث الجيوسياسية والحرب الروسية الأوكرانية أو ما سبقها من أزمات برهنت على أهمية هذه السوق وحساسيتها بالنسبة للاقتصاد العالمي عامة والوطني خاصة، فرغم مُحاولات التخلي عن الوقود الأحفوري لصالح الطاقات المتجددة أو غير التقليدية أو حتى استعمال المخزونات الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية مثلا كوسيلة ضغط على العرض، إلا أن الواقع أثبت أنه من الصعب بمكان التحكم في الأسعار، وضمان إمداد الأسواق بأسعار غير عادلة بالنسبة للدول المنتجة والمصدرة - والجزائر واحدة منها - أو حتى استبعاد أي عرض من المعادلة الدولية.
كما تُساهم أسعار المحروقات المرتفعة في الآونة الأخيرة حسب محدثنا في تحقيق إيراد آني سيُؤدي إلى إمكانية الانفاق الفوري، حيث أصبحت الدولة أكثر حذرا في هذا الموضوع بدليل تأكيدها على أن الاستدانة خط أحمر، ويُعتبر انتحارا سياسيا وأي توسع غير مدروس للإنفاق هو مدخل من مداخل الاستدانة الخارجية، ولا بد من الابقاء على مستويات مقبولة من احتياط العملة الصعبة، أما التحدي الحقيقي فهو إعادة ترتيب البيت الداخلي ليكون أكثر مقاومة للصدمات الاقتصادية، أما فيما يخص رفع التجميد على بعض، وليس كل المشاريع الكبرى فسيكون من خلال تحديد الأولويات.
وأشار خذري في حديثه إلى إمكانية رفع التجميد عن بعض المشاريع الكبرى نتيجة الارتفاع المحسوس في أسعار المحروقات، وبالتالي زيادة الإنفاق الحكومي الذي بدوره سيرفع من الناتج الوطني على الأقل في الأجل القصير إلى المتوسط في ظل الانكماش الحالي، مع ضرورة دعم الإنتاج الوطني للخروج من دوامة عدم قدرة الاقتصاد الوطني الجزائري على تشغيل الأموال الجديدة التي ضخت في السوق، وبالتالي الرجوع الى التأثيرات التضخمية للظاهرة مثل ما حدث سابقا خلال حقبة اقتصاد البازار.
كما اعتبر خذري أن هذه الارتفاعات القياسية في أسعار المحروقات ستضمن استدامة دعم الجبهة الاجتماعية التي كانت ولا تزال من أولويات رؤية الدولة، الا أن تطبيق سياسات الدعم تتطلب في المقابل إعادة النظر في آليات تطبيقها لتصبح أكثر حداثة لتصل لمستحقيها بشكل مباشر رغم الخطوات الحثيثة من تحويل الإعانات العينية الى اعانات نقدية مباشرة سواء تعلق الأمر بمنح التمدرس أو المنح الرمضانية أو منح البطالة أو من خلال الزيادات في الأجور متمثلة في إعادة النظر في السلم الضريبي أو الزيادة في عدد النقاط الاستدلالية المرتقبة، لمواجهة موجة الغلاء، في انتظار إيجاد حلول ناجعة لدعم المواد الأساسية في ظل قصور المنظومة الحالية، والتي تمثل المعضلة الأكبر في الوقت الحالي مع معضلة التشغيل والاستثمار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024