يحتاج انجاز مدينة بوغزول الى دراسات معمقة ترتكز على البعد الاقتصادي، على ان تكون معمقة قبل الشروع في تهيئة البنية التحتية، مع مراعاة خصوصية المنطقة بما فيها الثقافة المحلية، هذه من بين المعطيات التي يجب معرفتها لإقامة مدينة مستقبلية مركزية، بحسب ما تراه حسينة حماش الخبيرة في الهندسة المعمارية (تخصص ميكانيك التربة).
تعتبر البنية التحتية أهم ما ترتكز عليه المدينة، إذ لابد ان تتوفر هذه الأخيرة على كل المرافق الضرورية، التي تجعل الاطار المعيشي للمواطن مريح، لا بد ان تكون مدينة حية، يجد فيها كل متطلبات الحياة، وبما ان بعدها اقتصادي، فلا بد من التركيز على جاذبية المكان، وما يمكن ان يفيد ساكنيها والمدن التي توصل الإشعاع الاقتصادي الذي ينطلق منها ليصل الى المدن الأخرى شمالا وجنوبا وحتى الدول الإفريقية، وبحسب الخبيرة حماش، فإن خصوصية المدينة سيغلب عليها الطابع الفلاحي، الذي يمكن ان تتطور بجانبه صناعات كالتحويل وغيرها.
الاقتصاد يجلب الإنسان إلى المكان
تركز المتحدثة في هذا الاطار على أهمية البحث عن استراتيجية اقتصادية، لأن الاقتصاد هو الذي يجلب الانسان الى المكان، من خلال ما ستوفره المشاريع الاستثمارية التي ستقام هناك من فرص عمل، وعيش كريم للسكان، ويمكن بحسبها استنباط فكرة بناء المدن من هذا النوع في القديم، قالت إن أول شيء يقام هو السوق، وهو المكان الذي يجلب الجميع للقدوم إليه والالتقاء فيه.
وفي السياق، تقول حماش، إننا نحتاج الى دراسة توبوغرافية سوسيولوجية واعطاء أهمية خاصة الى التاريخ الجيولوجي، كما يجب البحث عن المخاطر التي يمكن ان تقع فيها مستقبلا، لأنه يساعد في كيفية البناء، والإجابة عن السؤال: «هل الهندسة المعمارية مناسبة وتتماشى مع الثقافة المحلية؟» .
كما يجب ان تتسبب المدينة المراد انجازها في مشاكل اقتصادية واجتماعية، ولذلك لا بد ان تكون الدراسة على مدى 100 عام القادمة، كما هو معمول به في الدول المتقدمة، التي انجزت مدنا ذات خصوصيات معينة سياسية، إقتصادية، سياحية .. والتي ما تزال قائمة منذ قرون، مبرزة ان الدراسات كلما كانت معمقة، كلما تساهم في التقليص من تبذير المال العام في مرحلة الانجاز.
كما تركز الخبيرة حماش على أهمية الجامعة التي ستبنى ببوغزول، على ان تكون جامعة ذات تكوينات اقتصادية، وان يكون في هذه المدينة المستقبلية مخابر بحث في التخصصات ذات الصلة، موضحة ان الطابع الفلاحي الذي تتميز به يحتاج لانجاز مخبر لتطوير جينات النباتات الفلاحية، ومخابر للصناعات الغذائية التي ستنشئ في محيط مدينة بوغزول، مشيرة الى الموقع الاستراتيجي لهذه الاخيرة الذي يربط شمال البلاد بجنوبها.
يذكر ان مشروع مدينة بوغزول يقع في اقليم بين ولايتي المدية والجلفة، جنوبي الجزائر العاصمة، على امتداد ولاية المدية التاريخية، وقد سجل هذا المشروع، منذ الثمانينات من القرن الماضي، لكنه لم يتحرك وبقي يراوح مكانه.
نظرا للأهمية الاقتصادية لهذه المدينة الاقتصادية، شرعت الحكومة منذ مطلع العام الجاري في العمل على إعادة بعث مشروع بوغزول، من خلال إعادة النظر في وظيفة وكيفيات إنجاز المدينة، وفق لمسة تنموية حضارية، لأن بوغزول من بين أضخم المدن المستقبلية التي ستنجز في الجزائر، حيث سيتم إدماج نشاطات اقتصادية وصناعية وبنى تحتية جديدة بما يسمح بتحسين نوعية البيئة والإطار المعيشي للسكان وجاذبية المدينة.