مع غياب الثقة في التسـوق الافتراضـي

مراجعة القانون المنظم للنشـاط ضـرورة

فتيحة كلواز

 عـدم التكيـف الجبائي يفقـد الخزينـة إيـرادات معتــــبرة

 الاقتصـاد محـروم من القيمة المضافة للتسوق الرقمـي

بالرغم من وجود معوقات كبيرة أمام رواجها، إلا أن التجارة الالكترونية استطاعت البروز وفرض نفسها كخيار يسمح بتوفير الجهد والمال والوقت، أعطت مفهوما جديدا للتجارة وتبادلاتها، فأصبح الزبون بإمكانه اختيار وشراء السلع عن بعد، وساهمت في استحداث مناصب شغل. لكن في المقابل تحتاج إلى تحيين ومراجعة الإطار القانوني لتنظيمها وإبعادها عن التحايل والخداع الالكتروني.
 
حتى نتعرف على مدى إقبال المواطنين على الشراء عبر الانترنيت سألت «الشعب» محمد صاحب محل لبيع الهواتف النقالة عن موقفه اتجاه هذا النوع من التجارة الافتراضية، حيث أجاب قائلا: «لا يمكن الجزم بتطور التجارة الالكترونية في الجزائر فأغلب التجار يستعملونها للإشهار لمحلاتهم وسلعتهم خاصة في المواسم والأعياد، لكن في المقابل أغلب الجزائريين لا يثقون في هذا النوع من التجارة، لأنهم يتوجسون من شراء سلعة ليست مطابقة لتلك التي رأوها في الإشهار، ففي كثير من الأحيان تكون السلعة غير مطابقة ما يجعلهم أمام معضلة حقيقية، ففي بعض الأحيان يعجزون حتى عن استبدالها، لذلك تسير التجارة الالكترونية ببطء في الجزائر رغم تناميها منذ سنتين.»

الثقة ..الكلمة المفتاح

«يعتبر غياب ضمان حقيقي للسلع المروّج لها عبر المواقع أهم المعوقات المرتبطة بالتجارة الالكترونية في الجزائر، لأنها الكلمة المفتاح لرواج هذا النوع من الاقتصاد الرقمي»، هكذا برر جمال حدو طالب جامعي عدم استقطاب التجارة الالكترونية للاهتمام المواطن الجزائري.
 وأضاف قائلا: «أتساءل في بعض الأحيان كيف نتحدث عن تجارة إلكترونية ونحن نعاني بسبب الخدمات السيئة للأنترنيت، لأنه أحد أهم ركائز هذا النوع من التجارة وبدونه لا يمكن تجاوز صعوبة التعامل مع المواقع الالكترونية التجارية، فغياب البنية التحتية يصعب من مهمة مريديها لغياب الثقة فيها لأن معاملاتها بعيدة عن الكفاءة والفعالية.»
«ولعلّ مقارنة بسيطة بين الجزائر وبعض الدول العربية التي تعرف رواجا كبيرا للتجارة الالكترونية كدول الخليج ومصر نجدها في هذه الدول خطت خطوات مهمة بل وبلغت نسبة انتشار عالية فيها بينما في الجزائر ما تزال في مراحلها الأولى، بالرغم من أن الرقمنة أصبحت متطلبا تنمويا لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني.
 لذلك كان من الضروري بما كان زيادة الإنفاق على أنشطة البحث والتطوير، لأن الدخول في اقتصاد رقمي لبناء تجارة إلكترونية يتطلب النظرة إلى قطاع البحث على أنه قطاع يحقق قيمة مضافة في تطوير تكنولوجيا الإعلام والاتصال، مع إيجاد التنظيم القانوني والتشريعي اللازم للتكيف الجبائي مع التجارة الالكترونية، وإلا ستواجه الدولة خطرا أكبر بفقدان إيرادات ضريبية إضافية.»
أما كاميليا دساسي، فقالت عن تجربتها مع الشراء عبر الانترنيت: «منذ سنة تقريبا اشتريت فستانا أعجبني عبر الانترنيت بعد ان شدني الإشهار في صفحة الفايسبوك خاصتي، لكن الفستان الذي وجدته بعد طلبه من الموقع لا يشبه الذي أعجبني ما أوقعني في ورطة حقيقية انتهت بتهديد المتعامل بنشر كذبه وخداعه ما يجعله يغيره بسلعة أخرى ذات جودة، لست الوحيدة التي وقعت ضحية تحايل إلكتروني بعرض سلع لا تمت بصلة للسلع الحقيقية، لذلك أفضل الذهاب إلى المحل لشرائها حتى لا أقع في الفخ مرة أخرى.»

سواهلية: تجارة المستقبل

أكد الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية، أن التجارة الالكترونية رهان المستقبل من خلال إنشاء سوق إلكترونية للمبادلات التجارية تسمح بعلاقة رقمية بين المتعامل والزبون، هي تحد حقيقي برز بقوة في السنتين الأخيرتين بسبب لجوء المواطن إلى التسوق الالكتروني كحل استعجالي لتجاوز ما فرضته جائحة كورونا من قيود وتدابير احترازية.
وبالرغم من ذلك لم تستطع الجزائر بلوغ ما وصلته بعض الدول الرائدة في هذا المجال، لوجود معوقات كثيرة تعتبر البنية التحتية وصعوبة ورفع تكاليف النطاق «. Dz « أهمها.
وفي اتصال مع «الشعب»، أكد الخبير الاقتصادي تسارع التسويق الالكتروني في السنتين الأخيرتين حيث أصبح الملاذ الآمن، الأهم والسهل للجزائريين لأسباب صحية وتقنية، أما الأول فمرتبط بانتشار جائحة كورونا وإعاقة التدابير الاحترازية المتخذة تسوق الأسر بصفة عادية، خاصة فيما تعلق بتوقيت الحجر المنزلي ومنع الأطفال دخول المحلات، ما جعلها تحوِّل اهتمام طرفي معادلة التسوق سواء زبون أو متعامل اقتصادي، بل حتى الشركات أصبحت تعتمد كثيرا على التسويق الالكتروني سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو اليوتيوب أو المواقع الإلكترونية.
وأما الثاني أو السبب التقني فراجع إلى تسارع استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال وظهور شبكات انترنيت قادرة على الربط بين المتعامل والمواطنين في العالم، ما أدى إلى تغيير نمط وذهنيات التجارة والتبادل التجاري ليبرز التسويق الالكتروني أو التجارة الإلكترونية كنوع جديد من التجارة والتسويق تتم بوسائل رقمية عن بعد.
 وعرف هذا النوع من التجارة نموا سريعا لسهولة استعمالها حيث ساهم خفض تكاليف الانترنيت وكذا توسع الأسواق فعوض التنقل، يكفي هاتف نقال فقط للتسوق عبر عدة محلات ما يوفر الجهد والوقت، وكذا المعلومات اللازمة عن كل سلعة، بالإضافة إلى حرية الوصول لاختيار السلع ومقارنة الأسعار فيما بينها بسهولة تامة.
 كما يمكن فيما بعد حتى إذا أتممنا العملية الالكترونية الاستغناء عن التعامل بالنقد وغيرها من الإجراءات كالفاتورة الالكترونية، وبالتالي تتم العملية بطريقة إلكترونية ما يسهل العملية سواء كانوا متعاملين أو زبائن.
أما من الناحية القانونية، قال المختص إنها تجارة شرعية وفقا لاعتمادها بمختلف القواعد العامة المشرعة في الجزائر والمتعلقة بتجارة السلع والخدمات، وتقنين الشروط والضوابط التي يحكمها القانون 18/ 05 المؤرخ في 10 ماي 2018 أو ما يسمى بالتجارة الالكترونية حيث يضع شروط وضوابط تؤطر هذه المعاملات، وما تخضع له من حقوق وواجبات لكلا الطرفين.
 فهي بحسبه معاملة تجارية تتم أولا عن طريق عرض إلكتروني لمختلف السلع والخدمات، توثق بعدها بعقد إلكتروني، يتم إرساله للمستهلك يضم جميع المعلومات عن الطرفين وعن خصائص السلعة، بعد الموافقة يصبح المورد مسؤولا أمام القانون عن وصول السلعة في الآجال المحددة، لتنتقل المسؤولية القانونية بعدها إلى الزبون أو المستهلك من أجل دفع الحقوق المستحقة مقابل فاتورة، وفق شروط مادية.
وتتمثل الشروط أساسا في امتلاك سجل تجاري وامتلاك الموقع الالكتروني للنطاق «دي زاد»، وإنشاء بطاقية للتجار، بالإضافة إلى بعض الممنوعات المتعلقة بالمواد المسوقة إلكترونيا نظرا لحساسيتها وطبيعة المجتمع كالقمار، الرهان، المشروبات الكحولية، منتجات صيدلانية، حقوق الملكية الفكرية، والمنتجات الحساسة أمنيا.
في ذات السياق، يرى سواهلية أن تقبل المتعامل والزبائن لهذه العملية أصبح من الضرورة بما كان، حيث يلج كل المتعاملين الاقتصاديين إلى مختلف المواقع الالكترونية للوصول إلى أكبر مساحة محددة من الزبائن، صحيح أنها سوق افتراضية تعتمد استعمال الانترنيت، لكنها تعمل سريعا وأقل تكلفة تملك خاصية توسع السوق للترويج للمتعاملين في كل الأوقات.
واعتبر أنها فرصة الخيار الأمثل لترويج السلع والوصول إلى العملاء بدقة وبعناية، بل هي أهم ميزة أساسية للمتعاملين، وهو ما يجعل من تخصيص الفئات في اختيار الجمهور ومعرفة العملاء ذو أهمية إستراتيجية.
ولاحظ الخبير ان انتشار استعمال الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي كـ «الفايسبوك» ومحركات البحث «قوقل» و»يوتيوب»، إنستغرام، تويتر، سيوسع من رقعة التجارة الالكترونية في الجزائر، فالتسويق سواء كان بالمحتوى أو بالعمولة في شكل منتجات، منشورات، فيديو، صور، تصاميم، بريد إلكتروني.
 كلها مهمة بالنسبة لأدوات الاتصال والتسويق الالكتروني بين المتعاملين والمستهلكين أو الزبائن من أجل تلبية رغبة مستهلك ما ومحاولة إيجاد كل وسائل الإقناع بتلك السلعة أو الخدمة، من أجل تنشيط واكتشاف رغبات المستهلك لإشباع حاجاتهم، فهو اتصال بين الطرفين لتوريد منتوج مسوق من خلال بائع أو مستهلك وباستعمال كل تلك العمليات تنتقل فيها السلعة من طرف الى آخر، بالإضافة الى إجراءات التسويق سواء كانت بالعمولة، بالتأثير هي كلها إجراءات تسويقية موجودة في علم التسويق وفنونه لتسهيل هذه العملية.

البنية التحتية أهم المعوّقات

يرى المتحدث وجود قيود بالنسبة للتجارة الالكترونية في بعض جزئياتها وبعض مراحلها بالنسبة للجميع، فالإشكالية الحقيقية هي البنية التحتية للاتصالات وضعفها واستعمال التكنولوجيات الحديثة التي مازالت عند البعض ضئيلة وضعيفة فهم لا يستعملون التكنولوجيا الحديثة كالحوسبة والبرمجيات والتطبيقيات وغيرها، الى جانب إشكالية الرواج وصعوبة ورفع تكاليف النطاق «. Dz «، لكن قد تتجاوز الحكومة هذه الإجراءات.
 بالإضافة الى صعوبة تعامل الجزائريين بالنقد حيث تمثل أحد أهم الإشكاليات الموجودة، بسبب عدم اعتماد الدفع الالكتروني بصفة كلية، ما جعل تحويل الأموال إلكترونيا صعبا، الى جانب عدم رواج التعامل الالكتروني في الجزائر على غير ما هو موجود في دول أخرى، وأيضا الخوف من الوثائق الالكترونية، مؤكدا ان الوقت كفيل بالتحول الى تعاملات إلكترونية بحتة في الجزائر لما له من إيجابيات، مع بقاء التجارة التقليدية كطريقة فرعية لها.
وتعتبر التجارة الالكترونية شكلا سهلا للمبادلات التجارية فهي عرض أو ترويج، قبول وعقد وتنفيذ وتسليم وفاتورة ودفع، توفر الوقت وتغني عن التنقل لكونها إجراءات تتم عن بعد، خفض التكاليف والجهد، توسع الأسواق وتوفر المعلومة، وحرية واسعة للوصول الى السلع والخدمات، ومقارنة الأسعار والاستغناء عن التعامل بالسيولة، كل ذلك يستدعي اصلاح ومراجعة الإطار القانوني من أجل نجاعة وفعالية أكبر للتسويق والدفع الالكتروني. 
أولى المواقع في الجزائر:
- موقع واد كنيس 2006 بيع وشراء مختلف المنتجات من السيارات إلى أبسط منتج.
- موقع قيديني 2009 مستلزمات التجمل وعتاد الإعلام الآلي الأجهزة الكهرومنزلية.
- موقع «نشري في النات» 2010 منتجات من مواد التجميل ومعدات الطبخ الكتب، لعب الأطفال.
 - موقع اشريلي 2012 بيع المنتجات الغذائية ومواد التنظيف ومستلزمات التجميل.
 - موقع « دي زاد بوم» 2015 كل مستلزمات النساء من فساتين وحقائب ومجوهرات ومستحضرات التجميل.
موقع «جوميا» 2016 مواد التجميل والتنظيف الهواتف، أجهزة الإعلام الآلي، توصيل الوجبات وخدمة الحجز في الفنادق.
 - تطبيق وصلني 2017 طلب سيارة أجرة بسائق في العاصمة، خدمة 24/24 ساعة هو تطبيق 100 % جزائري.
- تطبيق 365 «ريستو» 2017 حجز طاولات في مختلف المطاعم تقديم خدمات الحجز في مطاعم العاصمة.
- تطبيق «باريدي موب» 2018 تحويل الأموال بدون بطاقة ذهبية ودون عناء التنقل إلى البريد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024