حذروا من تلوّث المياه الجوفية بتمنراست:

خــبراء يوصون بأنمـوذج رقمي لضبط الموارد المـائية

تمنراست: محمد الصالح بن حود

تشتهر منطقة الهقار بالأمطار الموسمية والتي تعتبر المصدر الأول لمياه الشرب، إذا ما استثنينا عاصمة الولاية التي تعتمد بشكل كبير على مياه مشروع القرن، حيث أن كمية الامطار المتساقطة هي التي تحدد كمية المخزون المائي الجوفي المتواجد، ونظرا لشح تساقط الامطار في الآونة الأخيرة، وظهور عدة أسباب يبقى المتسبب الرئيسي فيها هو العامل البشري، فإن احتياج المنطقة للماء أصبح ضروري جدا.

كشف مهندس بالوكالة الوطنية للموارد المائية محمد بن مالك، أن منطقة الاهقار تشهد انخفاضا ملحوظا لمنسوب المياه على مستوى نقاط رفع الماء، وهو ما دفع بالوكالة الوطنية للموارد المائية، إلى البحث عن سبل و طرق مثلى للحد من الاستغلال السيء للمياه، ومنه الحفاظ على الثروة المائية الجوفية للمنطقة بالرغم من قلتها.
فحسب الأرقام والإحصائيات المعدة من طرف مديرية الموارد المائية للولاية لسنة 2020، فإن الإحتياج اليومي للمواطن مقدر بـ 150 لتر يوميا كمتوسط لسكان الولاية، في حين تم تسجيل عجز مائي بكل من بلديات (أبلسة، إدلس، تازروك)، يحدث هذا في إنتظار ربطها بمشروع القرن خلال السنوات القادمة، بمطلب من سكانها.
التحكم والحد من الإسراف
هذا الوضع، يضيف محمد بن مالك، دفع مهندسي الوكالة الوطنية إلى التفكير في بعض الحلول التي من شأنها المساهمة في الحد من الاستغلال المسرف للمياه بطرق غير عقلانية، وفي التحكم في كمية المياه المتواجدة في المنطقة، في خطوة منهم  لضمان مخزون مائي للسنوات القادمة، وهذا لا يمكن، بحسبه، بدون وضع إستراتجية مدروسة لاستغلال المياه سواء المتعلقة بالفلاحة أو للتزود بمياه الشرب، فلا بد من ضبط المساحات المزروعة وفرض نظام سقي اقتصادي.
وأما الجانب المتعلق بالتزوّد بمياه الشرب فلا بد من محاربة الصهاريج المتنقلة والمؤثرة سلبا على نشاط الفلاحين، والمستنزفة للمياه، بحيث ان جلّ الصهاريج تعمل في إطار غير قانوني طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 08-195 المؤرخ في 3 رجب عام 1429 الموافق 6 يوليو سنة 2008، وكذلك الآبار التي تقوم برفع المياه منها غير مرخصة ولم تخضع للتحاليل.
وفي نفس السياق، طالب المتحدث بضرورة التطبيق الصارم للقوانين و المراسيم التي تنص على عدم البناء في الوديان أو في حوافها، مع ضرورة حفر نقاط ماء جديدة في منطقة عين صالح وربطها بشبكة الماء القادم إلى تمنراست من أجل زيادة ودعم الكمية المتوفرة لدينا، ومنه ربط المناطق التي تسجل عجز منذ 3سنوات على غرار ( أبسلة وتاظروك وادلس) بمشروع القرن، مع منع أي نشاط فلاحي في المناطق الموجهة للشرب.
في هذا الشأن، دعا محمد بن مالك إلى ضرورة تسوية المناطق الفلاحية و  الآبار المحفورة بدون رخصة على مستوى ولاية تمنراست، حيث لاحظنا لكل فلاح بئر أو أكثر، فلو حبذا تشارك الفلاحين في بئر واحد، خاصة إذا كانت لديهم مساحة أقل من هكتارين، مع الأخذ بطبيعة المنتجات الفلاحية  كما ونوعا، وكذا محاربة الآبار العشوائية لبعض المواطنين المستغلين لاحتياط المياه الجوفية للبيع ونخص بالذكر منطقة تزالايين، تلاتنشويخ، تيلمزي، وازرزي.
تحذير من التلوث
طالب المتحدث في سياق آخر، من الجهات الوصية ضرورة أخذ رأي الوكالة الوطنية للموارد المائية في تحديد المناطق الصناعية النشطة و التي تتطلب حفر مناقب من أجل تحديد مساحات خاصة ومحمية والتي لا تتداخل مع النشاط الفلاحي، وتسجيل دراسات تدرس إمكانية توجيه الشعاب المتجهة نحو الأودية، وذلك من أجل الاستفادة منها في تغذية الطبقات الجوفية، والتقليل من تكاليف معالجتها عبر محطة التصفية.
في هذا الشأن، حذر محمد بن مالك من مخلفات شبكة الصرف الصحي التي تستخرج من محطة معالجة المياه المستعملة، والتي يتم صبها في الوادي لذا يستلزم وضع دراسة مخصصة من أجل صبّ هاته الأخيرة في مناطق بعيدة عن أي نشاط بشري أو فلاحي وتكون في نفس اتجاه جريان الواد من أجل التقليل من تلوث المياه الباطنية، مع تثبيت جهاز التدفق على مستوى محطة التصفية، من أجل معرفة حجم المياه المصفاة ونوعيتها، الأمر الذي يجعلنا نفكر في استغلال مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة، وكذا التقليل من استعمال المياه العذبة في مختلف المجالات ونخص بالذكر ورشات غسل السيارات والبناء.
وأوصى في هذا الصدد، بضرورة  تفعيل الأطروحات الأكاديمية ونذكر على سبيل المثال النتائج التي تم الوصول إليها في مذكرة تخرج ماستر بجامعة تمنراست، والتي اقترحت إضافة محطة تصفية بالرمل للحد من خطر المياه المصفاة بمحطة الصرف الصحي وكانت النتائج جد مرضية.
وأكد المتحدث ضرورة وضع ممهلات للحد من سرعة مياه الوادي المتدفقة، وذلك لنرفع من كمية ماء السد الباطني، حيث تحصي المنطقة 8 سدود موزعة على تراب الولاية، مع المحاربة الكلية لنهب رمال الوديان وتنظيف مجاري من القمامات والمخلفات، حفاظا على عدم تلوّث المياه أو انتشار الأمراض المتنقلة.
وشدد محمد بن مالك في حديثه على ضرورة تدعيم قاعدة بيانات مع مختلف المؤسسات الفاعلة في ميدان تسيير المياه، وذلك لغرض وضع نموذج رقمي محاكي يهدف إلى تحديد وضبط التحكم في وفرة الموارد المائية في الحاضر والمستقبل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024