رئيس جمعية «أمان» لحماية المستهلك، حسـان منور:

«اللّهفة» تغذّي الندرة والاحتكار يعمّم الفـوضى

فتيحة كلواز

 ضبط السّوق يبدأ بوضع خارطة إنتاج فلاحية

 حمّل رئيس جمعية «أمان» لحماية المستهلك مسؤولية الفوضى التي تعرفها السوق الوطنية للمسؤولين والمواطنين على حد سواء، المسؤولون للجوئهم الدائم للحلول السهلة في كل مرة تظهر فيها أزمة ندرة أو مضاربة في السوق عوض الاتجاه مباشرة إلى ضبطه بالمراقبة، وتطبيق القوانين بكل صرامة، والمواطن بالنظر لسلوكه الاستهلاكي البعيد عن التضامن والتحضر، فعوض ترشيده يخزّن المواد الغذائية ما يساهم بشكل كبير في افتعال أزمة.

 اعتبر رئيس جمعية «أمان» لحماية المستهلك، حسان منور، استمرار ارتفاع الأسعار منذ شهور وأسابيع فقط قبل شهر رمضان عجز واضح عن إيجاد الحلول المناسبة لهذا المشكل، فهي تحاول منذ أشهر السيطرة على الأسعار والوفرة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، لكن محاولاتها لم تحقق الأهداف المرجوة، فكل الإجراءات وكل القوانين والتهديدات لم تأت بنتيجة بل بالعكس نسجل تدهورا في القدرة الشرائية وارتفاعا غير مبرر للأسعار، إلى جانب تسلّط المتعاملين الاقتصاديين الشرعيين وغير الشرعيين.
وقال المتحدّث بضرورة اتخاذ قرارات شجاعة لاحتواء أو التقليل على الأقل من الفوضى التي تعرفها السوق الوطنية، من خلال بناء المنشآت حتى ولو كانت شبه جاهزة لفتح أسواق جوارية جديدة، فمن غير المعقول أن توجد المساحات في البلديات لنصب الخيام فقط عند حلول شهر رمضان لبيع السلع، لماذا لا نقوم بهذا الإجراء طوال السنة على الأقل هي طريقة سهلة لا تتطلّب أموالا كثيرة، ستسمح لأعوان الرقابة القيام بالمهام المخولة إليهم من أجل ضمان النوعية وسلامة السلع، بالإضافة إلى سماحها بالتحكم وضبط السوق.
في ذات السياق، يرى منور أنّ ضبط السوق يبدأ بوضع خريطة فلاحية تمكّننا من معرفة ما سيغرسه الفلاح، ومتى سيتم جنيه، وهو المعمول به في كل الدول التي تحدّد الأسعار، حيث تجدها مهما كانت الظروف الطبيعية تعرف الأسعار زيادات قليلة لا تؤثّر على جيب المواطن، مؤكدا على ضرورة عودة السلطات ومنها وزارة التجارة إلى مهامها الأساسية كضبط السوق وإعداد القوانين وتطبيقها بالرقابة.
وكذا تفادي الخطاب السياسي غير المطمئن، فاليوم الجزائريون يجدون أن وزير التجارة يؤكد أنه بعد أسبوع ستنخفض أسعار البطاطا لكن لن يكون شيء بعد أسبوع، فهنا سيفقد الثقة في الخطاب السياسي؟ ما يجعله يلجأ إلى ضبط السوق بنفسه من خلال تخزين المواد الغذائية خوفا من الندرة، في المقابل يقوم التجار الفوضويون بالاحتكار السلبي، وهو ما خلق فوضى عارمة.
ومن خلال مثال بسيط، قال منور إنّ تجريم المحتكرين إجراء كان له انعكاس سلبي على المستثمرين الذي كانوا يقومون بضبط السوق، حيث استفادوا من قروض لبناء غرف تبريد لتخزين المنتجات الفلاحية، لكنهم وبعد إلقاء القبض على كثير منهم قاموا بغلقها خوفا من السجن، ما أثّر سلبا على السوق، فاليوم الفلاح يتعامل مع وسطاء فوضويّين يفرضون قانونهم في السوق، مؤكدا أن شهر الصيام سيكون صعبا على المستهلك، ونفس الشيء بالنسبة لرمضان 2022، لذلك ندعو المواطنين إلى استغلال الفرصة وتغيير نظامهم الغذائي أو ترشيد الاستهلاك.
أما عن قرار منح الترخيص لاستيراد البطاطا لكسر سعرها في السوق، تأسّف المتحدث لأن الجزائر ليست بحاجة إلى الاستيراد كل مرة تقع في أزمة، فيكفي خفض المواطن استهلاك البطاطا في انتظار موسم الجني، فـ «أنا كمواطن لا أقبل أن ندفع عملة صعبة لشراء البطاطا ونحن في أزمة»، أموال الخزينة العمومية تترك لما هو أكثر أهمية، مصرّحا أنّ جمعية «الأمان» ضد إجراء استيراد البطاطا وضد الحلول الترقيعية والسهلة، وقال «كان الأولى بالبحث عن حلول لمشكل نقص هذا المنتوج بدل اللجوء للاستيراد، خاصة وأنّ عدد سكان الجزائر قليل مقارنة بدول أخرى يفوق عدد سكانها 100 أو 200 نسمة»، مؤكّدا «أنّ السيادة الوطنية فوق كل شيء».
وأكّد أنّ القرارات غير المدروسة زرعت الهلع في المواطن لشعوره بالخوف الدائم من الندرة، وارتفاع الأسعار أو بقائه فريسة سهلة بين فكي المضاربين والمحتكرين، فمثلا ارتفاع سعر الحبوب في السوق العالمية بسبب أزمة روسيا وأوكرانيا جعل بعض المضاربين يخزّنون السميد ما خلق ندرة في السوق، وهو بالضبط ما يعرف بافتعال الأزمات.
في المقابل يملك المستهلك الجزائري سلوكيات سلبية فقدت روح التضامن والمواطنة والعقلانية وتعاليم الدين الإسلامي، والتحضر، في صورة تجسّد الأنانية بكل تفاصيلها، فالتضامن بين أفراد المجتمع يبدأ باقتناء ما يحتاجه الفرد فقط، حيث نرى أن الكثير من المواطنين يخصّصون مبلغا كبيرا لتخزين السلع رغم تدنّي القدرة الشّرائية.
وفي إحدى الولايات وبعد سقوط أمطار غزيرة غمرت المياه إحدى الشقق في الطّابق الأرضي ما استدعى تدخّل الحماية المدنية، عند إخراجهم لصاحبة الشقة طلبت منهم إخراج السّلع الموجودة في الخزانة، المفاجأة أنّها كانت 24 صفيحة زيت سعة 5 لتر، تخيّلوا معي أن يقوم كل مواطن بتخزين نفس العدد أو أقل، ألن يكون هذا كافيا لخلق النّدرة في السوق؟

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024