توجهت فايزة عنترى بوزار التي ترعرعت في عائلة تكرس الجمال والبراعة وفن العيش الحضري، بشكل طبيعي نحو عالم الإبداع في مجال تصميم الازياء، مستلهمة اعمالها من تراث اللباس الجزائري الذي يعود إلى قرون حيث قامت بتحديثه وتدويله ببراعة. وهدفها الأسمى هو الحفاظ على هذا الرمز للهوية الجزائرية.
تأثرت فايزة عنتري بوزار، التي ولدت من أب من مدينة مليانة وأم من قصبة الجزائر العاصمة الباسلة، وهي طفلة، بالمقربين منها مباشرة اي جدتها من أمها وأبويها وخالاتها، الذين نقلوا إليها رموز الكياسة وخصائص الملابس الخاصة بهاتين المدينتين ذات الماضي التاريخي المذهل.
وروت لوكالة الأنباء الجزائرية، عن جدتها سهيلة بنت بورصاص، التي تدين لها “بالكثير”، قائلة “في سن الثانية عشرة، ارتديت كاراكو (سترة احتفالية عاصمية من المخمل المطرز) جدتي، الذي ورثته عن اسلافها، في المدرسة لحضور عرض وعلمتني كيفية تعديل الوشاح الحريري التقليدي الذي يتناسب مع الكراكو محرمة الفتول “.
و حرصا على الاشادة بها استرسلت تقول “لقت نقلت لي مهارة لا تقدر بثمن قبل ان ترحل عنا الصيف الماضي عن عمر ناهز 83 سنة وحتى آخر يوم في حياتها لم تتوقف ابدا عن العيش في وسط الجمال والاناقة وكأنها عروس جديدة”.
و استكملت والدتها هذا الذوق الموروث للجماليات مع الحفاظعلى فن آخر، وهو فن المائدة الجميلة والسخية بالإضافة إلى التعامل الماهر مع مكونات الطبخ. من جهة اخرى، فإن حفيدة مؤسس دار المجوهرات المرموقة في الجزائر العاصمة، رشيد عنتري بوزار، والعالم الخاص الذي يحيط بفايزة لا يمكن الا أن يولد فيها شغفا بالصقل على خلفية من الأصالة.
وهذا ما جعلها تقتحم عالم الأزياء الراقية من خلال الاستثمار في دائرة الموضة الضيقة والصعبة، التي لا يبرز فيها سوى الموهوبين والأكثر ثباتا. وبذلك، كان
هدفها الأساسي منذ البداية “الحفاظ على روح” الزي الجزائري العريق، مع تكييفه بنجاح مع التطورات الجمالية والعملية للحاضر.
و حول هذا الموضوع، تقول: “أشعر بالاشمئزاز عندما أرى أن +محرمة الفتول+ مربوطة في حين أنه يجب تعديلها بواسطة دبابيس لؤلؤية أو ان +سروال الشلقة+ (السروال المشقوق المصاحب للكراكو) قصير جدا أو أن الفتحات مبالغ فيها”.
كما اضافت تقول “ يجب احترام قواعد اللباس التي يفرضها تواضع مجتمعنا كما يجب أن لا نكون مبتذلين بل في اقتراح دقيق لأن الاناقة ليست مبتذلة أبدا” مؤكدة أيضا على احترام المصطلح الاصلي لأجدادنا : “ هناك مصطلحات منبثقة عن التراث اللامادي وهي جزء من احتشام سكان المدينة “حضر” على سبيل “ سنيتا” وهو قماش يوضع تحت “ محرمة لفتول “ حتى لا تنزلق.
و في اطار تطوير مسارها المهني محليا الذي تناولت من خلاله اللباس العاصمي والجبة القبائلية والبلوزة الوهرانية والقفطان التلمساني والقندورةالشرقيةفان أزيائها ارتدتها فنانات على غرار سعاد ماسي وليلى بورسالي .
وفي سنة 2016، خطت خطوتها الأولى نحو العالمية قصد “ التعريف بثراء أزيائنا وتنوعها “ مما جعلها تبهر الجمهور الكندي ثم الأمريكي وغيرهما .
و قد نجحت موهبتها في اقناع ممثلين من هوليوود الى حد إلباس 7 منهم مثل ميكيا كوكس.
و اشارت فائزة عنتري بوزار تقول “ يتعلق الامر بالتكيف وعدم البقاء جامدين وفهم الرموز الدولية في هذا المجال مع الحفاظ على هويتنا من خلال دمج التسويق . فاذا كان المصمم اللبناني، ايلي صعب معروفا جدا فذلك لأن كان يعرف كيف يتكيف مع الزبائن الأجانب وتمكنه من إلباس هاري بيري “.
ولهذه القناعة ما يبررها عند فائزة حيث أثار تنوع مجموعتها “ الاعجاب من الخارج” وأن خبرتها خارج وطنها أثبتت أنها “ قادرة على رفع التحديإلباس الأجانب أيضا” من خلال التكيف مع مظهرهم وتطلعاتهم”.
في هذا الخصوص، صرحت المتحدثة “ كانت هذه التجربة ثرية بالنسبة لمساري لكنني أفضل متابعتها في الجزائر حتى أكون أقرب الى أطفالي” قبل أن تعود لتتحدث عن السنوات 10 من تجربتها التي احتفلت بها في سنة 2019 من خلال مجموعة ازياء خصصت ل “ العصور القديمة الجزائرية ومن يوبا الثاني الى سيليني التي تلخص اللباقة والاهتمام بالتفاصيل التي تميز عمل هذه الشغوفة بالتراث الجزائري.
ولدى تطرقها بالتدقيق لحملة “ نزع ملكية” التي يتم شنها منذ وقت ضد رموز الهوية الجزائرية، أكدت فائزة عنتري بوزار تقول “ يجب علينا ان ندافع عنها من خلال تثمين ثروتنا . فالمشكلة هي اننا كثيرا ما نعتقد وبشكل خاطئ انه لا يمكننا المضي قدما داعية الى “ استهلاك كل ما هو جزائري لأن آلاف العائلات تعيش من هذه الصناعات التقليدية”.