يجزم ممثلو منظمات نقابية، أنّ تطوير العمل النقابي في الجزائر، مرهون بتكوين الإطارات النقابية وكذا العمال، وهنا يبرز دور وزارة العمل والتشغيل في تحسين العمل النقابي الذي يحتاج إلى إصلاح.
تناضل النقابات العمالية المستقلة من أجل حصول العمال على حصة أكبر من حقوقهم المهنية والاجتماعية، من خلال اقتحامها قطاعات حيوية عديدة، كالصحة، التربية والتعليم، حيث كان تأثيرها واضح على القطاعات من خلال الاستجابة لمطالبها المهنية والاجتماعية من جهة، وحماية المكاسب العمالية من جهة أخرى، إلا أنها تبقى بحاجة إلى حريات أكبر لممارسة الفعل النقابي.
ويرى المتابعون للنشاط النقابي، أن إشراك المنظمات النقابية في تقييم وإثراء التشريع الساري المتعلق بممارسة الحق النقابي، يعد أمرا مهما تقتضيه الضرورة، لتفادي أي خلل في ممارسة العمل النقابي، حيث أكّدوا أهمية إشراك النقابات المستقلة في الدفاع عن حقوق العمال وحماية مكتسباتهم المهنية.
ويرى رئيس الاتحاد الوطني المستقل لموظفي الإدارة العامة جيلالي حمراني، أن النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية»سناباب»، سبق وطالبت بوضع ميثاق وطني لأخلقة ممارسة العمل النقابي وتعزيز آليات الحوار والتشاور، وإلزام الشركاء الاجتماعين بحوار وطني حول تطبيق بنود الميثاق، لأن المشكل المطروح هو كيفية تطبيق القوانين الحالية والتي تعتبر مناسبة، غير أنها تحتاج إلى تفعيل حقيقي يسمح بمعالجة الانشغالات المطروحة في عالم الشغل.
وأكّد المتحدّث، أنّ الدفاع عن حقوق العمال وتوفير الحماية النقابية يستدعي تفعيل دور المفتشيات للتدخل كوسيط لحل مشاكل التمثيل النقابي على المستوى المحلي، وكذا تفعيل دور كل من لجنة التحكيم الوطنية ومجلس الوظيفة العمومية اللذين لم يتم تفعيلها بالرغم من تنصيبها رسميا قبل عدة أشهر.
وأشار إلى مسألة التهميش التي يتعرض لها بعض الشركاء الاجتماعيين بقوله «يجب التركيز على حياد الإدارة والتعامل مع كل الشركاء الاجتماعيين بالتساوي دون إقصاء أو تهميش من أجل تعزيز اللحمة الوطنية وبلوغ الأهداف المسطرة، والتي تحتاج إلى مشاركة الجميع، ومن أجل تحسين ظروف العمال، دعت أيضا إلى تحيين بعض القوانين الاجتماعية التي أصبحت لا تواكب تطور المجتمع وعالم الشغل.
التّمييز أكبر العراقيل
في هذا الصدد، صرّح مسؤول التنظيم بنقابة مديري المدارس الابتدائية «سناداب»، صالح بوفراش، أن النقابات بالرغم من كثرتها لم تستطع أن تحقق بعض المطالب لعدة أسباب تتعلق بالتمييز بين النقابات ليس من خلال الطرح، بل باعتماد نقابة واحدة في الثلاثية على حساب باقي النقابات، التضييق على العمل النقابي من خلال عدم منح بعضها الاعتماد، وكذا عدم منحها المقر الوطني والمقررات الولائية، عدم الترخيص لها بالاجتماعات وتقديم الأعذار لذلك.
وعن الحماية النقابية - يضيف المتحدث - إن القوانين تكفلت بذلك، لكن التطبيق لا يعكس ذلك على أرض الواقع، وخلص إلى أنه وبالرغم من تعدد النقابات إلا أنّه سلاح ذو حدين.
واستطرد قائلا «إنّ النّقابات القطاعية لها الدراية الكافية بالأوضاع الخاصة بأعمال دفاعهم ممّا يمكنهم أكثر من غيرهم لاقتراح ما يجب لتحسين أوضاعهم وتحقيق مطالبهم»، من جهة أخرى، لما كل قطاع يبحث عن مصالحه على حساب القطاع الآخر، يؤدي إلى خلل بالوحدة العمالية، ونشوء طبقات على حساب الأخرى، وبالتالي تكثر الانشقاقات من خلال تصنيفات غير عادلة، وهذا ما نراه في الواقع، حسبه.
ميكانيزمات للحماية
أكّد بدوره ممثل المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار، عبد الله مقراني، أن العمل النقابي بحاجة إلى حماية أكبر حتى يقوم بالدور المنوط به، وهو الدفاع عن حقوق العمال، مشيرا إلى ضرورة تطبيق القوانين النقابية والمتغيرات الحالية، على اعتبار أن المنظومة القانونية الخاصة بممارسة العمل النقابي لم تعد صالحة في وقتنا الحالي، والتجربة الميدانية أثبتت عدم قدرة هذا النص القانوني على مواكبة مسيرة النشاط النقابي.
وقال المتحدّث، إنّ مراجعة قانون كيفيات ممارسة النشاط النقابي، يجب أن تتماشى مع مراعاة قواعد التمثيل الحقيقي للنقابات، حيث أشارت التنظيمات النقابية إلى ضرورة إعطاء حريات أكبر لممارسة النشاط النقابي، وفق ما يخدم الفعل النقابي التعددي الذي سوف يساهم في ارتقاء مفهوم الشراكة الإيجابية، المؤدية حتما لتجنب النزاعات الفردية والجماعية التي تكبد البلاد خسائر.
وبدوره قال الأمين العام للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين بوعلام عمورة، إنّ النقابات تعمل في ظروف صعبة ،لكنها تحرص دائما على تحقيق المطالب المهنية والاجتماعية للعامل، وهذا بالرغم من التهميش الذي تعانيه أحيانا، إلا أنها تحاول أن تقوم بدورها الفعلي المتمثل في الدفاع عن فئة هامة من المجتمع، في المقابل يفتقر العمل النقابي للحماية، حسبه.
وأكّدت النقابة ضرورة تطبيق القوانين وفق ما يتطابق والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، لاسيما الإتفاقيتين 87 و98 للمكتب الدولي للشغل، وكذا المادة 02 و04، مراجعة المادة 35 المتعلقة بالتمثيل النقابي الذي هو حاليا 35 بالمائة، موضّحا بخصوص قانون 90 / 14 أنّه لم يعد يواكب المتغيرات الحالية، كذلك تعدد النقابات في كل القطاعات، وعلى سبيل المثال في قطاع التربية يوجد 30 نقابة، ما يستدعي - حسبه - إعادة النظر في طريقة اعتماد النقابات.
منظمات تدعو لهامش أكبر من الحرية
أخلقة الممارسة النّقابية والتّطوير يحتاج إلى تكوين
خالدة بن تركي
شوهد:391 مرة